meta
dict
text
stringlengths
6
584k
annotation
dict
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 1, "aya_ini": 1, "aya_end": 1, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=1&tAyahNo=1&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
القول فـي تأويـل { بِسْمِ }. قال أبو جعفر: إن الله تعالـى ذكره وتقدست أسماؤه، أدّب نبـيه مـحمداً صلى الله عليه وسلم بتعلـيـمه تقديـم ذكر أسمائه الـحسنى أمام جميع أفعاله، وتقدم إلـيه فـي وصفه بها قبل جميع مهماته، وجعل ما أدبه به من ذلك وعلـمه إياه منه لـجميع خـلقه سنةً يستنون بها، وسبـيلاً يتبعونه علـيها، فـي افتتاح أوائل منطقهم وصدور رسائلهم وكتبهم وحاجاتهم حتـى أغنت دلالة ما ظهر من قول القائل «بسم الله»، علـى ما بطن من مراده الذي هو مـحذوف. وذلك أن البـاء من «بسم الله» مقتضيةٌ فعلاً يكون لها جالبـاً، ولا فعل معها ظاهر، فأغنت سامع القائل «بسم الله» معرفته بـمراد قائله من إظهار قائل ذلك مراده قولاً، إذ كان كل ناطق به عند افتتاحه أمراً قد أحضر منطقه به، إما معه وإما قبله بلا فصل، ما قد أغنى سامعه من دلالة شاهدة علـى الذي من أجله افتتـح قـيـله به. فصار استغناءُ سامع ذلك منه عن إظهار ما حذف منه، نظير استغنائه إذا سمع قائلاً قـيـل له: ما أكلت الـيوم؟ فقال: طعاماً، عن أن يكرّر الـمسؤول مع قوله «طعاماً» أكلت لـما قد ظهر لديه من الدلالة علـى أن ذلك معناه بتقدم مسألة السائل إياه عما أكل. فمعقول إذا أن قول القائل إذا قال: «بِسم الله الرحمن الرحيـم» ثم افتتـح تالـياً سورة، أن إتبـاعه «بسم الله الرحمن الرحيـم» تلاوةَ السورة، ينبىء عن معنى قوله: «بسم الله الرحمن الرحيـم» ومفهوم به أنه مريد بذلك أقرأُ بسم الله الرحمن الرحيـم. وكذلك قوله: «بسم الله» عند نهوضه للقـيام أو عند قعوده وسائر أفعاله، ينبىء عن معنى مراده بقوله «بسم الله»، وأنه أراد بقـيـله «بسم الله»: أقوم بسم الله، وأقعد بسم الله وكذلك سائر الأفعال. وهذا الذي قلنا فـي تأويـل ذلك، هو معنى قول ابن عبـاس، الذي: حدثنا به أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، قال: حدثنا أبو روق، عن الضحاك، عن عبد الله بن عبـاس، قال: إن أول ما نزل به جبريـل علـى مـحمد، قال: يا مـحمد، قل أستعيذ بـالسميع العلـيـم من الشيطان الرجيـم ثم قال: قل بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيـمِ قال: قال له جبريـل: قل بسم الله يا مـحمد. يقول: اقرأ بذكر الله ربك، وقم واقعد بذكر الله. قال أبو جعفر: فإن قال لنا قائل: فإن كان تأويـل قوله «بسم الله» ما وصفت، والـجالب «البـاء» فـي «بسم الله» ما ذكرت، فكيف قـيـل «بسم الله»، بـمعنى «اقرأ بسم الله»، أو «أقوم أو أقعد بسم الله»؟ وقد علـمت أن كل قارىء كتاب الله، فبعون الله وتوفـيقه قراءتُه، وأن كل قائم أو قاعد أو فـاعل فعلاً، فبـالله قـيامُه وقعوده وفعله؟ وهلاّ إذا كان ذلك كذلك، قـيـل: «بالله الرحمن الرحيـم»، ولـم يقل «بسم الله» فإن قول القائل: أقوم وأقعد بـالله الرحمن الرحيـم، أو أقرأ بـالله، أوضح معنى لسامعه من قوله «بسم الله»، إذ كان قوله أقوم وأقعد بسم الله، يوهم سامعه أن قـيامه وقعوده بـمعنى غير الله. قـيـل له: إن الـمقصود إلـيه من معنى ذلك، غير ما توهمته فـي نفسك. وإنـما معنى قوله «بسم الله»: أبدأ بتسمية الله وذكره قبل كل شيء، أو أقرأ بتسمية الله، أو أقوم وأقعد بتسمية الله وذكره لا أنه يعنـي بقـيـله «بسم الله»: أقوم بـالله، أو أقرأ بـالله فـيكون قول القائل: «أقرأ بـالله»، أو«أقوم وأقعد بـالله»، أولـى بوجه الصواب فـي ذلك من قوله «بسم الله». فإن قال: فإن كان الأمر فـي ذلك علـى ما وصفتَ، فكيف قـيـل «بسم الله» وقد علـمت أن الاسم اسم، وأن التسمية مصدر من قولك سَمَّيت؟. قـيـل: إن العرب قد تـخرج الـمصادر مبهمةً علـى أسماء مختلفة، كقولهم: أكرمت فلاناً كرامةً، وإنـما بناء مصدر «أفعلتُ» إذا أُخرج علـى فعله: «الإفعالُ»، وكقولهم: أهنت فلاناً هواناً، وكلـمته كلاماً. وبناء مصدر «فعَّلت» التفعيـل، ومن ذلك قول الشاعر: أكُفْراً بَعْدَ رَدّ الـمَوْتِ عَنِّـي وبَعْدَ عَطائِكَ الـمِائَةَ الرِّتاعا يريد: إعطائك. ومنه قول الآخر: وَإنْ كانَ هَذا البُخْـلُ مِنْكَ سَجِيَّةً لَقَدْ كُنْتُ فـي طَوْلـي رَجاءَكَ أشْعَبـا يريد: فـي إطالتـي رجاءك. ومنه قول الآخر: أظَلُومُ إنَّ مُصَابَكُمْ رَجُلا أهْدَى السَّلامَ تَـحِيَّةً ظُلْـمُ يريد إصابتكم. والشواهد فـي هذا الـمعنى تكثر، وفـيـما ذكرنا كفـاية، لـمن وفق لفهمه. فإذا كان الأمر علـى ما وصفنا من إخراج العرب مصادر الأفعال علـى غير بناء أفعالها كثـيراً، وكان تصديرها إياها علـى مخارج الأسماء موجوداً فـاشياً، تبـين بذلك صواب ما قلنا من التأويـل فـي قول القائل: «بسم الله»، أن معناه فـي ذلك عند ابتدائه فـي فعل أو قول: أبدأ بتسمية الله، قبل فعلـي، أو قبل قولـي. وكذلك معنى قول القائل عند ابتدائه بتلاوة القرآن: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيـمِ» إنـما معناه: أقرأ مبتدئاً بتسمية الله، أو أبتدىء قراءتـي بتسمية الله فجعل الاسم مكان التسمية، كما جعل الكلام مكان التكلـيـم، والعطاء مكان الإعطاء. وبـمثل الذي قلنا من التأويـل فـي ذلك، رُوي الـخبر عن عبد الله بن عبـاس. حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، قال: حدثنا أبو روق عن الضحاك، عن عبد الله بن عبـاس، قال: أول ما نزل جبريـل علـى مـحمد صلى الله عليه وسلم، قال: يا مـحمد، قل أستعيذ بـالسميع العلـيـم من الشيطان الرجيـم ثم قال: قل بسم الله الرحمن الرحيـم. قال ابن عبـاس: «بسم الله»، يقول له جبريـل: يا مـحمد اقرأ بذكر الله ربك، وقم واقعد بذكر الله. وهذا التأويـل من ابن عبـاس ينبىء عن صحة ما قلنا من أنه يراد بقول القائل مفتتـحا قراءته: «بسم الله الرحمن الرحيـم»: أقرأ بتسمية الله وذكره، وافتتـح القراءة بتسمية الله، بأسمائه الـحسنى، وصفـاته العلـى وفسادِ قول من زعم أن معنى ذلك من قائله: بـالله الرحمن الرحيـم فـي كل شيء، مع أن العبـاد إنـما أمروا أن يبتدئوا عند فواتـح أمورهم بتسمية الله لا بـالـخبر عن عظمته وصفـاته، كالذي أمروا به من التسمية علـى الذبـائح والصيد، وعند الـمطعم والـمشرب، وسائر أفعالهم، وكذلك الذي أمروا به من تسميته عند افتتاح تلاوة تنزيـل الله وصدور رسائلهم وكتبهم. ولا خلاف بـين الـجميع من علـماء الأمة، أن قائلاً لو قال عند تذكيته بعض بهائم الأنعام: «بـالله»، ولـم يقل «بسم الله»، أنه مخالف بتركه قـيـل «بسم الله» ما سُنّ له عند التذكية من القول. وقد علـم بذلك أنه لـم يرد بقوله «بسم الله»، «بـالله» كما قال الزاعم أن اسم الله فـي قول الله: «بسم الله الرحمن الرحيـم»، هو الله لأن ذلك لو كان كما زعم، لوجب أن يكون القائل عند تذكيته ذبـيحته «بـالله» قائلاً ما سُنّ له منّ القول علـى الذبـيحة. وفـي إجماع الـجميع علـى أن قائل ذلك تارك ما سُنّ له من القول علـى ذبـيحته، إذْا لـم يقل «بسم الله»، دلـيـل واضح علـى فساد ما ادعى من التأويـل فـي قول القائل «بسم الله» أنه مراد به بـالله، وأن اسم الله هو الله. ولـيس هذا الـموضع من مواضع الإكثار فـي الإبـانة عن الاسم، أهو الـمسمى أم غيره أم هو صفة له؟ فنطيـل الكتاب به، وإنـما هذا موضع من مواضع الإبـانة عن الاسم الـمضاف إلـى الله، أهو اسم أم مصدر بـمعنى التسمية؟ فإن قال قائل: فما أنت قائل فـي بـيت لبـيد بن ربـيعة: إلـى الـحَوْلِ ثُمَّ اسْمُ السَّلامِ عَلَـيْكُمَا وَمَنْ يَبْكِ حَوْلاً كامِلاً فقَدِ اعْتَذَرْ فقد تأوّله مقدم فـي العلـم بلغة العرب، أنه معنـيّ به: ثم السلام علـيكما، وأن اسم السلام هو السلام. قـيـل له: لو جاز ذلك وصحّ تأويـله فـيه علـى ما تأوّل، لـجاز أن يقال: رأيت اسم زيد، وأكلت اسم الطعام، وشربت اسم الشراب. وفـي إجماع جميع العرب علـى إحالة ذلك ما ينبىء عن فساد تأويـل من تأوّل قول لبـيد: «ثم اسم السلام علـيكما»، أنه أراد: ثم السلام علـيكما، وادعائه أن ادخال الاسم فـي ذلك وإضافته إلـى السلام إنـما جاز، إذْ كان اسم الـمسمى هو الـمسمى بعينه. ويُسأل القائلون قول من حكينا قوله هذا، فـيقال لهم: أتستـجيزون فـي العربـية أن يقال أكلت اسم العسل، يعنـي بذلك أكلت العسل، كما جاز عندكم اسم السلام علـيك، وأنتـم تريدون السلام علـيك؟ فإن قالوا: نعم خرجوا من لسان العرب، وأجازوا فـي لغتها ما تـخطئه جميع العرب فـي لغتها. وإن قالوا لا سئلوا الفرق بـينهما، فلن يقولوا فـي أحدهما قولاً إلاّ ألزموا فـي الآخر مثله. فإن قال لنا قائل: فما معنى قول لبـيد هذا عندك؟ قـيـل له: يحتـمل ذلك وجهين، كلاهما غير الذي قاله من حكينا قوله. أحدهما: أن «السلام» اسم من أسماء الله فجائز أن يكون لبـيد عنى بقوله: «ثم اسم السلام علـيكما»: ثم الْزَمَا اسم الله وذكره بعد ذلك، ودعا ذكري والبكاء علـيّ علـى وجه الإغراء. فرفع الاسم، إذْاً وأخّر الـحرف الذي يأتـي بـمعنى الإغراء. وقد تفعل العرب ذلك إذا أخرت الإغراء وقدمت الـمُغْرَى به، وإن كانت قد تنصب به وهو مؤخر. ومن ذلك قول الشاعر: يا أيُّها الـمَائِحُ دَلْوِي دُونَكَا إنـي رأيْتُ النَّاس يَحْمَدُونَكا فأغرى ب«دونك»، وهي مؤخرة وإنـما معناه: دونك دلوي. فكذلك قول لبـيد: إلـى الـحَوْلِ ثُمَّ اسْمُ السَّلامِ عَلَـيْكُمَا يعنـي: علـيكما اسم السلام، أي: الزما ذكر الله، ودعا ذكري والوجد بـي لأن من بكى حولاً علـى امرىء ميت فقد اعتذر. فهذا أحد وجهيه. والوجه الآخر منهما: ثم تسميتـي الله علـيكما، كما يقول القائل للشيء يراه فـيعجبه: «اسم الله علـيك» يعوّذه بذلك من السوء، فكأنه قال: ثم اسم الله علـيكما من السوء. وكأن الوجه الأول أشبه الـمعنـيـين بقول لبـيد. ويقال لـمن وجّه بـيت لبـيد هذا إلـى أن معناه: «ثم السلام علـيكما»: أترى ما قلنا من هذين الوجهين جائزاً، أو أحدهما، أو غير ما قلت فـيه؟ فإن قال: لا أبـان مقداره من العلـم بتصاريف وجوه كلام العرب، وأغنى خصمه عن مناظرته. وإن قال: بلـى قـيـل له: فما برهانك علـى صحة ما ادّعيت من التأويـل أنه الصواب دون الذي ذكرت أنه مـحتـمله من الوجه الذي يـلزمنا تسلـيـمه لك؟ ولا سبـيـل إلـى ذلك. وأما الـخبر الذي: حدثنا به إسماعيـل بن الفضل، قال: حدثنا إبراهيـم بن العلاء بن الضحاك، قال: حدثنا إسماعيـل بن عياش، عن إسماعيـل بن يحيى عن ابن أبـي ملـيكة، عمن حدثه عن ابن مسعود، ومسعر بن كدام، عن عطية، عن أبـي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن عِيسى ابْنَ مَرْيَـمَ أسْلَـمَتْهُ أُمُّهُ إلـى الكُتَّابِ لِـيُعَلِّـمَهُ، فَقالَ لَهُ الـمُعَلِّـمُ: اكْتُبْ بِسْمِ فَقَالَ له عِيسَى: وَما بِسْمِ؟ فَقالَ لَهُ الـمُعَلِّـمُ: ما أدْرِي فَقالَ عِيسىَ: البـاءُ: بَهاءُ اللَّهِ، وَالسِّينُ: سَناؤُهُ، وَالـمِيـمُ: مَـمْلَكَتُهُ " فأخشى أن يكون غلطاً من الـمـحدث، وأن يكون أراد: «ب س م»، علـى سبـيـل ما يعلـم الـمبتدى من الصبـيان فـي الكتاب حروفَ أبـي جاد. فغلط بذلك، فوصله فقال: «بسم» لأنه لا معنى لهذا التأويـل إذا تُلـي «بسم الله الرحمن الرحيـم» علـى ما يتلوه القارىء فـي كتاب الله، لاستـحالة معناه عن الـمفهوم به عند جميع العرب وأهل لسانها، إذا حمل تأويـله علـى ذلك. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { ٱللَّهِ }. قال أبو جعفر: وأما تأويـل قول الله: «الله»، فإنه علـى معنى ما رُوي لنا عن عبد الله بن عبـاس: هو الذي يَأْلَهه كل شيء، ويعبده كل خـلق. وذلك أن أبـا كريب: حدثنا قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، قال: حدثنا أبو روق، عن الضحاك، عن عبد الله بن عبـاس، قال: الله ذو الألوهية والـمعبودية علـى خـلقه أجمعين. فإن قال لنا قائل: فهل لذلك فـي «فَعَلَ ويَفْعَل» أصل كان منه بناء هذا الاسم؟ قـيـل: أما سماعاً من العرب فلا، ولكن استدلالاً. فإن قال: وما دلّ علـى أن الألوهية هي العبـادة، وأن الإله هو الـمعبود، وأن له أصلاً فـي فعل ويفعل؟ قـيـل: لا تـمانُعَ بـين العرب فـي الـحكم لقول القائل يصف رجلاً بعبـادة ويطلب مـما عند الله جل ذكره: تألّه فلان بـالصحة ولا خلاف. ومن ذلك قول رؤبة بن العجاج: لِلَّهِ دَرُّ الغانِـياتِ الـمُدَّةِ سَبَّحْنَ واسْتَرْجَعْنَ مِنْ تألُّهِي يعنـي من تعبدي وطلبـي الله بعمل. ولا شك أن التأله «التفعُّل» من: أَلَهَ يَأْلَهُ، وأن معنى «أَلَه» إذا نُطق به: عَبَد الله. وقد جاء منه مصدر يدل علـى أن العرب قد نطقت منه ب«فَعَل يفعل» بغير زيادة. وذلك ما: حدثنا به سفـيان بن وكيع، قال حدثنا أبـي، عن نافع بن عمر، عن عمرو بن دينار، عن ابن عبـاس، أنه قرأ: «وَيَذَرَكَ وَإلاهَتَكَ» قال: عبـادتك، ويُقال: إنه كان يُعْبَد ولا يَعْبَد. وحدثنا سفـيان، قال: حدثنا ابن عيـينة، عن عمرو بن دينار، عن مـحمد بن عمرو بن الـحسن، عن ابن عبـاس: «وَيَذَرَكَ وَإلاهَتَكَ» قال: إنـما كان فرعون يُعْبَد ولا يَعْبد. وكذلك كان عبد الله يقرؤها ومـجاهد. وحدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين بن داود، قال: أخبرنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، قوله: [«وَيَذَرَكَ وَإلاهَتَكَ»] قال: وعبـادتك. ولا شك أن الإلاهة علـى ما فسره ابن عبـاس ومـجاهد، مصدرٌ من قول القائل أَلَهَ اللَّهَ فلانٌ إلاهةً، كما يقال: عبد الله فلانٌ عبـادة، وعَبَر الرؤيا عبـارةً. فقد بـيّن قول ابن عبـاس ومـجاهد هذا أن أله: عبد، وأن الإلاهة مصدره. فإن قال: فإن كان جائزاً أن يقال لـمن عبد الله: ألهه، علـى تأويـل قول ابن عبـاس ومـجاهد، فكيف الواجب فـي ذلك أن يقال، إذا أراد الـمخبر الـخبر عن استـحباب الله ذلك علـى عبده؟ قـيـل: أما الرواية فلا رواية عندنا، ولكن الواجب علـى قـياس ما جاء به الـخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي: حدثنا به إسماعيـل بن الفضل، قال: حدثنا إبراهيـم بن العلاء، قال: حدثنا إسماعيـل بن عياش، عن إسماعيـل بن يحيى، عن ابن أبـي ملـيكة، عمن حدثه، عن ابن مسعود، ومسعر بن كدام، عن عطية العوفـي، عن أبـي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ عِيسَى أسْلَـمَتْهُ أُمُّهُ إلـى الكُتَّابِ لِـيُعَلِّـمَهُ، فَقالَ لَهُ الـمُعَلِّـمُ: اكْتُبْ اللَّهُ، فَقالَ لَهُ عِيسَى: أَتَدْرِي ما اللَّهُ؟ اللَّهُ إلَهُ الآلِهَةِ " أن يقال: الله جل جلاله أَلَهَ العَبْدَ، والعبدُ ألهه. وأن يكون قول القائل «الله» من كلام العرب أصله «الإله». فإن قال: وكيف يجوز أن يكون ذلك كذلك مع اختلاف لفظيهما؟ قيل: كما جاز أن يكون قوله: لَكِنَّ هُوَ اللَّهُ رَبِّـي أصله: «لكن أنا هو الله ربـي» كما قال الشاعر: وَتَرْمِيننِـي بـالطَّرْفِ أيْ أنْتَ مُذْنِبٌ وتَقْلِـينَنِـي لَكِنَّ إيَّاكِ لا أَقْلِـي يريد: «لكنْ أنا إياك لا أقلـي» فحذف الهمزة من «أنا»، فـالتقت نون «أنا» ونون «لكن» وهي ساكنة، فأدغمت فـي نون أنا، فصارتا نوناً مشددة، فكذلك الله، أصله الإله، أسقطت الهمزة، التـي هي فـاء الاسم، فـالتقت اللام التـي هي عين الاسم، واللام الزائدة التـي دخـلت مع الألف الزائدة، وهي ساكنة، فأدغمت فـي الأخرى التـي هي عين الاسم، فصارتا فـي اللفظ لاماً واحدة مشددة، كما وصفنا من قول الله: لَكِنَّ هُوَ اللَّهُ رَبِّـي. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { الرَّحْمنِ الرَّحِيـمِ }. قال أبو جعفر: أما الرحمن، فهو «فعلان»، من رحم، والرحيـم فعيـل منه. والعرب كثـيراً ما تبنى الأسماء من فعل يفعل علـى فعلان، كقولهم من غضب غضبـان، ومن سكر سكران، ومن عطش عطشان، فكذلك قولهم رحمٰن من رحم، لأن «فَعِلَ» منه: رَحِمَ يَرْحم. وقـيـل «رحيـم» وإن كانت عين فعل منها مكسورة، لأنه مدح. ومن شأن العرب أن يحملوا أبنـية الأسماء إذا كان فـيها مدح أو ذمّ علـى فعيـل، وإن كانت عين فَعِلَ منها مكسورة أو مفتوحة، كما قالوا من عَلِـمَ: عالـم وعلـيـم، ومن قدَر: قادر وقدير. ولـيس ذلك منها بناءً علـى أفعالها لأن البناء من «فَعِلَ يَفْعَل» «وَفَعَلَ يَفْعَلُ» فـاعل. فلو كان الرحمن والرحيـم خارجين على بناء أفعالهما لكانت صورتهما الراحم. فإن قال قائل: فإذا كان الرحمٰن والرحيـم اسمين مشتقـين من الرحمة، فما وجه تكرير ذلك وأحدهما مؤّد عن معنى الآخر؟ قـيـل له: لـيس الأمر فـي ذلك علـى ما ظننت، بل لكل كلـمة منهما معنى لا تؤَدي الأخرى منهما عنها. فإن قال: وما الـمعنى الذي انفردت به كل واحدة منهما، فصارت إحداهما غير مؤدية الـمعنى عن الأخرى؟ قـيـل: أما من جهة العربـية، فلا تـمانع بـين أهل الـمعرفة بلغات العرب أن قول القائل «الرحمن» عن أبنـية الأسماء من «فَعِلَ يَفْعَل» أشد عدولاً من قوله «الرحيـم». ولا خلاف مع ذلك بـينهم أن كل اسم كان له أصل فـي «فَعِلَ ويَفْعَل»، ثم كان عن أصله من فعل ويفعل أشدّ عدولاً، أن الـموصوف به مفضل علـى الـموصوف بـالاسم الـمبنـي علـى أصله من «فَعِلَ ويَفْعل» إذا كانت التسمية به مدحاً أو ذماً. فهذا ما فـي قول القائل «الرحمٰن» من زيادة الـمعنى علـى قوله: «الرحيـم» فـي اللغة. وأما من جهة الأثر والـخبر، ففـيه بـين أهل التأويـل اختلاف. فحدثنـي السريّ بن يحيى التـميـمي، قال: حدثنا عثمان بن زفر، قال: سمعت العرزمي يقول: «الرحمن الرحيـم» قال: الرحمن بجميع الـخـلق. «الرحيـم» قال: بـالـمؤمنـين. وحدثنا إسماعيـل بن الفضل، قال: حدثنا إبراهيـم بن العلاء، قال: حدثنا إسماعيـل بن عياش، عن إسماعيـل بن يحيى، عن ابن أبـي ملـيكة، عمن حدثه، عن ابن مسعود، ومسعر بن كدام، عن عطية العوفـي، عن أبـي سعيد يعنـي الـخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَـمَ قالَ: الرَّحْمَنُ: رَحْمَنُ الآخِرَةِ والدُّنْـيَا، والرَّحِيـمُ: رَحِيـمُ الآخِرَةِ " فهذان الـخبران قد أنبآ عن فرق ما بـين تسمية الله جل ثناؤه بـاسمه الذي هو «رحمن»، وتسميته بـاسمه الذي هو «رحيـم». واختلاف معنى الكلـمتـين، وإن اختلفـا فـي معنى ذلك الفرق، فدل أحدهما علـى أن ذلك فـي الدنـيا، ودل الآخر علـى أنه فـي الآخرة. فإن قال: فأيّ هذين التأويـلـين أولـى عندك بـالصحة؟ قـيـل: لـجميعهما عندنا فـي الصحة مخرج، فلا وجه لقول قائل: أيهما أولـى بـالصحة. وذلك أن الـمعنى الذي فـي تسمية الله بـالرحمن، دون الذي فـي تسميته بـالرحيـم هو أنه بـالتسمية بـالرحمن موصوف بعموم الرحمة جميع خـلقه، وأنه بـالتسمية بـالرحيـم موصوف بخصوص الرحمة بعض خـلقه، إما فـي كل الأحوال، وإما فـي بعض الأحوال. فلا شكّ إذا كان ذلك كذلك، أن ذلك الـخصوص الذي فـي وصفه بـالرحيـم لا يستـحيـل عن معناه، فـي الدنـيا كان ذلك أو فـي الآخرة، أو فـيهما جميعاً. فإذا كان صحيحاً ما قلنا من ذلك وكان الله جل ثناؤه قد خص عبـاده الـمؤمنـين فـي عاجل الدنـيا بـما لطف بهم فـي توفـيقه إياهم لطاعته، والإيـمان به وبرسله، واتبـاع أمره واجتناب معاصيه مـما خذل عنه من أشرك به فكفر، وخالف ما أمره به وركب معاصيه، وكان مع ذلك قد جعل جل ثناؤه ما أعد فـي آجل الآخرة فـي جناته من النعيـم الـمقـيـم والفوز الـمبـين لـمن آمن به وصدق رسله وعمل بطاعته خالصاً دون من أشرك وكفر به كان بـيِّناً أن الله قد خص الـمؤمنـين من رحمته فـي الدنـيا والآخرة، مع ما قد عمهم به والكفـار فـي الدنـيا، من الإفضال والإحسان إلـى جميعهم، فـي البسط فـي الرزق، وتسخير السحاب بـالغيث، وإخراج النبـات من الأرض، وصحة الأجسام والعقول، وسائر النعم التـي لا تـحصى، التـي يشترك فـيها الـمؤمنون والكافرون. فربنا جل ثناؤه رحمنُ جميع خـلقه فـي الدنـيا والآخرة، ورحيـم الـمؤمنـين خاصة فـي الدنـيا والآخرة. فأما الذي عمّ جميعهم به فـي الدنـيا من رحمته، فكان رحمانا لهم به، فما ذكرنا مع نظائره التـي لا سبـيـل إلـى إحصائها لأحد من خـلقه، كما قال جل ثناؤه: وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا [إبراهيم: 34] وأما فـي الآخرة، فـالذي عم جميعهم به فـيها من رحمته. فكان لهم رحماناً. تسويته بـين جميعهم جل ذكره فـي عدله وقضائه، فلا يظلـم أحداً منهم مِثْقَالَ ذَرَّةٍ، وَإنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيـماً، وتُوفَّـى كل نفس ما كسبت. فذلك معنى عمومه فـي الآخرة جميعهم برحمته الذي كان به رحماناً فـي الآخرة. وأما ما خص به الـمؤمنـين فـي عاجل الدنـيا من رحمته الذي كان به رحيـما لهم فـيها، كما قال جل ذكره: وكانَ بـالـمُؤْمِنِـينَ رَحِيـماً فما وصفنا من اللطف لهم فـي دينهم، فخصهم به دون من خذله من أهل الكفر به. وأما ما خصهم به فـي الآخرة، فكان به رحيـماً لهم دون الكافرين. فما وصفنا آنفـاً مـما أعدّ لهم دون غيرهم من النعيـم والكرامة التـي تقصر عنها الأمانـي. وأما القول الآخر فـي تأويـله، فهو ما: حدثنا به أبو كريب. قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، قال: حدثنا أبو روق، عن الضحاك، عن عبد الله بن عبـاس، قال: الرحمن الفعلان من الرحمة، وهو من كلام العرب. قال: الرحمن الرحيـم: الرقـيق الرفـيق بـمن أحبّ أن يرحمه، والبعيد الشديد علـى من أحبّ أن يعنف علـيه. وكذلك أسماؤه كلها. وهذا التأويـل من ابن عبـاس، يدل علـى أن الذي به ربنا رحمن هو الذي به رحيـم، وإن كان لقوله «الرحمن» من الـمعنى ما لـيس لقوله «الرحيـم» لأنه جعل معنى الرحمن بـمعنى الرقـيق علـى من رقّ علـيه، ومعنى الرحيـم بـمعنى الرفـيق بـمن رفق به. والقول الذي رويناه فـي تأويـل ذلك عن النبـي صلى الله عليه وسلم وذكرناه عن العرزمي، أشبه بتأويـله من هذا القول الذي روينا عن ابن عبـاس وإن كان هذا القول موافقاً معناه معنى ذلك، فـي أن للرحمن من الـمعنى ما لـيس للرحيـم، وأن للرحيـم تأويلاً غير تأويـل الرحمن. والقول الثالث فـي تأويـل ذلك، ما: حدثنـي به عمران بن بكار الكلاعي، قال: حدثنا يحيى بن صالـح، قال: حدثنا أبو الأزهر نصر بن عمرو اللـخمي من أهل فلسطين، قال: سمعت عطاء الـخراسانـي، يقول: كان الرحمن، فلـما اختزل الرحمن من اسمه كان الرحمن الرحيـم. والذي أراد إن شاء الله عطاء بقوله هذا: أن الرحمن كان من أسماء الله التـي لا يتسمى بها أحد من خـلقه، فلـما تسمى به الكذّاب مسيـلـمة وهو اختزاله إياه، يعنـي اقتطاعه من أسمائه لنفسه أخبر الله جلّ ثناؤه أن اسمه الرحمن الرحيـم، لـيفصل بذلك لعبـاده اسمه من اسم من قد تسمى بأسمائه، إذ كان لا يُسمَّى أحد الرحمن الرحيـم فـيجمع له هذان الاسمان غيره جل ذكره وإنـما تسمى بعض خـلقه إما رحيـماً، أو يتسمى رحمن، فأما «رحمٰن رحيـم»، فلـم يجتـمعا قط لأحد سواه، ولا يجمعان لأحد غيره. فكأن معنى قول عطاء هذا: أن الله جل ثناؤه إنـما فصل بتكرير الرحيـم علـى الرحمن بـين اسمه واسم غيره من خـلقه، اختلف معناهما أو اتفقا. والذي قال عطاء من ذلك غير فـاسد الـمعنى، بل جائز أن يكون جل ثناؤه خص نفسه بـالتسمية بهما معاً مـجتـمعين إبـانة لها من خـلقه، لـيعرف عبـاده بذكرهما مـجموعين أنه الـمقصود بذكرهما دون من سواه من خـلقه، مع ما فـي تأويـل كل واحد منهما من الـمعنى الذي لـيس فـي الآخر منهما. وقد زعم بعض أهل الغبـاء أن العرب كانت لا تعرف الرحمن ولـم يكن ذلك فـي لغتها ولذلك قال الـمشركون للنبـي صلى الله عليه وسلم: وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لـما تَأْمُرُنَا إنكاراً منهم لهذا الاسم. كأنه كان مـحالاً عنده أن ينكر أهل الشرك ما كانوا عالـمين بصحته، أو كأنه لـم يتل من كتاب الله قولَ الله: ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ [البقرة: 146] يعنـي مـحمداً كَمَا يَعْرِفُونَ أبْنَاءَهُمْ [البقرة: 146] وهم مع ذلك به مكذبون، ولنبّوته جاحدون. فـيعلـم بذلك أنهم قد كانوا يدافعون حقـيقة ما قد ثبت عندهم صحته واستـحكمت لديهم معرفته. وقد أنشد لبعض الـجاهلـية الـجهلاء: ألاَ ضَرَبَتْ تِلْكَ الفَتاةُ هَجِينَها ألاَ قَضَبَ الرَّحْمَنُ رَبّـي يَـمِينَها وقال سلامة بن جندل الطهوي: عَجِلْتُـمْ عَلَـيْنَا عَجْلَتَـيْنا عَلَـيْكُمُ وَما يَشاء الرَّحْمَنُ يَعْقِدْ ويُطْلِقِ وقد زعم أيضاً بعض من ضعفت معرفته بتأويـل أهل التأويـل، وقلت روايته لأقوال السلف من أهل التفسير، أن «الرحمن» مـجازه «ذو الرحمة»، و«الرحيـم» مـجازه «الراحم». ثم قال: قد يقدرون اللفظين من لفظ والـمعنى واحد، وذلك لاتساع الكلام عندهم. قال: وقد فعلوا مثل ذلك، فقالوا: ندمان ونديـم. ثم استشهد بقول بُرْج بن مسهر الطائي: ونَدْمانٍ يَزِيدُ الكأسَ طِيبَـا سَقَـيْتُ وقَدْ تَغَوَّرَتِ النُّـجُومُ واستشهد بأبـيات نظائر له فـي النديـم والندمان. ففرق بـين معنى الرحمن والرحيـم فـي التأويـل، لقوله: الرحمن ذو الرحمة، والرحيـم: الراحم. وإن كان قد ترك بـيان تأويـل معنـيهما علـى صحته. ثم مثل ذلك بـاللفظين يأتـيان بـمعنى واحد، فعاد إلـى ما قد جعله بـمعنـيـين، فجعله مثال ما هو بـمعنى واحد مع اختلاف الألفـاظ. ولا شك أن ذا الرحمة هو الذي ثبت أن له الرحمة وصح أنها له صفة، وأن الراحم هو الـموصوف بأنه سيرحم، أو قد رحم فـانقضى ذلك منه، أو هو فـيه. ولا دلالة له فـيه حينئذ أن الرحمة له صفة، كالدلالة علـى أنها له صفة إذا وصفه بأنه ذو الرحمة. فأين معنى الرحمن الرحيـم علـى تأويـله من معنى الكلـمتـين يأتـيان مقدرتـين من لفظ واحد بـاختلاف الألفـاظ واتفـاق الـمعانـي؟ ولكن القول إذا كان غير أصل معتـمد علـيه كان واضح عُوَارُه. وإن قال لنا قائل: ولـم قدم اسم الله الذي هو الله علـى اسمه الذي هو الرحمن، واسمه الذي هو الرحمن علـى اسمه الذي هو الرحيـم؟ قـيـل: لأن من شأن العرب إذا أرادوا الـخبر عن مخبر عنه أن يقدموا اسمه، ثم يُتبعوه صفـاته ونعوته. وهذا هو الواجب فـي الـحكم: أن يكون الاسم مقدماً قبل نعته وصفته، لـيعلـم السامع الـخبر عمن الـخبر فإذا كان ذلك كذلك، وكان لله جل ذكره أسماء قد حرم علـى خـلقه أن يتسموا بها خص بها نفسه دونهم، ذلك مثل «الله»، و«الرحمن» و«الـخالق» وأسماء أبـاح لهم أن يسمي بعضهم بعضاً بها، وذلك كالرحيـم، والسميع، والبصير، والكريـم، وما أشبه ذلك من الأسماء كان الواجب أن يقدم أسماءه التـي هي له خاصة دون جميع خـلقه، لـيعرف السامع ذلك من توجه إلـيه الـحمد والتـمـجيد ثم يتبع ذلك بأسمائه التـي قد تسمى بها غيره، بعد علـم الـمخاطب أو السامع من توجه إلـيه ما يتلو ذلك من الـمعانـي. فبدأ الله جل ذكره بـاسمه الذي هو الله لأن الألوهية لـيست لغيره جل ثناؤه بوجه من الوجوه، لا من جهة التسمي به، ولا من جهة الـمعنى. وذلك أنا قد بـينا أن معنى الله هو الـمعبود، ولا معبود غيره جل جلاله، وأن التسمي به قد حرمه الله جل ثناؤه، وإن قصد الـمتسمي به ما يقصد الـمتسمي بسعيد وهو شقـيّ، وبحَسَن وهو قبـيح. أَوَ لا ترى أن الله جل جلاله قال فـي غير آية من كتابه: أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ [النمل: 60] فـاستكبر ذلك من الـمقرّ به، وقال تعالـى فـي خصوصية نفسه بـالله وبـالرحمن: قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ أَيّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلأسْمَاء ٱلْحُسْنَىٰ [الإسراء: 110] ثم ثنَّى بـاسمه، الذي هو الرحمن، إذْ كان قد منع أيضاً خـلقه التسمي به، وإن كان من خـلقه من قد يستـحق تسميته ببعض معانـيه وذلك أنه قد يجوز وصف كثـير مـمن هو دون الله من خـلقه ببعض صفـات الرحمة، وغير جائز أن يستـحق بعض الألوهية أحد دونه فلذلك جاء الرحمٰن ثانـياً لاسمه الذي هو الله». وأما اسمه الذي هو «الرحيـم» فقد ذكرنا أنه مـما هو جائز وصف غيره به. والرحمة من صفـاته جل ذكره، فكان إذ كان الأمر علـى ما وصفنا، واقعاً مواقع نعوت الأسماء اللواتـي هن توابعها بعد تقدم الأسماء علـيها. فهذا وجه تقديـم اسم الله الذي هو «الله» علـى اسمه الذي هو «الرحمن»، واسمه الذي هو «الرحمن» علـى اسمه الذي هو «الرحيـم». وقد كان الـحسن البصري يقول فـي الرحمن مثل ما قلنا، أنه من أسماء الله التـي منع التسمي بها لعبـاده. حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا حماد بن مسعدة، عن عوف، عن الـحسن، قال: الرحمن اسم مـمنوع. مع أن فـي إجماع الأمة مِن منع التسمي به جميع الناس ما يغنـي عن الاستشهاد علـى صحة ما قلنا فـي ذلك بقول الـحسن وغيره.
{ "aya": [ { "start": 15988, "end": 16036 }, { "start": 18959, "end": 19006 }, { "start": 19035, "end": 19065 }, { "start": 21684, "end": 21708 }, { "start": 21795, "end": 21894 } ], "hadith": [ { "start": 8432, "end": 8714 }, { "start": 11332, "end": 11511 }, { "start": 14194, "end": 14310 } ], "verse": [ { "start": 3132, "end": 3170 }, { "start": 3171, "end": 3208 }, { "start": 3239, "end": 3281 }, { "start": 3282, "end": 3325 }, { "start": 3367, "end": 3399 }, { "start": 3400, "end": 3435 }, { "start": 5920, "end": 5969 }, { "start": 5970, "end": 6015 }, { "start": 7275, "end": 7312 }, { "start": 7313, "end": 7346 }, { "start": 7414, "end": 7463 }, { "start": 9794, "end": 9830 }, { "start": 9831, "end": 9869 }, { "start": 11777, "end": 11822 }, { "start": 11823, "end": 11866 }, { "start": 19241, "end": 19280 }, { "start": 19281, "end": 19322 }, { "start": 19350, "end": 19398 }, { "start": 19399, "end": 19440 }, { "start": 19754, "end": 19786 }, { "start": 19787, "end": 19826 } ] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 1, "aya_ini": 2, "aya_end": 2, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=1&tAyahNo=2&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
قال أبو جعفر: معنى: { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ }: الشكر خالصاً لله جل ثناؤه دون سائر ما يُعْبَد من دونه، ودون كل ما برأ من خـلقه، بـما أنعم علـى عبـاده من النعم التـي لا يحصيها العدد ولا يحيط بعددها غيره أحد، فـي تصحيح الآلات لطاعته، وتـمكين جوارح أجسام الـمكلفـين لأداء فرائضه، مع ما بسط لهم فـي دنـياهم من الرزق وغذاهم به من نعيـم العيش من غير استـحقاق منهم لذلك علـيه، ومع ما نبههم علـيه ودعاهم إلـيه من الأسبـاب الـمؤدية إلـى دوام الـخـلود فـي دار الـمقام فـي النعيـم الـمقـيـم. فلربنا الـحمد علـى ذلك كله أولاً وآخراً. وبـما ذكرنا من تأويـل قول ربنا جل ذكره وتقدست أسماؤه: { الـحَمْدُ لِلَّهِ } جاء الـخبر عن ابن عبـاس وغيره: حدثنا مـحمد بن العلاء، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، قال: حدثنا أبو روق عن الضحاك، عن ابن عبـاس، قال: قال جبريـل لـمـحمد: «قل يا مـحمد: الـحمد لله». قال ابن عبـاس: الـحمد لله: هو الشكر، والاستـخذاء لله، والإقرار بنعمته وهدايته وابتدائه، وغير ذلك. وحدثنـي سعيد بن عمرو السكونـي، قال: حدثنا بقـية بن الولـيد، قال: حدثنـي عيسى بن إبراهيـم، عن موسى بن أبـي حبـيب، عن الـحكم بن عمير وكانت له صحبة قال: قال النبـي صلى الله عليه وسلم: " إذَا قُلْتَ الـحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ العَالـمِينَ، فَقَدْ شَكَرْتَ اللَّهَ فَزَادَكَ " قال: وقد قـيـل إن قول القائل: الـحَمْدُ لِلَّهِ ثناء علـى الله بأسمائه وصفـاته الـحسنى، وقوله: «الشكر لله» ثناء علـيه بنعمه وأياديه. وقد رُوي عن كعب الأحبـار أنه قال: الـحمد لله ثناء علـى الله. ولـم يبـين فـي الرواية عنه من أيّ معنـى الثناء الذي ذكرنا ذلك. حدثنا يونس بن عبد الأعلـى الصدفـي، قال: أنبأنا ابن وهب، قال: حدثنـي عمر بن مـحمد، عن سهيـل بن أبـي صالـح، عن أبـيه، قال: أخبرنـي السلولـي، عن كعب قال: من قال: «الـحمد لله» فذلك ثناء علـى الله. وحدثنـي علـيّ بن الـحسن الـخراز، قال: حدثنا مسلـم بن عبد الرحمن الـجرمي، قال: حدثنا مـحمد بن مصعب القرقسانـي، عن مبـارك بن فضالة، عن الـحسن، عن الأسود بن سريع، أن النبـيّ صلى الله عليه وسلم قال: " لَـيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إلَـيْهِ الـحَمْدُ مِنَ اللَّهِ تَعالـى، ولِذَلِكَ أَثْنَى علـى نَفْسِهِ فَقالَ: الـحَمْدُ لِلَّهِ " قال أبو جعفر: ولا تَـمَانُع بـين أهل الـمعرفة بلغات العرب من الـحكم لقول القائل: الـحَمْدُ لِلَّهِ شكراً بـالصحة. فقد تبـين إذ كان ذلك عند جميعهم صحيحاً، أن الـحمد لله قد يُنْطَق به فـي موضع الشكر، وأن الشكر قد يوضع موضع الـحمد، لأن ذلك لو لـم يكن كذلك لـما جاز أن يقال الـحمد لله شكراً، فـيخرج من قول القائل «الـحمد لله» مُصدَّر «أشكُر»، لأن الشكر لو لـم يكن بـمعنى الـحمد، كان خطأ أن يصدر من الـحمد غير معناه وغير لفظه. فإن قال لنا قائل: وما وجه إدخال الألف واللام فـي الـحمد؟ وهلاَّ قـيـل: حمداً لله ربّ العالـمين قـيـل: إن لدخول الألف واللام فـي الـحمد معنى لا يؤديه قول القائل «حمداً»، بإسقاط الألف واللام وذلك أن دخولهما فـي الـحمد منبىءٌ علـى أن معناه: جميع الـمـحامد والشكر الكامل لله. ولو أُسقطتا منه لـما دلّ إلا علـى أن حَمْدَ قائلِ ذلك لله، دون الـمـحامد كلها. إذْ كان معنى قول القائل: «حمداً لله» أو «حمدٌ الله»: أحمد الله حمداً، ولـيس التأويـل فـي قول القائل: { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } تالـياً سورة أم القرآن أحمد الله، بل التأويـل فـي ذلك ما وصفنا قبل من أن جميع الـمـحامد لله بألوهيته وإنعامه علـى خـلقه، بـما أنعم به علـيهم من النعم التـي لا كفء لها فـي الدين والدنـيا والعاجل والآجل. ولذلك من الـمعنى، تتابعت قراءة القراء وعلـماء الأمة علـى رفع الـحمد من: { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } دون نصبها، الذي يؤدي إلـى الدلالة علـى أن معنى تالـيه كذلك: أحمد الله حمداً. ولو قرأ قارىء ذلك بـالنصب، لكان عندي مـحيلاً معناه ومستـحقّاً العقوبة علـى قراءته إياه كذلك إذا تعمد قراءته كذلك وهو عالـم بخطئه وفساد تأويـله. فإن قال لنا قائل: وما معنى قوله: الـحمد لله؟ أَحَمَد اللَّهُ نفسَه جل ثناؤه فأثنى علـيها، ثم عَلَّـمناه لنقول ذلك كما قال ووصف به نفسه؟ فإن كان ذلك كذلك، فما وجه قوله تعالـى ذكره إذا: إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحه: 5] وهو عز ذكره معبود لا عابد؟ أم ذلك من قـيـل جبريـل أو مـحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقد بطل أن يكون ذلك لله كلاماً. قـيـل: بل ذلك كله كلام الله جل ثناؤه ولكنه جل ذكره حمد نفسه وأثنى علـيها بـما هو له أهل، ثم عَلَّـم ذلك عبـاده وفرض علـيهم تلاوته، اختبـاراً منه لهم وابتلاء، فقال لهم: قولوا «الـحمد لله ربّ العالـمين» وقولوا: إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحه: 5] فقوله: إياك نعبد، مـما عَلَّـمَهم جل ذكره أن يقولوه ويدينوا له بـمعناه. وذلك موصول بقوله الـحمد لله ربّ العالـمين، وكأنه قال: قولوا هذا وهذا. فإن قال: وأين قوله: «قولوا» فـيكون تأويـل ذلك ما ادّعيت؟ قـيـل: قد دللنا فـيـما مضى أن العرب من شأنها إذا عرفت مكان الكلـمة ولـم تشك أن سامعها يعرف بـما أظهرت من منطقها ما حذفت، حَذْفُ ما كفـى منه الظاهر من منطقها، ولا سيـما إن كانت تلك الكلـمة التـي حذفت قولاً أو تأويـل قول، كما قال الشاعر: واعْلَـمُ أنَّنـي سأكُونُ رَمْسا إذَا سارَ النَّوَاعجُ لا يَسيرُ فَقالَ السَّائلُونَ لِـمَنْ حَفَرْتُـمْ فَقالَ الـمُخْبرُونَ لَهُمْ وَزيرُ قال أبو جعفر: يريد بذلك: فقال الـمخبرون لهم: الـميت وزير، فأسقط «الـميت»، إذ كان قد أتـى من الكلام بـما يدل علـى ذلك. وكذلك قول الآخر: ورَأيْتِ زَوْجَكِ فـي الوَغَى مُتَقَلِّداً سَيْفـاً وَرُمْـحَا وقد علـم أن الرمـح لا يتقلد، وأنه إنـما أراد: وحاملاً رمـحاً. ولكن لـما كان معلوماً معناه اكتفـى بـما قد ظهر من كلامه عن إظهار ما حذف منه. وقد يقولون للـمسافر إذا ودّعوه: مُصَاحَبـاً مُعافـى، يحذفون سِرْ واخْرُجْ إذْ كان معلوماً معناه وإن أسقط ذكره. فكذلك ما حُذِف من قول الله تعالـى ذكره: { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } لـمَّا عُلِـم بقوله جل وعزّ: إياك نَعْبُد [الفاتحه: 5] ما أراد بقوله: الـحمد لله ربّ العالـمين من معنى أمره عبـاده، أغنت دلالة ما ظهر علـيه من القول عن إبداء ما حُذف. وقد روينا الـخبر الذي قدمنا ذكره مبتدأ فـي تنزيل قول الله: { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } عن ابن عبـاس، وأنه كان يقول: إن جبريـل قال لـمـحمد: قل يا مـحمد: الـحمد لله ربّ العالـمين. وبَـيَّنا أن جبريـل إنـما عَلَّـمَ مـحَمَّداً صلى الله عليه وسلم ما أُمِر بتعلـيـمه إياه. وهذا الـخبر ينبىء عن صحة ما قلنا فـي تأويـل ذلك. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { رَبِّ }. قال أبو جعفر: قد مضى البـيان عن تأويـل اسم الله الذي هو «الله» فـي «بسم الله»، فلا حاجة بنا إلـى تكراره فـي هذا الـموضع. وأما تأويـل قوله «رَبّ»، فإن الربَّ فـي كلام العرب متصرف علـى معان: فـالسيد الـمطاع فـيها يدعى ربًّـا، ومن ذلك قول لبـيد بن ربـيعة: وأهْلَكْنَ يَوْماً رَبَّ كِنْدَةَ وابنَه وَرَبَّ مَعَدّ بـينَ خَبْتٍ وعَرْعَرِ يعنـي ربّ كندة: سيدَ كندة. ومنه قول نابغة بنـي ذبـيان: تَـخُبُّ إلـى النُّعْمانِ حَتَّـى تَنالَهُ فِدًى لَكَ منْ رَبَ طَريفي وتالِدِي والرجل الـمصلـح للشيء يدعى رَبًّـا. ومنه قول الفرزدق بن غالب: كانُوا كسَالِئَةٍ حَمْقاءَ إذْ حَقَنَتْ سِلاءَها فـي أدِيـمٍ غَيْرِ مَرْبُوبِ يعنـي بذلك فـي أديـم غير مصلـح. ومن ذلك قـيـل: إن فلاناً يَرُبُّ صنـيعته عند فلان، إذا كان يحاول إصلاحها وإدامتها. ومن ذلك قول علقمة بن عبدة: فكنْتَ امْرَأً أفْضَتْ إلَـيْكَ رِبـابَتـي وقَبْلَكَ رَبَّتْنـي فَضِعْتُ رُبُوبُ يعنـي بقوله أفضت إلـيك: أي وصلت إلـيك ربـابتـي، فصرت أنت الذي ترب أمري فتصلـحه لـما خرجتُ من ربـابة غيرك من الـملوك الذين كانوا قبلك علـيّ، فضيعوا أمري وتركوا تفقده. وهم الرُّبوب واحدهم رَبٌّ والـمالك للشيء يدعى رَبّه. وقد يتصرّف أيضاً معنى الرب فـي وجوه غير ذلك، غير أنها تعود إلـى بعض هذه الوجوه الثلاثة. فربنا جل ثناؤه، السيد الذي لا شِبْه له، ولا مثل فـي سؤدده، والـمصلـح أمر خـلقه بـما أسبغ علـيهم من نعمه، والـمالك الذي له الـخـلق والأمر. وبنـحو الذي قلنا فـي تأويـل قوله جل ثناؤه رَبّ العالَـمِينَ جاءت الرواية عن ابن عبـاس. حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، قال: حدثنا أبو روق عن الضحاك، عن ابن عبـاس، قال: قال جبريـل لـمـحمد: «يا مـحمد قل الـحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ العالَـمِينَ». قال ابن عبـاس: يقول قل الـحمد لله الذي له الـخـلق كله، السموات كلهن ومن فـيهن، والأرَضون كلهن ومن فـيهن وما بـينهن، مـما يُعلـم ومـما لا يُعلـم. يقول: اعلـم يا مـحمد أن ربك هذا لا يشبهه شيء. القول فـي تأويـل قوله [تعالـى]: { ٱلْعَـٰلَمِينَ }. قاله أبو جعفر: والعالـمون جمع عالـم، والعالَـم جمع لا واحد له من لفظه، كالأنامِ والرهط والـجيش ونـحو ذلك من الأسماء التـي هي موضوعات علـى جماع لا واحد له من لفظه. والعالَـم اسم لأصناف الأمـم، وكل صنف منها عالَـم، وأهل كل قرن من كل صنف منها عالَـم ذلك القرن وذلك الزمان، فـالإنس عالـم وكل أهل زمان منهم عالَـم ذلك الزمان. والـجن عالَـم، وكذلك سائر أجناس الـخـلق، كل جنس منها عالـم زمانه. ولذلك جُمِع فقـيـل «عالَـمون»، وواحده جمع لكون عالَـم كل زمان من ذلك عالَـم ذلك الزمان. ومن ذلك قول العجاج: فَخِنْدِفُ هامَةُ هَذَا العالَـمِ فجعلهم عالـم زمانه. وهذا القول الذي قلناه قولُ ابن عبـاس وسعيد بن جبـير، وهو معنى قول عامة الـمفسرين. حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، قال: حدثنا أبو روق عن الضحاك، عن ابن عبـاس: { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } الـحمد لله الذي له الـخـلق كله، السموات والأرض ومن فـيهن وما بـينهن، مـما يُعلـم ولا يُعلـم. وحدثنـي مـحمد بن سنان القزاز، قال: حدثنا أبو عاصم، عن شبـيب، عن عكرمة، عن ابن عبـاس: ربّ العالـمين: الـجنّ والإنس. وحدثنـي علـيّ بن الـحسن، قال: حدثنا مسلـم بن عبد الرحمن، قال: حدثنا مصعب، عن قـيس بن الربـيع، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس، فـي قول الله جل وعزّ: ربّ العالـمين: قال: ربّ الـجن والإنس. وحدثنا أحمد بن إسحاق بن عيسى الأهوازي، قال: حدثنا أبو أحمد الزبـيري، قال: حدثنا قـيس، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبـير، قوله: { رَبِّ #1649;لْعَـٰلَمِينَ } قال: الـجن والإنس. وحدثنـي أحمد بن عبد الرحيـم البرقـي، قال: حدثنـي ابن أبـي مريـم، عن ابن لهيعة، عن عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبـير، قوله: { رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } قال: ابن آدم، والـجن والإنس كل أمة منهم عالَـم علـى حِدَته. وحدثنـي مـحمد بن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفـيان، عن مـجاهد: { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } قال: الإنس والـجنّ. وحدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي، قال: حدثنا أبو أحمد الزبـيري، عن سفـيان، عن رجل، عن مـجاهد: بـمثله. وحدثنا بشر بن معاذ العقدي، قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة: { رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } قال: كل صنف: عالَـم. وحدثنـي أحمد بن حازم الغفـاري، قال: حدثنا عبـيد الله بن موسى، عن أبـي جعفر، عن ربـيع بن أنس، عن أبـي العالـية، فـي قوله: { رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } قال: الإنس عالَـم، والـجن عالَـم، وما سوى ذلك ثمانـية عشر ألف عالـم، أو أربعة عشر ألف عالـم هو يشك من الـملائكة علـى الأرض، وللأرض أربع زوايا، فـي كل زاوية ثلاثة آلاف عالـم وخمسمائة عالـم، خـلقهم لعبـادته. وحدثنا القاسم بن الـحسن، قال: حدثنا الـحسين بن داود، قال: حدثنا حجاح، عن ابن جريج، فـي قوله: { رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } قال: الـجن والإنس.
{ "aya": [ { "start": 3571, "end": 3609 }, { "start": 3953, "end": 3991 }, { "start": 5138, "end": 5150 } ], "hadith": [ { "start": 1078, "end": 1164 }, { "start": 1810, "end": 1935 } ], "verse": [ { "start": 4440, "end": 4472 }, { "start": 4473, "end": 4504 }, { "start": 4505, "end": 4544 }, { "start": 4545, "end": 4579 }, { "start": 4715, "end": 4744 }, { "start": 4745, "end": 4777 }, { "start": 5900, "end": 5940 }, { "start": 5941, "end": 5978 }, { "start": 6034, "end": 6076 }, { "start": 6077, "end": 6112 }, { "start": 6175, "end": 6214 }, { "start": 6215, "end": 6252 }, { "start": 6395, "end": 6437 }, { "start": 6438, "end": 6475 }, { "start": 7933, "end": 7966 } ] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 1, "aya_ini": 3, "aya_end": 3, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=1&tAyahNo=3&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
قال أبو جعفر: قد مضى البـيان عن تأويـل قوله «الرحمن الرحيـم»، فـي تأويـل «بسم الله الرحمن الرحيـم»، فأغنى ذلك عن إعادته فـي هذا الـموضع. ولـم يحتـج إلـى الإبـانة عن وجه تكرير الله ذلك فـي هذا الـموضع، إذ كنا لا نرى أن «بسم الله الرحمن الرحيـم» من فـاتـحة الكتاب آية، فـيكون علـينا لسائلٍ مسألة بأن يقول: ما وجه تكرير ذلك فـي هذا الـموضع، وقد مضى وصف الله عزّ وجلّ به نفسه فـي قوله «بسم الله الرحمن الرحيـم»، مع قرب مكان إحدى الآيتـين من الآخرى ومـجاورتها لصاحبتها؟ بل ذلك لنا حجة علـى خطأ دعوى من ادعى أن بسم الله الرحمن الرحيـم من فـاتـحة الكتاب آية، إذ لو كان ذلك كذلك لكان ذلك إعادة آية بـمعنى واحد ولفظ واحد مرتـين من غير فصل يفصل بـينهما. وغير موجود فـي شيء من كتاب الله آيتان متـجاورتان مكرّرتان بلفظ واحد ومعنى واحد، لا فصل بـينهما من كلام يخالف معناه معناهما، وإنـما يأتـي بتكرير آية بكمالها فـي السورة الواحدة، مع فصول تفصل بـين ذلك، وكلام يُعترض به بغير معنى الآيات الـمكرّرات أو غير ألفـاظها، ولا فـاصل بـين قول الله تبـارك وتعالـى اسمه «الرحمن الرحيـم» من «بسم الله الرحمن الرحيـم»، وقول الله: «الرحمن الرحيـم»، من «الـحمد لله رب العالـمين». فإن قال قائل: فإن «الـحمد لله رب العالـمين» فـاصل بـين ذلك. قـيـل: قد أنكر ذلك جماعةٌ من أهل التأويـل، وقالوا: إن ذلك من الـموخَّر الذي معناه التقديـم، وإنـما هو: الـحمد لله الرحمن الرحيـم رب العالـمين ملك يوم الدين. واستشهدوا علـى صحة ما ادّعوا من ذلك بقوله: «مَلِكِ يَوْم الدّين» فقالوا: إن قوله: «ملك يوم الدين» تعلـيـم من الله عبده أن يصفه بـالـمُلْك فـي قراءة من قرأ مَلِك، وبـالـمِلْك فـي قراءة من قرأ «مالك». قالوا: فـالذي هو أولـى أن يكون مـحاور وَصْفه بـالـمُلْك أو الـمِلْك ما كان نظير ذلك من الوصف، وذلك هو قوله «رَبّ العالـمين»، الذي هو خبر عن ملكه جميع أجناس الـخـلق، وأن يكون مـجاور وصفه بـالعظمة والألوهة ما كان له نظيراً فـي الـمعنى من الثناء علـيه، وذلك قوله: { ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ }. فزعموا أن ذلك لهم دلـيـل علـى أن قوله «الرحمن الرحيـم» بـمعنى التقديـم قبل «رب العالـمين»، وإن كان فـي الظاهر مؤخراً. وقالوا: في نظائر ذلك من التقديـم الذي هو بـمعنى التأخير والـمؤخر الذي هو بـمعنى التقديـم فـي كلام العرب أفشى وفـي منطقها أكثر من أن يحصى، من ذلك قول جرير بن عطية: طافَ الـخَيالُ وأيْنَ منْكَ لِـمَاما فـارْجِعْ لزَوْرِكَ بـالسَّلام سَلاما بـمعنى طاف الـخيال لـماماً وأين هو منك. وكما قال جل ثناؤه فـي كتابه: ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ ٱلْكِتَـٰبَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَاً قَيِّماً [الكهف: 1-2] الـمعنى: الـحمد لله الذي أنزل علـى عبده الكتاب قـيـماً ولم يجعل له عوجاً، وما أشبه ذلك. ففـي ذلك دلـيـل شاهد علـى صحة قول من أنكر أن تكون «بسم الله الرحمن الرحيـم» من فـاتـحة الكتاب آية.
{ "aya": [ { "start": 2185, "end": 2286 } ], "hadith": [], "verse": [ { "start": 2041, "end": 2077 }, { "start": 2078, "end": 2115 } ] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 1, "aya_ini": 4, "aya_end": 4, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=1&tAyahNo=4&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
قال أبو جعفر: القراء مختلفون فـي تلاوة «ملك يوم الدين»، فبعضهم يتلوه: «مَلِكِ يوم الدين»، وبعضهم يتلوه: { مالك يوم الدين } وبعضهم يتلوه: { مالِكَ يوم الدين } بنصف الكاف. وقد استقصينا حكاية الرواية عمن رُوي عنه فـي ذلك قراءةٌ فـي «كتاب القراءات»، وأخبرنا بـالذي نـختار من القراءة فـيه، والعلة الـموجبة صحة ما اخترنا من القراءة فـيه، فكرهنا إعادة ذلك فـي هذا الـموضع، إذ كان الذي قصدنا له فـي كتابنا هذا البـيانَ عن وجوه تأويـل آي القرآن دون وجوه قراءتها. ولا خلاف بـين جميع أهل الـمعرفة بلغات العرب، أن الـمَلِكَ من «الـمُلْك» مشتقّ، وأن الـمالك من «الـمِلْك» مأخوذ. فتأويـل قراءة من قرأ ذلك: { مَالِكِ يَوْمِ الدِّين } أن لله الـملك يوم الدين خالصا دون جميع خـلقه الذين كانوا قبل ذلك فـي الدنـيا ملوكاً جبـابرة ينازعونه الـمُلْك ويدافعونه الانفراد بـالكبرياء والعظمة والسلطان والـجبرية. فأيقنوا بلقاء الله يوم الدين أنهم الصَّغَرة الأذلة، وأن له دونهم ودون غيرهم الـمُلْك والكبرياء والعزّة والبهاء، كما قال جل ذكره وتقدست أسماؤه فـي تنزيـله: يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لاَ يَخْفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ [غافر: 16] فأخبر تعالـى أنه الـمنفرد يومئذٍ بـالـمُلْك دون ملوك الدنـيا الذين صاروا يوم الدين من ملكهم إلـى ذلة وصَغَار، ومن دنـياهم فـي الـمعاد إلـى خسار. وأما تأويـل قراءة من قرأ: { مالكِ يَوْمِ الدِّينِ } ، فما: حدثنا به أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، عن بشر بن عمارة، قال: حدثنا أبو روق، عن الضحاك، عن عبد الله بن عبـاس: { مالكِ يَوْمِ الدِّينِ } يقول: لا يـملك أحد فـي ذلك الـيوم معه حكماً كملكهم فـي الدنـيا. ثم قال: لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَقَالَ صَوَاباً [النبأ: 38] وقال: وَخَشَعَتِ ٱلأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ [طه: 108] وقال: وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ٱرْتَضَىٰ [الأنبياء: 28] قال أبو جعفر: وأولـى التأويـلـين بـالآية وأصحّ القراءتـين فـي التلاوة عندي التأويـل الأول وهي قراءة من قرأ «مَلِك» بـمعنى «الـمُلْك» لأن فـي الإقرار له بـالانفراد بـالـملك إيجابـاً لانفراده بـالـملك وفضيـلة زيادة الـملك علـى الـمالك، إذ كان معلوماً أن لا ملِك إلا وهو مالك، وقد يكون الـمالك لا مَلِكاً. وبعد: فإن الله جل ذكره قد أخبر عبـاده فـي الآية التـي قبل قوله: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } أنه مالك جميع العالـمين وسيدهم، ومصلـحهم والناظر لهم، والرحيـم بهم فـي الدنـيا والآخرة بقوله: { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ }. فإذا كان جل ذكره قد أنبأهم عن مُلْكهِ إياهم كذلك بقوله: { رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } فأولـى الصفـات من صفـاته جل ذكره، أن يتبع ذلك ما لـم يحوه قوله: { رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } مع قرب ما بـين الآيتـين من الـمواصلة والـمـجاورة، إذ كانت حكمته الـحكمة التـي لا تشبهها حكمة. وكان فـي إعادة وصفه جل ذكره بأنه مالك يوم الدين، إعادة ما قد مضى من وصفه به فـي قوله: { رَبِّ العَالَـمِينَ } مع تقارب الآيتـين وتـجاور الصفتـين. وكان فـي إعادة ذلك تكرار ألفـاظ مختلفة بـمعانٍ متفقة، لا تفـيد سامع ما كرّر منه فـائدة به إلـيها حاجة. والذي لـم يحوه من صفـاته جل ذكره ما قبل قوله: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } الـمعنى الذي فـي قوله: «ملك يوم الدين»، وهو وصفه بأنه الـمَلِك. فبـينٌ إذاً أن أولـى القراءتـين بـالصواب وأحق التأويـلـين بـالكتاب: قراءة من قرأه: «ملك يوم الدين»، بـمعنى إخلاص الـملك له يوم الدين، دون قراءة من قرأ: مالك يوم الدين بـمعنى: أنه يـملك الـحكم بـينهم وفصل القضاء متفرّداً به دون سائر خـلقه. فإن ظنّ ظانّ أن قوله: { رَبِّ العَالَـمِينَ } نبأ عن ملكه إياهم فـي الدنـيا دون الآخرة يوجب وصله بـالنبأ عن نفسه أنه قد ملكهم فـي الآخرة علـى نـحو مِلْكه إياهم فـي الدنـيا بقوله: { مالك يوم الدين } ، فقد أغفل وظن خطأ وذلك أنه لو جاز لظانّ أن يظنّ أن قوله: { رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } مـحصور معناه علـى الـخبر عن ربوبـية عالـم الدنـيا دون عالـم الآخرة مع عدم الدلالة علـى أن معنى ذلك كذلك فـي ظاهر التنزيـل، أو فـي خبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم به منقول، أو بحجة موجودة فـي الـمعقول، لـجاز لآخر أن يظن أن ذلك مـحصور علـى عالـم الزمان الذي فـيه نزل قوله: رب العالـمين دون سائر ما يحدث بعده فـي الأزمنة الـحادثة من العالـمين، إذ كان صحيحاً بـما قد قدمنا من البـيان أن عالـم كل زمان غير عالـم الزمان الذي بعده. فإن غَبِـيَ عن علـم صحة ذلك بـما قد قدمنا ذو غبـاء، فإن فـي قول الله جل ثناؤه: وَلَقَدْ ءاتَيْنَا بَنِى إِسْرٰءيلَ ٱلْكِتَـٰبَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَـٰهُمْ مّنَ ٱلطَّيّبَـٰتِ وَفَضَّلْنَـٰهُمْ عَلَى ٱلْعَـٰلَمينَ [الجاثية: 16] دلالة واضحة علـى أن عالَـم كل زمان غير عالـم الزمان الذي كان قبله وعالَـم الزمان الذي بعده. إذ كان الله جل ثناؤه قد فضل أمة نبـينا مـحمد صلى الله عليه وسلم علـى سائر الأمـم الـخالـية، وأخبرهم بذلك فـي قوله: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران: 110] الآية. فمعلوم بذلك أن بنـي إسرائيـل فـي عصر نبـينا، لـم يكونوا مع تكذيبهم به صلى الله عليه وسلم أفضل العالـمين، بل كان أفضل العالـمين فـي ذلك العصر وبعده إلـى قـيام الساعة، الـمؤمنون به الـمتبعون منهاجه، دونَ منْ سواهم من الأمـم الـمكذّبة الضالَّة عن منهاجه. فإذ كان بـينا فساد تأويـل متأوّل لو تأوّل قوله: رب العالـمين أنه معنـيّ به: أن الله ربُّ عالـميْ زمن نبـينا مـحمد صلى الله عليه وسلم دون عالـمي سائر الأزمنة غيره، كان واضحاً فساد قول من زعم أن تأويـله: رب عالـم الدنـيا دون عالـم الآخرة، وأن مالك يوم الدين استـحق الوصل به لـيُعلـم أنه فـي الآخرة من ملكهم وربوبـيتهم بـمثل الذي كان علـيه فـي الدنـيا. وَيُسْألُ زاعم ذلك الفرق بـينه وبـين متـحكِّمٍ مثله فـي تأويـل قوله: رب العالـمين تَـحَكَّم، فقال: إنه إنـما عنـي بذلك أنه رب عالـمي زمان مـحمد دون عالـمي غيره من الأزمان الـماضية قبله والـحادثة بعده، كالذي زعم قائلُ هذا القول إنه عنى به عالـم الدنـيا دون عالـم الآخرة لله من أصل أو دلالة. فلن يقول فـي أحدهما شيئاً إلا أُلزم فـي الآخر مثله. وأما الزاعم أن تأويـل قوله: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } أنه الذي يـملك إقامة يوم الدين، فإن الذي ألزمْنا قائل هذا القول الذي قبله له لازم، إذ كانت إقامة القـيامة إنـما هي إعادة الـخـلق الذين قد بـادوا لهيئاتهم التـي كانوا علـيها قبل الهلاك فـي الدار التـي أعد الله لهم فـيها ما أعدّ. وهم العالَـمون الذين قد أخبر جل ذكره عنهم أنه ربهم فـي قوله: { رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ }. وأما تأويـل ذلك فـي قراءة من قرأ: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } فإنه أراد: يا مالك يوم الدين، فنصبه بنـيّة النداء والدعاء، كما قال جل ثناؤه: يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا [يوسف: 29] بتأويـل: يا يوسف أعرض عن هذا. وكما قال الشاعر من بنـي أسد، وهو شعر فـيـما يقال جاهلـي: إنْ كُنْتَ أزْنَنْتَنِـي بِها كَذِبـا جَزْءُ، فَلاقَـيْتَ مِثْلَها عَجِلاَ يريد: يا جزءُ. وكما قال الآخر: كَذَبْتُـمْ وبَـيْتِ اللَّهِ لا تَنْكِحُونَها بَنِـي شابَ قَرْناها تَصُرُّ وتَـحْلَبُ يريد: يا بنـي شاب قرناها. وإنـما أورطه فـي قراءة ذلك بنصب الكاف من «مالك» علـى الـمعنى الذي وصفت حيرته فـي توجيه قوله: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } وجهته مع جرّه: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } وخفضه، فظن أنه لا يصح معنى ذلك بعد جره: مالكِ يَوْمِ الدّينِ فنصب: «مالكَ يَوْم الدّينِ» لـيكون إياكَ نعبد له خطابـاً، كأنه أراد: يا مالك يوم الدين، إياك نعبد، وإياك نستعين. ولو كان علـم تأويـل أول السورة وأن «الـحمد لله ربّ العالـمين»، أمر من الله عبده بقـيـل ذلك كما ذكرنا قبل من الـخبر عن ابن عبـاس: أن جبريـل قال للنبـيّ صلى الله عليه وسلم، عن الله: قل يا مـحمد: الـحمد لله ربّ العالـمين الرحمن الرحيـم مالك يوم الدين وقل أيضاً يا مـحمد: إياك نعبد وإياك نستعين وكان عَقَل عن العرب أن من شأنها إذا حكت أو أمرت بحكاية خبر يتلو القول، أن تـخاطب ثم تـخبر عن غائب، وتـخبر عن الغائب ثم تعود إلـى الـخطاب لـما فـي الـحكاية بـالقول من معنى الغائب والـمخاطب، كقولهم للرجل: قد قلت لأخيك: لو قمتَ لقمتُ، وقد قلت لأخيك: لو قام لقمتُ لسهل علـيه مخرج ما استصعب علـيه وجهته من جر: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } ومن نظير «مالك يوم الدين» مـجروراً، ثم عوده إلـى الـخطاب ب«إِياك نعبد» لـما ذكرنا قبل، البـيتُ السائر من شعر أبـي كبـير الهُذَلـي: يا لَهْفَ نَفْسِي كانَ جدَّةُ خالِدٍ وبَـياضُ وَجْهِكَ للتُّرَابِ الأعْفَرِ فرجع إلـى الـخطاب بقوله: «وبـياض وجهك»، بعد ما قد قضى الـخبر عن خالد علـى معنى الـخبر عن الغائب. ومنه قول لبـيد بن ربـيعة: بـاتَتْ تَشْكَّي إلـيَّ النَّفْسُ مُـجْهِشَةً وقَدْ حَمَلْتُكِ سَبْعاً بَعْد سَبْعِينا فرجع إلـى مخاطبة نفسه، وقد تقدم الـخبر عنها علـى وجه الـخبر عن الغائب. ومنه قول الله وهو أصدق قـيـل وأثبتُ حجة: حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِى ٱلْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيّبَةٍ [يونس: 22] فخاطب ثم رجع إلـى الـخبر عن الغائب، ولـم يقل: «وجرين بكم». والشواهد من الشعر وكلام العرب فـي ذلك أكثر من أن تـحصى، وفـيـما ذكرنا كفـاية لـمن وفق لفهمه. فقراءة: «مَالِكَ يَوْمِ الدّينِ» مـحظورة غير جائزة، لإجماع جميع الـحجة من القرّاء وعلـماء الأمة علـى رفض القراءة بها. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { يَوْمِ ٱلدّينِ }. قال أبو جعفر: والدين فـي هذا الـموضع بتأويـل الـحساب والـمـجازاة بـالأعمال، كما قال كعب بن جُعْيْـل: إذَا ما رَمَوْنا رَمَيْنَاهُمُ وَدِنَّاهُمْ مِثْلَ ما يُقْرِضُونا وكما قال الآخر: واعْلَـمْ وأيْقِنْ أنَّ مْلْكَكَ زَائِلٌ واعْلَـمْ بأنَّكَ ما تَدِينُ تُدَانُ يعنـي ما تَـجْزي تـجازى. ومن ذلك قول الله جل ثناؤه: كَلاَّ بَلْ تُكَذّبُونَ بِٱلدِّينِ [الإنفطار: 9] يعني بالجزاء وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لحَافِظِينَ [الإنفطار: 10] يحصون ما تعملون من الأعمال. وقوله تعالى: فَلَوْلاَ إِنْ كُنْتُمْ غَيْر مَدِينِينَ [الواقعة: 86] يعنـي غير مـجزيّـين بأعمالكم ولا مـحاسبـين. وللدين معان فـي كلام العرب غير معنى الـحساب والـجزاء سنذكرها فـي أماكنها إن شاء الله. وبـما قلنا فـي تأويـل قوله: { يَوْمِ ٱلدّينِ } جاءت الآثار عن السلف من الـمفسرين، مع تصحيح الشواهد لتأويـلهم الذي تأوّلوه فـي ذلك. حدثنا أبو كريب مـحمد بن العلاء، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، قال: حدثنا أبو روق، عن الضحاك، عن عبد الله بن عبـاس: { يَوْمِ ٱلدّينِ } قال: يوم حساب الـخلائق هو يوم القـيامة، يدينهم بأعمالهم، إن خيراً فخير وإن شرّاً فشر، إلا من عفـا عنه، فـالأمرُ أمره. ثم قال: أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ [الأعراف: 54] وحدثنـي موسى بن هارون الهمدانـي، قال: حدثنا عمرو بن حماد القنّاد، قال: حدثنا أسبـاط بن نصر الهمدانـي، عن إسماعيـل بن عبد الرحمن السدي، عن أبـي مالك، وعن أبـي صالـح، عن ابن عبـاس، وعن مرّة الهمدانـي، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبـي صلى الله عليه وسلم: «ملك يوم الدين»: هو يوم الـحساب. حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة فـي قوله: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } قال: يَوم يدين الله العبـاد بأعمالهم. وحدثنا القاسم بن الـحسن، قال: حدثنا الـحسين بن داود، قال: حدثنـي حجاج، عن ابن جريج: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } قال: يوم يُدان الناس بـالـحساب.
{ "aya": [ { "start": 942, "end": 1065 }, { "start": 1494, "end": 1568 }, { "start": 1587, "end": 1624 }, { "start": 1641, "end": 1682 }, { "start": 3957, "end": 4105 }, { "start": 4327, "end": 4371 }, { "start": 5851, "end": 5880 }, { "start": 7707, "end": 7776 }, { "start": 8421, "end": 8455 }, { "start": 8483, "end": 8513 }, { "start": 8570, "end": 8610 }, { "start": 9167, "end": 9198 } ], "hadith": [], "verse": [ { "start": 5979, "end": 6016 }, { "start": 6017, "end": 6053 }, { "start": 6085, "end": 6130 }, { "start": 6131, "end": 6170 }, { "start": 7309, "end": 7345 }, { "start": 7346, "end": 7384 }, { "start": 7508, "end": 7553 }, { "start": 7554, "end": 7594 }, { "start": 8209, "end": 8239 }, { "start": 8240, "end": 8274 }, { "start": 8291, "end": 8331 }, { "start": 8332, "end": 8368 } ] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 1, "aya_ini": 5, "aya_end": 5, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=1&tAyahNo=5&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
قال أبو جعفر: وتأويـل قوله: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ }: لك اللهم نـخشع، ونذلّ، ونستكين، إقراراً لك يا ربنا بـالربوبـية لا لغيرك. كما: حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، قال: حدثنا أبو روق، عن الضحاك، عن عبد الله بن عبـاس، قال: قال جبريـل لـمـحمد صلى الله عليه وسلم: قل يا مـحمد: إياك نعبد، إياك نوحد ونـخاف ونرجو يا ربَّنا لا غيرك. وذلك من قول ابن عبـاس بـمعنى ما قلنا، وإنـما اخترنا البـيان عن تأويـله بأنه بـمعنى نـخشع، ونذل، ونستكين، دون البـيان عنه بأنه بـمعنى نرجو ونـخاف، وإن كان الرجاء والـخوف لا يكونان إلا مع ذلة لأن العبودية عند جميع العرب أصلها الذلّة، وأنها تسمي الطريقَ الـمُذَلَّل الذي قد وطئته الأقدام وذللته السابلة: مُعَبَّداً. ومن ذلك قول طَرَفة بن العبد: تُبـارِي عِتَاقاً ناجياتٍ وأتْبَعَتْ وَظِيفـاً وَظِيفـاً فَوْقَ مَوْرٍ مُعَبَّدِ يعنـي بـالـمَوْر: الطريق، وبـالـمعبَّد: الـمذلّل الـموطوء. ومن ذلك قـيـل للبعير الـمذلل بـالركوب فـي الـحوائج: مُعَبَّد، ومنه سمي العبد عبدا لذلّته لـمولاه. والشواهد من أشعار العرب وكلامها علـى ذلك أكثر من أن تـحصى، وفـيـما ذكرناه كفـاية لـمن وفق لفهمه إن شاء الله تعالـى. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }. قال أبو جعفر: ومعنى قوله: { وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } وإيَّاك ربنا نستعين علـى عبـادتنا إياك وطاعتنا لك وفـي أمورنا كلها لا أحداً سواك، إذ كان من يكفر بك يستعين فـي أموره معبوده الذي يعبده من الأوثان دونك، ونـحن بك نستعين فـي جميع أمورنا مخـلصين لك العبـادة. كالذي: حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنـي بشر بن عمارة، قال: حدثنا أبو روق، عن الضحاك، عن عبد الله بن عبـاس: { وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } قال: إياك: نستعين علـى طاعتك وعلـى أمورنا كلها. فإن قال قائل: وما معنى أمر الله عبـاده بأن يسألوه الـمعونة علـى طاعته؟ أوَ جائز وقد أمرهم بطاعته أن لا يعينهم علـيها؟ أم هل يقول قائل لربه: إياك نستعين علـى طاعتك، إلا وهو علـى قوله ذلك معان، وذلك هو الطاعة، فما وجه مسألة العبد ربه ما قد أعطاه إياه؟ قـيـل: إن تأويـل ذلك علـى غير الوجه الذي ذهبت إلـيه وإنـما الداعي ربه من الـمؤمنـين أن يعينه علـى طاعته إياه، داعٍ أن يعينه فـيـما بقـي من عمره علـى ما كلفه من طاعته، دون ما قد تَقَضَّى ومضى من أعماله الصالـحة فـيـما خلا من عمره. وجازت مسألة العبد ربَّه ذلك لأن إعطاء الله عبده ذلك مع تـمكينه جوارحه لأداء ما كلفه من طاعته وافترض علـيه من فرائضه، فضل منه جل ثناؤه تفضَّل به علـيه، ولطف منه لطف له فـيه ولـيس فـي تركه التفضل علـى بعض عبـيده بـالتوفـيق مع اشتغال عبده بـمعصيته وانصرافه عن مـحبته، ولا فـي بسطه فضله علـى بعضهم مع إجهاد العبد نفسه فـي مـحبته ومسارعته إلـى طاعته، فساد فـي تدبـير ولا جور فـي حكم، فـيجوز أن يجهل جاهل موضع حكم الله، وأمره عبده بـمسألته عونه علـى طاعته. وفـي أمر الله جل ثناؤه عبـاده أن يقولوا: { إيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } بـمعنى مسألتهم إياه الـمعونة علـى العبـادة أدل الدلـيـل علـى فساد قول القائلـين بـالتفويض من أهل القدر، الذين أحلوا أن يأمر الله أحداً من عبـيده بأمر أو يكلفه فرض عمل إلا بعد إعطائه الـمعونة علـى فعله وعلـى تركه. ولو كان الذي قالوا من ذلك كما قالوا لبطلت الرغبة إلـى الله فـي الـمعونة علـى طاعته، إذ كان علـى قولهم مع وجود الأمر والنهي والتكلـيف حقاً واجبـاً علـى الله للعبد إعطاؤه الـمعونة علـيه، سأله عبده ذلك أو ترك مسألة ذلك بل ترك إعطائه ذلك عندهم منه جور. ولو كان الأمر فـي ذلك علـى ما قالوا، لكن القائل: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإيَّاكَ نَسْتَعِينُ } إنـما يسأل ربه أن لا يجور. وفـي إجماع أهل الإسلام جميعاً علـى تصويب قول القائل: اللهم إنا نستعينك وتـخطئتهم قول القائل: اللهم لا تـجر علـينا، دلـيـل واضح علـى خطأ ما قال الذين وصفت قولهم، إذْ كان تأويـل قول القائل عندهم: اللهم إنا نستعينك، اللهم لا تترك معونتنا التـي تَرْكُهَا جور منك. فإن قال قائل: وكيف قـيـل: { إيَّاكَ نَعْبُدُ وإيَّاكَ نَسْتَعِينُ } فقدم الـخبر عن العبـادة، وأخرت مسألة الـمعونة علـيها بعدها؟ وإنـما تكون العبـادة بـالـمعونة، فمسألة الـمعونة كانت أحق بـالتقديـم قبل الـمعان علـيه من العمل والعبـادة بها. قـيـل: لـما كان معلوماً أن العبـادة لا سبـيـل للعبد إلـيها إلا بـمعونة من الله جل ثناؤه، وكان مـحالاً أن يكون العبد عابداً إلا وهو علـى العبـادة معانٌ، وأن يكون معاناً علـيها إلا وهو لها فـاعل كان سواء تقديـم ما قدم منهما علـى صاحبه، كما سواء قولك للرجل إذا قضى حاجتك فأحسن إلـيك فـي قضائها: قضيت حاجتـي فأحسنت إلـيَّ، فقدمت ذكر قضائه حاجتك. أو قلت: أحسنت إلـيّ فقضيت حاجتـي، فقدمت ذكر الإحسان علـى ذكر قضاء الـحاجة لأنه لا يكون قاضياً حاجتك إلا وهو إلـيك مـحسن، ولا مـحسناً إلـيك إلا وهو لـحاجتك قاض. فكذلك سواء قول القائل: اللهم إنا إياك نعبد فأعنّا علـى عبـادتك، وقوله: اللهم أعنا علـى عبـادتك فإنا إياك نعبد. قال أبو جعفر: وقد ظن بعض أهل الغفلة أن ذلك من الـمقدَّم الذي معناه التأخير، كما قال امرؤ القـيس: ولَوْ أَنَّ ما أسْعَى لأدنَى مَعِيشَةٍ كَفـانِـي ولَـمْ أَطْلُبْ قَلِـيـلٌ مِنَ الـمَالِ يريد بذلك: كفـانـي قلـيـل من الـمال ولـم أطلب كثـيراً. وذلك من معنى التقديـم والتأخير، ومن مشابهة بـيت امرىء القـيس بـمعزلٍ من أجل أنه قد يكفـيه القلـيـل من الـمال ويطلب الكثـير، فلـيس وجود ما يكفـيه منه بـموجب له ترك طلب الكثـير. فـيكون نظير العبـادة التـي بوجودها وجود الـمعونة علـيها، وبوجود الـمعونة علـيها وجودها، ويكون ذكر أحدهما دالاًّ علـى الآخر، فـيعتدل فـي صحة الكلام تقديـم ما قدم منهما قبل صاحبه أن يكون موضوعاً فـي درجته ومرتبـاً فـي مرتبته. فإن قال: فما وجه تكراره: { إِيَّاكَ } مع قوله: { نَسْتَعِينُ } وقد تقدم ذلك قبل نعبد؟ وهلا قـيـل: إياك نعبد ونستعين، إذْ كان الـمخبر عنه أنه الـمعبود هو الـمخبر عنه أنه الـمستعان؟ قـيـل له: إن الكاف التـي مع «إيّا»، هي الكاف التـي كانت تتصل بـالفعل، أعنـي بقوله: { نَعْبُدُ } لو كانت مؤخرة بعد الفعل. وهي كناية اسم الـمخاطب الـمنصوب بـالفعل، فكثُرِّتْ ب«إيَّا» متقدمة، إذ كانت الأسماء إذا انفردت بأنفسها لا تكون فـي كلام العرب علـى حرف واحد، فلـما كانت الكاف من «إياك» هي كناية اسم الـمخاطب التـي كانت تكون كافـا وحدها متصلة بـالفعل إذا كانت بعد الفعل، ثم كان حظها أن تعاد مع كل فعل اتصلت به، فـيقال: اللهم إنا نعبدك ونستعينك ونـحمدك ونشكرك وكان ذلك أفصح فـي كلام العرب من أن يقال: اللهم إنا نعبدك ونستعين ونـحمد كان كذلك إذا قدمت كناية اسم الـمخاطب قبل الفعل موصولة ب«إيَّا»، كان الأفصح إعادتها مع كل فعل. كما كان الفصيح من الكلام إعادتها مع كل فعل، إذا كانت بعد الفعل متصلة به، وإن كان ترك إعادتها جائزاً. وقد ظن بعض من لـم يـمعن النظر أن إعادة «إياك» مع «نستعين» بعد تقدمها فـي قوله: { إياكَ نَعْبُدُ } بـمعنى قول عديّ بن زيد العبـادي: وجاعلُ الشَّمْس مِصْراً لا خَفَـاءَ بهِ بـينَ النَّهارِ وبـينَ اللَّـيْـل قَدْ فَصَلاَ وكقول أعشى همدان: بـينَ الأشَجِّ وبـينَ قَـيْسٍ بـاذِخٌ بَخْ بَخْ لوَالدِه وللـمَوْلُودِ وذلك جهل من قائله من أجل أن حظ «إياك» أن تكون مكرّرة مع كل فعل لـما وصفنا آنفـاً من العلة، ولـيس ذلك حكم «بـين» لأنها لا تكون إذا اقتضت اثنـين إلاّ تكريراً إذا أعيدت، إذ كانت لا تنفرد بـالواحد. وأنها لو أفردت بأحد الاسمين فـي حال اقتضائها اثنـين كان الكلام كالـمستـحيـل وذلك أن قائلاً لو قال: الشمس قد فصلت بـين النهار، لكان من الكلام خـلْفـاً لنقصان الكلام عما به الـحاجة إلـيه من تـمامه الذي يقتضيه «بـين». ولو قال القائل: «اللهم إياك نعبد» لكان ذلك كلاماً تاماً. فكان معلوماً بذلك أن حاجة كل كلـمة كانت نظيرة «إياك نعبد» إلـى «إياك» كحاجة «نعبد» إلـيها، وأن الصواب أن تكرّر معها «إياك»، إذ كانت كل كلـمة منها جملة خبر مبتدأ، وبـينا حكم مخالفة ذلك حكم «بـين» فـيـما وفق بـينهما الذي وصفنا قوله.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [ { "start": 701, "end": 737 }, { "start": 738, "end": 781 }, { "start": 4377, "end": 4415 }, { "start": 4416, "end": 4465 }, { "start": 5960, "end": 5999 }, { "start": 6000, "end": 6046 }, { "start": 6065, "end": 6102 }, { "start": 6103, "end": 6135 } ] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 1, "aya_ini": 6, "aya_end": 6, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=1&tAyahNo=6&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
قال أبو جعفر: ومعنى قوله: { ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } فـي هذا الـموضع عندنا: وَفّقنا للثبـات علـيه، كما رُوي ذلك عن ابن عبـاس. حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، قال: حدثنا أبو روق، عن الضحاك، عن عبد الله بن عبـاس قال: قال جبريـل لـمـحمد: «قل يا مـحمد اهدنا الصراط الـمستقـيـم»، يقول: ألهمنا الطريق الهادي. وإلهامه إياه ذلك هو توفـيقه له كالذي قلنا فـي تأويـله. ومعناه نظير معنى قوله: { إيَّاكَ نَسْتَعِينُ } فـي أنه مسألة العبد ربه التوفـيق للثبـات علـى العمل بطاعته، وإصابة الـحقّ والصواب فـيـما أمره به، ونهاه عنه فـيـما يستقبل من عمره دون ما قد مضى من أعماله، وتقضى فـيـما سلف من عمره، كما فـي قوله: { إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } مسألة منه ربه الـمعونة علـى أداء ما قد كلفه من طاعته فـيـما بقـي من عمره. فكان معنى الكلام: اللهم إياك نعبد وحدك لا شريك لك، مخـلصين لك العبـادة دون ما سواك من الآلهة والأوثان، فأعنا علـى عبـادتك، ووفقنا لـما وفقت له من أنعمت علـيه من أنبـيائك وأهل طاعتك من السبـيـل والـمنهاج. فإن قال قائل: وأنّـي وجدت الهداية فـي كلام العرب بـمعنى التوفـيق؟ قـيـل له: ذلك فـي كلامها أكثر وأظهر من أن يحصى عدد ما جاء عنهم فـي ذلك من الشواهد، فمن ذلك قول الشاعر: لا تَـحْرِمَنِّـي هَدَاكَ اللَّهُ مَسْألتـي ولا أكُونَنْ كمَنْ أوْدَى بِهِ السَّفَرُ يعنـي به: وفقك الله لقضاء حاجتـي. ومنه قول الآخر: وَلا تُعْجِلَنِّـي هَدَاكَ الـمَلِـيكُ فإنَّ لِكُلِّ مَقامٍ مَقالاَ فمعلوم أنه إنـما أراد: وفقك الله لإصابة الـحقّ فـي أمري. ومنه قول الله جل ثناؤه: وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ [البقرة: 258] فـي غير آيَةٍ من تنزيـله. وقد علـم بذلك أنه لـم يعن أنه لا يبـين للظالـمين الواجب علـيهم من فرائضه. وكيف يجوز أن يكون ذلك معناه، وقد عمّ بـالبـيان جميع الـمكلفـين من خـلقه؟ ولكنه عنى جلّ وعز، أنه لا يوفقهم، ولا يشرح للـحق والإيـمان صدورهم. وقد زعم بعضهم أن تأويـل قوله: اهْدِنا زدنا هداية. ولـيس يخـلو هذا القول من أحد أمرين: إما أن يكون قائله قد ظنّ أن النبـي صلى الله عليه وسلم أمر بـمسألة ربه الزيادة فـي البـيان، أو الزيادة فـي الـمعونة والتوفـيق. فإن كان ظن أنه أمر بـمسألة الزيادة فـي البـيان فذلك ما لا وجه له لأن الله جل ثناؤه لا يكلف عبداً فرضاً من فرائضه إلا بعد تبـيـينه له وإقامة الـحجة علـيه به. ولو كان معنى ذلك معنى مسألته البـيان، لكان قد أمر أن يدعو ربه أن يبـين له ما فرض علـيه، وذلك من الدعاء خـلْف لأنه لا يفرض فرضاً إلا مبـيناً لـمن فرضه علـيه، أو يكون أمر أن يدعو ربه أن يفرض علـيه الفرائض التـي لـم يفرضها. وفـي فساد وجه مسألة العبد ربه ذلك ما يوضح عن أن معنى: { ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } غير معنى بـين لنا فرائضك وحدودك، أو يكون ظن أنه أمر بـمسألة ربه الزيادة فـي الـمعونة والتوفـيق. فإن كان ذلك كذلك، فلن تـخـلو مسألته تلك الزيادة من أن تكون مسألة للزيادة فـي الـمعونة علـى ما قد مضى من عمله، أو علـى ما يحدث. وفـي ارتفـاع حاجة العبد إلـى الـمعونة علـى ما قد تَقَضَّى من عمله ما يعلـم أن معنى مسألة تلك الزيادة إنـما هو مسألته الزيادة لـما يحدث من عمله. وإذا كان ذلك كذلك صار الأمر إلـى ما وصفنا وقلنا فـي ذلك من أنه مسألة العبد ربه التوفـيق لأداء ما كلف من فرائضه فـيـما يستقبل من عمره. وفـي صحة ذلك فساد قول أهل القدر الزاعمين أن كل مأمور بأمر أو مكلف فرضاً، فقد أعطي من الـمعونة علـيه ما قد ارتفعت معه فـي ذلك الفرض حاجته إلـى ربه لأنه لو كان الأمر علـى ما قالوا فـي ذلك لبطل معنى قول الله جل ثناؤه: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } وفـي صحة معنى ذلك علـى ما بـينا فسادُ قولهم. وقد زعم بعضهم أن معنى قوله: { ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ }: أَسْلِكْنا طريق الـجنة فـي الـمعاد، أي قدمنا له وامض بنا إلـيه، كما قال جل ثناؤه: فـاهْدُوهُمْ إلـى صِرَاطِ الـجَحِيـمِ أي أدخـلوهم النار كما تُهدى الـمرأة إلـى زوجها، يعنـي بذلك أنها تدخـل إلـيه، وكما تُهدى الهدية إلـى الرجل، وكما تَهْدِي الساقَ القدمُ نظير قول طرفة بن العبد: لَعِبَتْ بَعْدِي السُّيُولُ بِهِ وجَرَى فـي رَوْنَقٍ رِهَمُهْ للفَتـى عَقْلٌ يَعِيش بِهِ حَيْثُ تَهْدِي ساقَهُ قَدَمَهُ أي ترد به الـموارد. وفـي قول الله جل ثناؤه: إيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة: 5] ما ينبىء عن خطأ هذا التأويـل مع شهادة الـحجة من الـمفسرين علـى تـخطئته وذلك أن جميع الـمفسرين من الصحابة والتابعين مـجمعون علـى أن معنى «الصراط» فـي هذا الـموضع غير الـمعنى الذي تأوله قائل هذا القول، وأن قوله: إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة: 5] مسألة العبد ربه الـمعونة علـى عبـادته، فكذلك قوله «اهدنا»، إنـما هو مسألة الثبـات علـى الهدى فـيـما بقـي من عمره. والعرب تقول: هديت فلاناً الطريق، وهديته للطريق، وهديته إلـى الطريق: إذا أرشدته إلـيه وسددته له. وبكل ذلك جاء القرآن، قال الله جل ثناؤه: وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا [الأعراف: 43] وقال فـي موضع آخر: ٱجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [النحل: 121] وقال: { اهْدِنا الصِّرَاطَ الـمُسْتَقِـيـمَ } وكل ذلك فـاشٍ فـي منطقها موجود فـي كلامها، من ذلك قول الشاعر: أسْتَغْفِرُ اللَّهَ ذَنْبـاً لَسْتُ مُـحْصِيَهُ رَبَّ العِبـادِ إلَـيْهِ الوَجْهُ والعَمَلُ يريد: أستغفر الله لذنب، كما قال جل ثناؤه: { وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ } ومنه قول نابغة بنـي ذبـيان: فَـيَصِيدُنا العَيَر الـمُدِلَّ بِحُضْرِهِ قَبْلَ الوَنى والأشْعَب النَّبَّـاحا يريد: فـيصيد لنا. وذلك كثـير فـي أشعارهم وكلامهم، وفـيـما ذكرنا منه كفـاية. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ }. قال أبو جعفر: أجمعت الأمة من أهل التأويـل جميعاً علـى أن الصراط الـمستقـيـم هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فـيه. وكذلك ذلك فـي لغة جميع العرب فمن ذلك قول جرير بن عطية الـخطفـي: أمِيرُ الـمُؤْمِنِـينَ علـى صِرَاطِ إذا اعْوَجَّ الـمَوَارِدُ مُسْتَقِـيـمِ يريد علـى طريق الـحقّ. ومنه قول الهذلـي أبـي ذؤيب: صَبَحْنا أرضَهُمْ بـالـخَيْـلِ حتَّـى تَرْكْناها أدَقَّ مِنَ الصِّرَاطِ ومنه قول الراجز: فَصُدَّ عَنْ نَهْجِ الصِّرَاطِ القَاصِدِ والشواهد علـى ذلك أكثر من أن تـحصى، وفـيـما ذكرنا غنى عما تركنا. ثم تستعير العرب الصراط فتستعلـمه فـي كل قول وعمل وصف بـاستقامة أو اعوجاج، فتصف الـمستقـيـم بـاستقامته، والـمعوجّ بـاعوجاجه. والذي هو أولـى بتأويـل هذه الآية عندي، أعنـي: { ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } أن يكون معنـياً به: وَفِّقنا للثبـات علـى ما ارتضيته ووفقتَ له من أنعمتَ علـيه من عبـادك، من قول وعمل. وذلك هو الصراط الـمستقـيـم، لأن من وفق لـما وفق له من أنعم الله علـيه من النبـيـين والصديقـين والشهداء، فقد وفق للإسلام، وتصديق الرسل، والتـمسك بـالكتاب، والعمل بـما أمر الله به، والانزجار عما زجره عنه، واتبـاع منهج النبـي صلى الله عليه وسلم، ومنهاج أبـي بكر وعمر وعثمان وعلـيّ، وكل عبد لله صالـح. وكل ذلك من الصراط الـمستقـيـم. وقد اختلفت تراجمة القرآن فـي الـمعنى بـالصراط الـمستقـيـم، يشمل معانـي جميعهم فـي ذلك ما اخترنا من التأويـل فـيه. ومـما قالته فـي ذلك، ما رُوي عن علـيّ بن أبـي طالب رضي الله عنه، عن النبـي صلى الله عليه وسلم أنه قال وذَكَرَ القُرآنَ فَقَال: " هُوَ الصِّرَاطُ الْـمُسْتَقِـيـمُ " حدثنا بذلك موسى بن عبد الرحمن الـمسروقـي قال: حدثنا حسين الـجعفـي، عن حمزة الزيات، عن أبـي الـمختار الطائي، عن ابن أخي الـحرث، عن الـحرث، عن علـيّ، عن النبـي صلى الله عليه وسلم. وحدثنا عن إسماعيـل بن أبـي كريـمة، قال: حدثنا مـحمد بن سلـمة، عن أبـي سنان، عن عمرو بن مرة، عن أبـي البختري، عن الـحرث، عن علـيّ، عن النبـي صلى الله عليه وسلم مثله. وحدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي، قال: حدثنا أبو أحمد الزبـيري، قال: حدثنا حمزة الزيات، عن أبـي الـمختار الطائي، عن ابن أخي الـحرث الأعور، عن الـحرث، عن علـيّ، قال: «الصِّرَاطُ الـمُسْتَقِـيـمُ كِتابُ اللَّهِ تَعالـى». حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي، قال: حدثنا أبو أحمد الزبـيري، قال: حدثنا سفـيان ح. وحدثنا مـحمد بن حميد الرازي، قال: حدثنا مهران، عن سفـيان، عن منصور عن أبـي وائل، قال: قال عبد الله: «الصراط الـمستقـيـم كتاب الله». حدثنـي مـحمود بن خداش الطالقانـي، قال: حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، قال: حدثنا علـيّ والـحسن ابنا صالـح جميعاً، عن عبد الله بن مـحمد بن عقـيـل، عن جابر بن عبد الله. اهدنا الصراط الـمستقـيـم قال: الإسلام، قال: هو أوسع مـما بـين السماء والأرض. حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمار، قال: حدثنا أبو روق عن الضحاك، عن عبد الله بن عبـاس، قال: قال جبريـل لـمـحمد: قل يا مـحمد: اهدنا الصراط الـمستقـيـم، يقول ألهمنا الطريق الهادي وهو دين الله الذي لا عوج له. وحدثنا موسى بن سهل الرازي، قال: حدثنا يحيى بن عوف، عن الفرات بن السائب، عن ميـمون بن مهران، عن ابن عبـاس فـي قوله: { ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } قال: ذلك الإسلام. وحدثنـي مـحمود بن خداش، قال: حدثنا مـحمد بن ربـيعة الكلابـي، عن إسماعيـل الأزرق، عن أبـي عمر البزار، عن ابن الـحنفـية فـي قوله: { ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } قال: هو دين الله الذي لا يقبل من العبـاد غيره. وحدثنـي موسى بن هارون الهمدانـي، قال: حدثنا عمرو بن طلـحة القناد، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي فـي خبر ذكره عن أبـي مالك، وعن أبـي صالـح عن ابن عبـاس، وعن مرة الهمدانـي، عن ابن مسعود، وعن أناس من أصحاب النبـيّ صلى الله عليه وسلم: { ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } قال: هو الإسلام. وحدثنا القاسم بن الـحسن، قال: حدثنا الـحسين بن داود، قال: حدثنـي حجاج عن ابن جريج قال: قال ابن عبـاس فـي قوله: اهْدِنا الصرَاطَ الـمُسْتَقِـيـمَ قال: الطريق. حدثنا عبد الله بن كثـير أبو صديف الآملـي، قال: حدثنا هاشم بن القاسم، قال: حدثنا حمزة بن أبـي الـمغيرة، عن عاصم، عن أبـي العالـية فـي قوله: { ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } قال: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبـاه من بعده: أبو بكر وعمر. قال: فذكرت ذلك للـحسن، فقال: صدق أبو العالـية ونصح. وحدثنـي يونس بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا ابن وهب، قال: قال عبد الرحمن بن يزيد بن أسلـم: { ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } قال: الإسلام. حدثنا الـمثنى، قال: حدثنا أبو صالـح، قال: حدثنـي معاوية بن صالـح، أن عبد الرحمن بن جبـير، حدثه عن أبـيه، عن نواس بن سمعان الأنصاري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ضَرَبَ اللَّه مَثَلاً صرَاطاً مُسْتَقِـيـماً " . وَالصِّرَاطُ: الإسْلامُ. حدثنا الـمثنى، قال: حدثنا آدم العسقلانـي، قال: حدثنا اللـيث عن معاوية بن صالـح، عن عبد الرحمن بن جبـير بن نفـير، عن أبـيه عن نواس بن سمعان الأنصاري، عن النبـي صلى الله عليه وسلم بـمثله. قال أبو جعفر: وإنـما وصفه الله بـالاستقامة، لأنه صواب لا خطأ فـيه. وقد زعم بعض أهل الغبـاء أنه سماه مستقـيـماً لاستقامته بأهله إلـى الـجنة، وذلك تأويـلٌ لتأويـل جميع أهل التفسير خلاف، وكفـى بإجماع جميعهم علـى خلافه دلـيلاً علـى خطئه.
{ "aya": [ { "start": 1403, "end": 1448 }, { "start": 3736, "end": 3774 }, { "start": 3998, "end": 4018 }, { "start": 4282, "end": 4336 }, { "start": 4370, "end": 4418 } ], "hadith": [ { "start": 6330, "end": 6367 }, { "start": 9062, "end": 9110 } ], "verse": [ { "start": 1119, "end": 1162 }, { "start": 1163, "end": 1203 }, { "start": 1254, "end": 1292 }, { "start": 1293, "end": 1321 }, { "start": 3572, "end": 3604 }, { "start": 3605, "end": 3633 }, { "start": 3634, "end": 3660 }, { "start": 3661, "end": 3691 }, { "start": 4540, "end": 4587 }, { "start": 4588, "end": 4631 }, { "start": 4731, "end": 4773 }, { "start": 4774, "end": 4810 }, { "start": 5126, "end": 5161 }, { "start": 5162, "end": 5201 }, { "start": 5253, "end": 5290 }, { "start": 5291, "end": 5324 }, { "start": 5342, "end": 5382 } ] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 1, "aya_ini": 7, "aya_end": 7, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=1&tAyahNo=7&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
وقوله: { صِرَاطَ الذينَ أنْعَمْتَ عَلَـيْهِمْ صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ } إبـانة عن الصراط الـمستقـيـم أيّ الصراط هو، إذ كان كل طريق من طرق الـحقّ صراطاً مستقـيـماً، فقـيـل لـمـحمد صلى الله عليه وسلم: قل يا مـحمد: اهدنا يا ربنا الصراط الـمستقـيـم، صراط الذين أنعمت علـيهم، بطاعتك وعبـادتك من ملائكتك، وأنبـيائك، والصديقـين، والشهداء، والصالـحين. وذلك نظير ما قال ربنا جل ثناؤه فـي تنزيـله: وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً * وَإِذاً لأَتَيْنَٰهُم مِّن لَّدُنَّـآ أَجْراً عَظِيماً * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً * وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَـٰئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّينَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّالِحِينَ [النساء: 66-69] قال أبو جعفر: فـالذي أمر مـحمد صلى الله عليه وسلم وأمته أن يسألوه ربهم من الهداية للطريق الـمستقـيـم، هي الهداية للطريق الذي وصف الله جل ثناؤه صفته. وذلك الطريق هو طريق الذين وصفهم الله بـما وصفهم به فـي تنزيـله، ووعد من سَلَكه فـاستقام فـيه طائعاً لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، أن يورده مواردهم، والله لا يخـلف الـميعاد. وبنـحو ما قلنا فـي ذلك رُوي الـخبر عن ابن عبـاس وغيره. حدثنا مـحمد بن العلاء، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمار، قال: حدثنا أبو روق، عن الضحاك، عن ابن عبـاس: { صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } يقول: طريق من أنعمت علـيـم بطاعتك وعبـادتك من الـملائكة والنبـيـين والصديقـين والشهداء والصالـحين، الذين أطاعوك وعبدوك. وحدثنـي أحمد بن حازم الغفـاري، قال: أخبرنا عبـيد الله بن موسى، عن أبـي جعفر عن ربـيع: { صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } قال: النبـيون. وحدثنـي القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنـي حجاج عن ابن جريج، قال: قال ابن عبـاس: { أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } قال: الـمؤمنـين. وحدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: قال وكيع { أنْعَمْتَ عَلَـيْهِمْ }: الـمسلـمين. وحدثنـي يونس بن عبد الأعلـى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال عبد الرحمن بن زيد فـي قول الله: { صِرَاطَ الذِينَ أنْعَمْتَ عَلَـيْهِمْ } قال: النبـي صلى الله عليه وسلم ومن معه. قال أبو جعفر: وفـي هذه الآية دلـيـل واضح علـى أن طاعة الله جل ثناؤه لا ينالها الـمطيعون إلا بإنعام الله بها علـيهم وتوفـيقه إياهم لها. أوَ لا يسمعونه يقول: { صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } فأضاف كل ما كان منهم من اهتداء وطاعة وعبـادة إلـى أنه إنعام منه علـيهم؟ فإن قال قائل: وأين تـمام هذا الـخبر، وقد علـمت أن قول القائل لآخر: أنعمت علـيك، مقتض الـخبر عما أنعم به علـيه، فأين ذلك الـخبر فـي قوله: { صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } وما تلك النعمة التـي أنعمها علـيهم؟ قـيـل له: قد قدمنا البـيان فـيـما مضى من كتابنا هذا عن اجتزاء العرب فـي منطقها ببعض من بعض إذا كان البعض الظاهر دالاًّ علـى البعض البـاطن وكافـياً منه، فقوله: { صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } من ذلك لأن أمر الله جل ثناؤه عبـاده بـمسألته الـمعونة وطلبهم منه الهداية للصراط الـمستقـيـم لـما كان متقدماً قوله: { صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } الذي هو إبـانة عن الصراط الـمستقـيـم، وإبدالٌ منه، كان معلوماً أن النعمة التـي أنعم الله بها علـى من أمرنا بـمسألته الهداية لطريقهم هو الـمنهاج القويـم والصراط الـمستقـيـم الذي قد قدمنا البـيان عن تأويـله آنفـاً، فكان ظاهر ما ظهر من ذلك مع قرب تـجاور الكلـمتـين مغنـياً عن تكراره كما قال نابغة بنـي ذبـيان: كأنكَ منْ جِمالِ بَنـي أُقَـيْشٍ يُقْعْقَعُ خَـلْفَ رِجْلَـيْهِ بِشَنِّ يريد كأنك من جمال بنـي أقـيش جمل يقعقع خـلف رجلـيه بشنّ، فـاكتفـى بـما ظهر من ذكر الـجمال الدال علـى الـمـحذوف من إظهار ما حذف. وكما قال الفرزدق بن غالب: تَرَى أرْبـاقَهُمْ مُتَقَلِّدِيها إذَا صَدِىءَ الـحَديدُ علـى الكُماةِ يريد: متقلديها هم، فحذف «هم» إذ كان الظاهر من قوله: «أربـاقهم» دالاًّ علـيها. والشواهد علـى ذلك من شعر العرب وكلامها أكثر من أن تـحصى، فكذلك ذلك فـي قوله: { صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ }. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم }. قال أبو جعفر: والقراء مـجمعة علـى قراءة «غير» بجرّ الراء منها. والـخفض يأتـيها من وجهين: أحدهما أن يكون غير صفة للذين ونعتا لهم فتـخفضها، إذ كان «الذين» خفضاً وهي لهم نعت وصفة وإنـما جاز أن يكون «غير» نعتا «للذين»، و«الذين» معرفة وغير نكرة لأن «الذين» بصلتها لـيست بـالـمعرفة الـمؤقتة كالأسماء التـي هي أمارات بـين الناس، مثل: زيد وعمرو، وما أشبه ذلك وإنـما هي كالنكرات الـمـجهولات، مثل: الرجل والبعير، وما أشبه ذلك فلما كان «الذين» كذلك صفتها، وكانت غير مضافة إلـى مـجهول من الأسماء نظير «الذين» فـي أنه معرفة غير مؤقتة كما «الذين» معرفة غير مؤقتة، جاز من أجل ذلك أن يكون: { غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم } نعتاً لـ { ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } كما يقال: لا أجلس إلا إلـى العالـم غير الـجاهل، يراد: لا أجلس إلا إلـى من يعلـم، لا إلـى من يجهل. ولو كان الذين أنعمت علـيهم معرفة مؤقتة كان غير جائز أن يكون { غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم } لها نعتاً، وذلك أنه خطأ فـي كلام العرب إذا وصفت معرفة مؤقتة بنكرة أن تلزم نعتها النكرة إعراب الـمعرفة الـمنعوت بها، إلا علـى نـية تكرير ما أعرب الـمنعوت بها. خطأٌ فـي كلامهم أن يقال: مررت بعبد الله غير العالـم، فتـخفض «غير» إلا علـى نـية تكرير البـاء التـي أعربت عبد الله، فكان معنى ذلك لو قـيـل كذلك: مررت بعبد الله، مررت بغير العالـم. فهذا أحد وجهي الـخفض فـي: { غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم }. والوجه الآخر من وجهي الـخفض فـيها أن يكون «الذين» بـمعنى الـمعرفة الـمؤقتة. وإذا وجه إلـى ذلك، كانت غير مخفوضة بنـية تكرير الصراط الذي خفض الذين علـيها، فكأنك قلت: صراط الذين أنعمت علـيهم صراط غير الـمغضوب علـيهم. وهذان التأويلان فـي غير الـمغضوب علـيهم، وإن اختلفـا بـاختلاف معربـيهما، فإنهما يتقارب معناهما من أجل أن من أنعم الله علـيه فهداه لدينه الـحق فقد سلـم من غضب ربه ونـجا من الضلال فـي دينه، فسواءٌ إذ كان سامع قوله: { ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } غير جائز أن يرتاب مع سماعه ذلك من تالـيه فـي أن الذين أنعم الله علـيهم بـالهداية للصراط، غير غاضب ربهم علـيهم مع النعمة التـي قد عظمت منته بها علـيهم فـي دينهم، ولا أن يكونوا ضلالاً وقد هداهم للـحق ربهم، إذْ كان مستـحيلاً فـي فطرهم اجتـماع الرضا من الله جل ثناؤه عن شخص والغضب علـيه فـي حال واحدة واجتـماع الهدى والضلال له فـي وقت واحد وُصِف القوم مع وصف الله إياهم بـما وصفهم به من توفـيقه إياهم وهدايته لهم وإنعامه علـيهم بـما أنعم الله به علـيهم فـي دينهم بأنهم غير مغضوب علـيهم ولا هم ضالون، أم لـم يوصفوا بذلك لأن الصفة الظاهرة التـي وصفوا بها قد أنبأت عنهم أنهم كذلك وإن لـم يصرّح وصفهم به. هذا إذا وجهنا «غير» إلـى أنها مخفوضة علـى نـية تكرير الصراط الـخافض الذين، ولـم نـجعل غير الـمغضوب علـيهم ولا الضالـين من صفة الذين أنعمت علـيهم بل إذا جعلناهم غيرهم وإن كان الفريقان لا شك مُنْعَماً علـيهما فـي أديانهما. فأما إذا وجهنا: { غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ } إلـى أنها من نعت الذين أنعمت علـيهم فلا حاجة بسامعه إلا الاستدلال، إذْ كان الصريح من معناه قد أغنى عن الدلـيـل، وقد يجوز نصب «غير» فـي غير الـمغضوب علـيهم وإن كنت للقراءة بها كارهاً لشذوذها عن قراءة القراء. وإن ما شذّ من القراءات عما جاءت به الأمة نقلاً ظاهراً مستفـيضاً، فرأي للـحق مخالف وعن سبـيـل الله وسبـيـل رسوله صلى الله عليه وسلم وسبـيـل الـمسلـمين متـجانف، وإن كان له لو كانت القراءة جائزة به فـي الصواب مخرج. وتأويـل وجه صوابه إذا نصبتَ: أن يوجه إلـى أن يكون صفة للهاء والـميـم اللتـين فـي «علـيهم» العائدة علـى «الذين»، لأنها وإن كانت مخفوضة ب«علـى»، فهي فـي مـحل نصب بقوله: «أنعمت». فكأن تأويـل الكلام إذا نصبت «غير» التـي مع «الـمغضوب علـيهم»: صراط الذين هديتهم إنعاما منك علـيهم غير مغضوب علـيهم، أي لا مغضوبـاً علـيهم ولا ضالـين. فـيكون النصب فـي ذلك حينئذٍ كالنصب فـي «غير» فـي قولك: مررت بعبد الله غير الكريـم ولا الرشيد، فتقطع غير الكريـم من عبد الله، إذ كان عبد الله معرفة مؤقتة وغير الكريـم نكرة مـجهولة. وقد كان بعض نـحويـي البصريـين يزعم أن قراءة من نصب «غير» فـي غير الـمغضوب علـيهم علـى وجه استثناء غير الـمغضوب علـيهم من معانـي صفة الذين أنعمت علـيهم، كأنه كان يرى أن معنى الذين قرءوا ذلك نصبـاً: اهدنا الصراط الـمستقـيـم صراط الذين أنعمت علـيهم إلا الـمغضوب علـيهم الذين لـم تنعم علـيهم فـي أديانهم ولـم تهدهم للـحق، فلا تـجعلنا منهم كما قال نابغة بنـي ذبـيان: وَقَـفْتُ فـيها أُصَيْلالاً أُسائلُها أعْيَتْ جَوَابـاً وَما بـالرَّبْع منْ أحَدِ إِلاَّ أَوَارِيَّ لأيامَاً أُبَـيِّنُها والنُّؤيُ كالـحَوْضِ بـالـمَظْلُومَةِ الـجَلَدِ وأَلاواري معلوم أنها لـيست من عداد أحد فـي شيء. فكذلك عنده استثنى { غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم } من { ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } ، وإن لـم يكونوا من معانـيهم فـي الدين فـي شيء. وأما نـحويو الكوفـيـين فأنكروا هذا التأويـل واستـخطئوه، وزعموا أن ذلك لو كان كما قاله الزاعم من أهل البصرة لكان خطأ أن يقال: { وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ } لأن «لا» نفـي وجحد، ولا يعطف بجحد إلا علـى جحد وقالوا: لـم نـجد فـي شيء من كلام العرب استثناء يعطف علـيه بجحد، وإنـما وجدناهم يعطفون علـى الاستثناء بـالاستثناء، وبـالـجحد علـى الـجحد فـيقولون فـي الاسثتناء: قام القوم إلا أخاك وإلا أبـاك وفـي الـجحد: ما قام أخوك، ولا أبوك وأما قام القوم إلا أبـاك ولا أخاك، فلـم نـجده فـي كلام العرب قالوا: فلـما كان ذلك معدوماً فـي كلام العرب وكان القرآن بأفصح لسان العرب نزوله، علـمنا إذ كان قوله: { وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ } معطوفـاً علـى قوله: { غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ } علـيهم أن «غير» بـمعنى الـجحد لا بـمعنى الاستثناء، وأن تأويـل من وجهها إلـى الاستثناء خطأ. فهذه أوجه تأويـل غير الـمغضوب علـيهم. بـاختلاف أوجه إعراب ذلك. وإنـما اعترضنا بـما اعترضْنا فـي ذلك من بـيان وجوه إعرابه، وإن كان قصدنا فـي هذا الكتاب الكشف عن تأويـل آي القرآن، لـما فـي اختلاف وجوه إعراب ذلك من اختلاف وجوه تأويـله، فـاضطرّتنا الـحاجة إلـى كشف وجوه إعرابه، لتنكشف لطالب تأويـله وجوه تأويـله علـى قدر اختلاف الـمختلفة فـي تأويـله وقراءته. والصواب من القول فـي تأويـله وقراءته عندنا القول الأول، وهو قراءة: { غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم } بخفض الراء من «غير» بتأويـل أنها صفة للذين أنعمت علـيهم ونعت لهم لـما قد قدمنا من البـيان إن شئت، وإن شئت فبتأويـل تكرار «صراط» كل ذلك صواب حسن. فإن قال لنا قائل: فمن هؤلاء الـمغضوب علـيهم الذين أمرنا الله جل ثناؤه بـمسألته أن لا يجعلنا منهم؟ قـيـل: هم الذين وصفهم الله جل ثناؤه فـي تنزيـله فقال: قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ ٱللَّهِ مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ ٱلْقِرَدَةَ وَٱلْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ ٱلطَّاغُوتَ أُوْلَـٰئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ [المائدة: 60] فأعلـمنا جل ذكره بـمنه ما أحلّ بهم من عقوبته بـمعصيتهم إياه، ثم علـمنا، مِنَّةً منه علـينا، وجه السبـيـل إلـى النـجاة، من أن يحل بنا مثل الذي حلّ بهم من الـمَثُلات، ورأفة منه بنا. فإن قال: وما الدلـيـل علـى أنهم أولاء الذين وصفهم الله وذكر نبأهم فـي تنزيـله علـى ما وصفت قـيـل: حدثنـي أحمد بن الولـيد الرملـي، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الرقـي، قال: حدثنا سفـيان بن عيـينة، عن إسماعيـل بن أبـي خالد، عن الشعبـي، عن عديّ بن حاتـم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الـمَغْضُوبُ عَلَـيْهِمْ: الـيَهُودُ " وحدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: حدثنا مـحمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة عن سماك بن حرب، قال: سمعت عبـاد بن حبـيش يحدّث عن عديّ بن حاتـم قال: قال لـي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنّ الـمَغْضُوبُ عَلَـيْهِمْ: الـيَهُودُ " وحدثنـي علـيّ بن الـحسن، قال: حدثنا مسلـم بن عبد الرحمن، قال: حدثنا مـحمد بن مصعب، عن حماد بن سلـمة، عن سماك بن حرب، عن مُرِّي بن قَطَري، عن عدي بن حاتـم قال: سألت النبـي صلى الله عليه وسلم عن قول الله جل وعز: { غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم } قال: " هُمُ الـيَهُودُ " وحدثنا حميد بن مسعدة الشامي، قال: حدثنا بشر بن الـمفضل، قال: حدثنا الـجريري عن عبد الله بن شقـيق: أن رجلاً أتـى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مـحاصرٌ وادي القرى فقال: من هؤلاء الذين تـحاصر يا رسول الله؟ قال: " هَولاءِ الـمَغْضُوبِ عَلَـيْهِمْ: الـيَهُودُ " وحدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا ابن علـية، عن سعيد الـجريري، عن عروة، عن عبد الله بن شقـيق، أن رجلاً أتـى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نـحوه. وحدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أنبأنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن بديـل العقـيـلـي، قال: أخبرنـي عبد الله بن شقـيق أنه أخبره من سمع النبـي صلى الله عليه وسلم وهو بوادي القرى وهو علـى فرسه وسأله رجل من بنـي القـين، فقال: يا رسول الله من هؤلاء؟ قال: " الـمَغْضُوبُ عَلَـيْهِمْ " وأشار إلـى الـيهود. وحدثنا القاسم بن الـحسن، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنا خالد الواسطي، عن خالد الـحذاء، عن عبد الله بن شقـيق، أن رجلاً سأل النبـي صلى الله عليه وسلم، فذكر نـحوه. وحدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمار، قال: حدثنا أبو روق عن الضحاك، عن ابن عبـاس: { غيرِ الـمَغُضُوبِ عَلَـيْهِمْ } يعنـي الـيهود الذين غضب الله علـيهم. وحدثنـي موسى بن هارون الهمدانـي، قال: حدثنا عمرو بن طلـحة، قال: حدثنا أسبـاط بن نصر، عن السدي فـي خبر ذكره عن أبـي مالك، وعن أبـي صالـح، عن ابن عبـاس، وعن مرة الهمدانـي، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبـيّ صلى الله عليه وسلم: { غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم } هم الـيهود. وحدثنا ابن حميد الرازي، قال: حدثنا مهران، عن سفـيان، عن مـجاهد، قال: { غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم } قال: هم الـيهود. حدثنا أحمد بن حازم الغفـاري، قال: حدثنا عبد الله، عن أبـي جعفر، عن ربـيع: { غيرِ الـمَغْضُوبِ عَلَـيْهِمْ } قال: الـيهود. وحدثنا القاسم قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عبـاس: { غيرٍ الـمَغْضُوبِ عَلَـيْهِمْ } قال: الـيهود. وحدثنـي يونس بن عبد الأعلـى، قال: أخبرنا ابن وهب. قال: قال ابن زيد: { غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم } الـيهود. وحدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: حدثنـي ابن زيد، عن أبـيه، قال: { ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم } الـيهود. قال أبو جعفر: واختلف فـي صفة الغضب من الله جل ذكره فقال بعضهم: غضب الله علـى من غضب علـيه من خـلقه إحلالُ عقوبته بـمن غضب علـيه، إما فـي دنـياه، وإما فـي آخرته، كما وصف به نفسه جل ذكره فـي كتابه فقال: فَلَمَّا ءاسَفُونَا ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَـٰهُمْ أَجْمَعِينَ [الزخرف: 55] وكما قال: قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ ٱللَّهِ مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ ٱلْقِرَدَةَ وَٱلْخَنَازِيرَ [المائدة: 60] وقال بعضهم: غضب الله علـى من غضب علـيه من عبـاده ذمّ منه لهم ولأفعالهم، وشتـم منه لهم بـالقول. وقال بعضهم: الغضب منه معنى مفهوم، كالذي يعرف من معانـي الغضب. غير أنه وإن كان كذلك من جهة الإثبـات، فمخالف معناه منه معنى ما يكون من غضب الآدميـين الذين يزعجهم ويحركهم ويشقّ علـيهم ويؤذيهم لأن الله جل ثناؤه لا تـحل ذاته الآفـات، ولكنه له صفة كما العلـم له صفة، والقدرة له صفة علـى ما يعقل من جهة الإثبـات، وإن خالفت معانـي ذلك معانـي علوم العبـاد التـي هي معارف القلوب وقواهم التـي توجد مع وجود الأفعال وتُعدم مع عدمها. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { وَلا الضَّالِـينَ }. قال أبو جعفر: كان بعض أهل البصرة يزعم أن «لا» مع «الضالـين» أدخـلت تتـميـماً للكلام والـمعنى إلغاؤها، ويستشهد علـى قـيـله ذلك ببـيت العجاج: فـي بِئْرٍ لا حُورٍ سَرَى وَما شَعَرْ ويتأوله بـمعنى: فـي بئر حُورٍ سَرَى، أي فـي بئر هلكة، وأنّ «لا» بـمعنى الإلغاء والصلة. ويعتل أيضاً لذلك يقول أبـي النـجم: فَمَا ألُوم البِـيضَ أنْ لا تَسْخَرَا لَـمَّا رأيْنَ الشَّمَطَ القَـفَنْدَرَا وهو يريد: فما ألوم البـيض أن تسخر. وبقول الأحوص: ويَـلْـحَيْنَنِـي فـي اللَّهْوِ أنْ لا أحِبَّهُ ولَلَّهْوِ داعٍ دائِبٌ غَيْرُ غَافِلِ يريد: ويـلـحينَنـي فـي اللهو أن أحبه. وبقوله تعالـى: ما مَنَعَكَ أنْ لا تَسْجُدَ يريد أن تسجد. وحكي عن قائل هذه الـمقالة أنه كان يتأول «غير» التـي «مع الـمغضوب علـيهم» أنها بـمعنى «سوى»، فكأن معنى الكلام كان عنده: اهدنا الصراط الـمستقـيـم صراط الذين أنعمت علـيهم الذين هم سوى الـمغضوب علـيهم والضالـين. وكان بعض نـحويـي الكوفة يستنكر ذلك من قوله، ويزعم أن «غير» التـي «مع الـمغضوب علـيهم» لو كانت بـمعنى «سوى» لكان خطأ أن يعطف علـيها ب«لا»، إذ كانت «لا» لا يعطف بها إلا علـى جحد قد تقدمها، كما كان خطأ قول القائل: عندي سوى أخيك، ولا أبـيك لأن «سوى» لـيست من حروف النفـي والـجحود ويقول: لـما كان ذلك خطأ فـي كلام العرب، وكان القرآن بأفصح اللغات من لغات العرب، كان معلوما أن الذي زعمه القائل أن «غير مع الـمغضوب» علـيهم بـمعنى: «سوى الـمغضوب علـيهم» خطأ، إذ كان قد كرّ علـيه الكلام ب«لا». وكان يزعم أن «غير» هنالك إنـما هي بـمعنى الـجحد، إذ كان صحيحاً فـي كلام العرب وفـاشياً ظاهراً فـي منطقها توجيه «غير» إلـى معنى النفـي ومستعملاً فـيهم: أخوك غير مـحسن ولا مـجمل، يراد بذلك أخوك لا مـحسن، ولا مـجمل، ويستنكر أن تأتـي «لا» بـمعنى الـحذف فـي الكلام مبتدأً ولـمّا يتقدمها جحد، ويقول: لو جاز مـجيئها بـمعنى الـحذف مبتدأ قبل دلالة تدل علـى ذلك من جحد سابق، لصح قول قائل قال: أردت أن لا أكرم أخاك، بـمعنى: أردت أن أكرم أخاك. وكان يقول: ففـي شهادة أهل الـمعرفة بلسان العرب علـى تـخطئه قائل ذلك دلالة واضحة علـى أن «لا» لا تأتـي مبتدأة بـمعنى الـحذف، ولـمّا يتقدمها جحد. وكان يتأول فـي «لا» التـي فـي بـيت العجاج الذي ذكرنا أن البصري استشهد به بقوله إنها جحد صحيح، وأن معنى البـيت: سرى فـي بئر لا تُـحِيرُ علـيه خيرا، ولا يتبـين له فـيها أثرُ عمل، وهو لا يشعر بذلك ولا يدري به. من قولهم: طحنت الطاحنة فما أحارت شيئاً أي لـم يتبـين لها أثر عمل. ويقول فـي سائر الأبـيات الأخر، أعنـي مثل بـيت أبـي النـجم: فَمَا ألُومُ البِـيضَ أنْ لا تَسْخَرَا إنـما جاز أن تكون «لا» بـمعنى الـحذف، لأن الـجحد قد تقدمها فـي أول الكلام، فكان الكلام الآخر مواصلاً للأول، كما قال الشاعر: ما كانَ يَرْضَى رَسُولُ اللَّهِ فِعْلَهُمُ وَالطَّيِّبـان أبُو بَكْرٍ وَلا عُمَرُ فجاز ذلك، إذ كان قد تقدم الـجحد فـي أول الكلام. قال أبو جعفر: وهذا القول الآخر أولـى بـالصواب من الأول، إذ كان غير موجود فـي كلام العرب ابتداء الكلام من غير جحد تقدمه ب«لا» التـي معناها الـحذف، ولا جائز العطف بها علـى «سوى»، ولا علـى حرف الاستثناء. وإنـما ل«غير» فـي كلام العرب معان ثلاثة: أحدها الاستثناء، والآخر الـجحد، والثالث سوى، فإذا بطل خطأ «لا» أن يكون بـمعنى الإلغاء مبتدأ وفسد أن يكون عطفـاً علـى «غير» التـي مع «الـمغضوب علـيهم»، لو كانت بـمعنى «إلا» التـي هي استثناء، ولـم يجز أيضاً أن يكون عطفـاً علـيها لو كانت بـمعنى «سوى»، وكانت «لا» موجودة عطفـاً بـالواو التـي هي عاطفة لها علـى ما قبلها، صحّ وثبت أن لا وجه ل«غير» التـي مع «الـمغضوب علـيهم» يجوز توجيهها إلـيه علـى صحة إلا بـمعنى الـجحد والنفـي، وأن لا وجه لقوله: «ولا الضالـين»، إلا العطف علـى «غير الـمغضوب علـيهم». فتأويـل الكلام إذا إذ كان صحيحاً ما قلنا بـالذي علـيه استشهدنا: اهدنا الصراط الـمستقـيـم صراط الذين أنعمت علـيهم لا الـمغضوب علـيهم ولا الضالـين. فإن قال لنا قائل: ومن هؤلاء الضالون الذين أمرنا الله بـالاستعاذة بـالله أن يسلك بنا سبـيـلهم، أو نضل ضلالهم؟ قـيـل: هم الذين وصفهم الله فـي تنزيـله، فقال: يَـٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ ٱلْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُوۤاْ أَهْوَآءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ [المائده: 77] فإن قال: وما برهانك علـى أنهم أولاء؟ قـيـل: حدثنا أحد بن الولـيد الرملـي، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر، قال: حدثنا سفـيان بن عيـينة، عن إسماعيـل بن أبـي خالد، عن الشعبـي، عن عديّ بن أبـي حاتـم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { ولا الضَّالِّـينَ } قال: " النَّصارى " حدثنا مـحمد بن الـمثنى، أنبأنا مـحمد بن جعفر، أنبأنا شعبة عن سماك، قال: سمعت عبـاد بن حبـيش يحدث عن عديّ بن حاتـم، قال: قال لـي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ الضَّالِّـينَ: النَّصَارَى " وحدثنـي علـيّ بن الـحسن، قال: حدثنا مسلـم بن عبد الرحمن، قال: حدثنا مـحمد بن مصعب، عن حماد بن سلـمة، عن سماك بن حرب، عن مري بن قطري، عن عديّ بن حاتـم، قال: سألت النبـيّ صلى الله عليه وسلم عن قول الله { وَلا الضَّالِّـينَ } قال: " النَّصَارَى هُمُ الضَّالونَ " وحدثنا حميد بن مسعدة الشامي، قال: حدثنا بشر بن الـمفضل، قال: حدثنا الـجريري، عن عبد الله بن شقـيق: أن رجلاً أتـى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مـحاصر وادي القرى قال: قلت: من هؤلاء؟ قال: " هَؤُلاءِ الضَّالونَ: النَّصَارَى " وحدثنا يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا ابن علـية، عن سعيد الـجريري، عن عروة، يعنـي ابن عبد الله بن قـيس، عن عبد الله بن شقـيق، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنـحوه. حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر عن بديـل العقـيـلـي، قال: أخبرنـي عبد الله بن شقـيق، أنه أخبره من سمع النبـي صلى الله عليه وسلم وهو بوادي القرى وهو علـى فرسه وسأله رجل من بنـي القـين فقال: يا رسول الله من هؤلاء؟ قال: " هَؤُلاءِ الضَّالونَ " ، يَعْنِـي النَّصَارَى. وحدثنا القاسم قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنا خالد الواسطي، عن خالد الـحذاء، عن عبد الله بن شقـيق، أن رجلاً سأل النبـي صلى الله عليه وسلم، وهو مـحاصر وادي القرى وهو علـى فرس من هؤلاء؟ قال: " الضَّالونَ " يَعْنِـي النَّصَارَى. وحدثنا مـحمد بن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفـيان، عن مـجاهد: { ولا الضالـين } قال: النصارى. وحدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، عن بشر بن عمار، قال: حدثنا أبو روق، عن الضحاك، عن ابن عبـاس: { ولا الضالـين } قال: وغير طريق النصارى الذين أضلهم الله بِفِرْيتهم علـيه. قال: يقول: فألهمنا دينك الـحقّ، وهو لا إلٰه إلاّ الله وحده لا شريك له، حتـى لا تغضبَ علـينا كما غضبت علـى الـيهود ولا تضلَّنا كما أضللت النصارى فتعذّبنا بـما تعذبهم به. يقول: امنعنا من ذلك برفقك ورحمتك وقدرتك. وحدثنا القاسم قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عبـاس الضالـين: النصارى. وحدثنـي موسى بن هارون الهمدانـي، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسبـاط بن نصر، عن إسماعيـل السدي فـي خبر ذكره عن أبـي مالك، وعن أبـي صالـح، عن ابن عبـاس، وعن مرة الهمدانـي، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبـيّ صلى الله عليه وسلم: ولا الضالـين: هم النصارى. وحدثنـي أحمد بن حازم الغفـاري، قال: أخبرنا عبـيد الله بن موسى، عن أبـي جعفر، عن ربـيع: ولا الضالـين: النصارى. وحدثنـي يونس بن عبد الأعلـى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال عبد الرحمن بن زيد: ولا الضالـين النصارى. وحدثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهب، قال: حدثنا عبد الرحمن بن زيد، عن أبـيه. قال: ولا الضالـين النصارى. قال أبو جعفر: وكل حائد عن قصد السبـيـل وسالك غير الـمنهج القويـم فضالّ عند العرب لإضلاله وجه الطريق، فلذلك سَمَّى الله جل ذكره النصارى ضُلاّلاً لـخطئهم فـي الـحق منهج السبـيـل، وأخذهم من الدين فـي غير الطريق الـمستقـيـم. فإن قال قائل: أو لـيس ذلك أيضاً من صفة الـيهود؟ قـيـل: بلـى. فإن قال: كيف خصّ النصارى بهذه الصفة، وخص الـيهود بـما وصفهم به من أنهم مغضوب علـيهم؟ قـيـل: إن كلا الفريقـين ضُلاّل مغضوب علـيهم، غير أن الله جل ثناؤه وَسَم كل فريق منهم من صفته لعبـاده بـما يعرفونه به إذا ذكره لهم، أو أخبرهم عنه، ولـم يَسِمْ واحداً من الفريقـين إلا بـما هو له صفة علـى حقـيقته، وإن كان له من صفـات الذم زيادات علـيه. وقد ظن بعض أهل الغبـاء من القدرية أن فـي وصف الله جل ثناؤه النصارى بـالضلال بقوله: { وَلا الضالِّـين } وإضافته الضلال إلـيهم دون إضافة إضلالهم إلـى نفسه، وتركه وصفهم بأنهم الـمضللون كالذي وصف به الـيهود أنهم الـمغضوب علـيهم، دلالةً علـى صحة ما قاله إخوانه من جَهَلَةِ القدرية جهلاً منه بسعة كلام العرب وتصاريف وجوهه. ولو كان الأمر علـى ما ظنه الغبـيّ الذي وصفنا شأنه لوجب أن يكون شأن كل موصوف بصفة أو مضاف إلـيه فعل لا يجوز أن يكون فـيه سبب لغيره، وأن يكون كل ما كان فـيه من ذلك لغيره سبب فـالـحق فـيه أن يكون مضافـاً إلـى مسببه، ولو وجب ذلك لوجب أن يكون خطأ قول القائل: «تـحركت الشجرةُ» إذا حركتها الرياح، و«اضطربت الأرضُ» إذا حركتها الزلزلة، وما أشبه ذلك من الكلام الذي يطول بإحصائه الكتاب. وفـي قول الله جل ثناؤه: حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي ٱلْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم [يونس: 22] بإضافته الـجري إلـى الفلك، وإن كان جَرْيُها بإجراء غيرها إياها، ما يدل علـى خطأ التأويـل الذي تأوله من وصفنا قوله فـي قوله: { وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ } ، وادعائه أن فـي نسبة الله جل ثناؤه الضلالةَ إلـى من نسبها إلـيه من النصارى تصحيحاً لـما ادعى الـمنكرون أن يكون لله جل ثناؤه فـي أفعال خـلقه سببٌ من أجله وُجدت أفعالهم، مع إبـانة الله عز ذكره نصّاً فـي آي كثـيرة من تنزيـله أنه الـمضلّ الهادي فمن ذلك قوله جل ثناؤه: أَفَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ ٱللَّهِ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ [الجاثية: 23] فأنبأ جل ذكره أنه الـمضلّ الهادي دون غيره. ولكن القرآن نزل بلسان العرب، علـى ما قد قدمنا البـيان عنه فـي أول الكتاب. ومن شأن العرب إضافة الفعل إلـى من وُجد منه، وإن كان مسببه غير الذي وجد منه أحياناً، وأحياناً إلـى مسببه، وإن كان الذي وجد منه الفعل غيرُه. فكيف بـالفعل الذي يكتسبه العبد كسبـاً ويوجده الله جل ثناؤه عينا مُنْشأةً؟ بل ذلك أحرى أن يضاف إلـى مكتسبه كسبـاً له بـالقوة منه علـيه والاختـيار منه له، وإلـى الله جل ثناؤه بإيجاد عينه وإنشائها تدبـيراً.مسئلة يسأل عنها أَهل الإلـحاد الطاعنون فـي القرآن إن سألنا منهم سائل فقال: إنك قد قدمت فـي أول كتابك هذا فـي وصف البـيان بأن أعلاه درجة وأشرفه مرتبة، أبلغه فـي الإبـانة عن حاجة الـمبـين به عن نفسه وأبْـينُه عن مراد قائله وأقربه من فهم سامعه، وقلت مع ذلك إن أولـى البـيان بأن يكون كذلك كلام الله جل ثناؤه بفضله علـى سائر الكلام وبـارتفـاع درجته علـى أعلـى درجات البـيان. فما الوجه إذ كان الأمر علـى ما وصفتَ فـي إطالة الكلام بـمثل سورة أمّ القرآن بسبع آيات؟ وقد حوت معانـي جميعها منها آيتان، وذلك قوله: مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة: 4-5] إذ كان لا شك أن من عرف: مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ [الفاتحة: 4] فقد عرفه بأسمائه الـحسنى وصفـاته الـمثلـى. وأنَّ من كان لله مطيعاً، فلا شك أنه لسبـيـل من أنعم الله علـيه فـي دينه متبع، وعن سبـيـل من غضب علـيه وضل منعدل، فما فـي زيادة الآيات الـخمس البـاقـية من الـحكمة التـي لـم تـحوها الآيتان اللتان ذكرنا؟ قـيـل له: إن الله تعالـى ذكره جمع لنبـينا مـحمد صلى الله عليه وسلم ولأمته بـما أنزل إلـيه من كتابه معانـي لـم يجمعهن بكتاب أنزله إلـى نبـي قبله ولا لأمة من الأمـم قبلهم. وذلك أن كل كتاب أنزله جل ذكره علـى نبـي من أنبـيائه قبله، فإنـما أنزله ببعض الـمعانـي التـي يحوي جميعها كتابه الذي أنزله إلـى نبـينا مـحمد صلى الله عليه وسلم، كالتوراة التـي هي مواعظ وتفصيـل، والزَّبُور الذي هو تـحميد وتـمـجيد، والإنـجيـل الذي هو مواعظ وتذكير لا معجزة فـي واحد منها تشهد لـمن أنزل إلـيه بـالتصديق. والكتابُ الذي أنزل علـى نبـينا مـحمد صلى الله عليه وسلم يحوي معانـي ذلك كله، ويزيد علـيه كثـيراً من الـمعانـي التـي سائر الكتب غيره منها خالٍ، وقد قدمنا ذكرها فـيـما مضى من هذا الكتاب. ومن أشرف تلك الـمعانـي التـي فضل بها كتابنا سائر الكتب قبله: نظمه العجيب، ورصفه الغريب، وتألـيفه البديع، الذي عجزت عن نظم مثل أصغر سورة منه الـخطبـاء، وكلَّتْ عن وصف شكل بعضه البلغاء، وتـحيرت فـي تألـيفه الشعراء، وتبلَّدت قصوراً عن أن تأتـي بـمثله لديه أفهام الفهماء. فلـم يجدوا له إلا التسلـيـم، والإقرار بأنه من عند الواحد القهار، مع ما يحوي مع ذلك من الـمعانـي التـي هي ترغيب، وترهيب. وأمر، وزجر، وقصص، وجدل، ومثل، وما أشبه ذلك من الـمعانـي التـي لـم تـجتـمع فـي كتاب أنزل إلـى الأرض من السماء. فمهما يكن فـيه من إطالة علـى نـحو ما فـي أم القرآن، فلـما وصفت قبلُ من أن الله جل ذكره أراد أن يجمع بوصفه العجيب، ونظمه الغريب، الـمنعدل عن أوزان الأشعار، وسجع الكهان، وخطب الـخطبـاء، ورسائل البلغاء، العاجز عن وصف مثله جميع الأنام، وعن نظم نظيره كل العبـاد الدلالة علـى نبوّة نبـينا مـحمد صلى الله عليه وسلم وبـما فـيه من تـحميد وتـمـجيد وثناء علـيه، تنبـيه للعبـاد علـى عظمته وسلطانه وقدرته وعظم مـملكته، لـيذكروه بآلائه ويحمدوه علـى نعمائه، فـيستـحقوا به منه الـمزيد ويستوجبوا علـيه الثوابَ الـجزيـل. وبـما فـيه من نعت من أنعم علـيه بـمعرفته، وتفضل علـيه بتوفـيقه لطاعته، تعريفعبـاده أن كل ما بهم من نعمة فـي دينهم ودنـياهم فمنه، لـيصرفوا رغبتهم إلـيه، ويبتغوا حاجاتهم من عنده دون ما سواه من الآلهة والأنداد، وبـما فـيه من ذكره ما أحل بـمن عصاه من مثلاته، وأنزل بـمن خالف أمره من عقوبـاته ترهيب عبـاده عن ركوب معاصيه، والتعرّض لـما لا قبل لهم به من سخطه، فـيسلك بهم فـي النكال والنقمات سبـيـل من ركب ذلك من الهلاك. فذلك وجه إطالة البـيان فـي سورة أم القرآن، وفـيـما كان نظيراً لها من سائر سور الفرقان، وذلك هو الـحكمة البـالغة والـحجة الكاملة. حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا الـمـحاربـي، عن مـحمد بن إسحاق، قال: حدثنـي العلاء بن عبد الرَّحمن بن يعقوب، عن أبـي السائب مولـى زهرة، عن أبـي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذَا قالَ العَبْدُ: الـحَمْدُ لِلَّهِ رب العالَـمِينَ، قالَ اللَّهُ: حَمَدَنِـي عَبْدِي، وَإذَا قالَ: الرحْمَنُ الرَّحِيـمِ، قال: أثنى عَلـيَّ عَبْدِي، وَإذَا قالَ: مالِكِ يَوْمِ الدّينِ، قالَ: مَـجَّدَنِـي عَبْدِي، فَهَذَا لـي. وَإذَا قالَ: إياكَ نَعْبُدُ وَإياكَ نَسْتَعِينُ إلـى أنْ يَخْتِـمَ السورَةَ قالَ: فَذَاكَ لَهُ " حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عبدة، عن ابن إسحاق، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبـي السائب، عن أبـي هريرة، قال: إذا قال العبد: الـحمد لله، فذكر نـحوه، ولـم يرفعه. حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو أسامة، قال: حدثنا الولـيد بن كثـير، قال: حدثنـي العلاء بن عبد الرحمن مولـى الـحرقة، عن أبـي السائب، عن أبـي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله. حدثنـي صالـح بن مسمار الـمروزي، قال: حدثنا زيد بن الـحبـاب، قال: حدثنا عنبسة بن سعيد، عن مطرف بن طريف، عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال الله عَزّ وَجَلَّ: قَسَمْتُ الصَّلاةَ بَـيْنـي وبـينَ عَبْدِي نِصْفَـيْنِ وَلَهُ ما سألَ، فإذَا قالَ العَبْدُ: الـحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ العالَـمِينَ، قالَ الله: حَمِدَنِـي عَبْدِي، وَإذَا قالَ الرَّحْمَنِ الرَّحيـمِ، قالَ: أثْنى عَلـيَّ عَبْدِي، وَإذَا قالَ: مالكِ يَوْم الدّين، قالَ: مَـجَّدَنِـي عَبْدِي، قالَ: هَذَا لـي وَلَهُ ما بَقـيَ "
{ "aya": [ { "start": 453, "end": 805 }, { "start": 9510, "end": 9746 }, { "start": 12882, "end": 12953 }, { "start": 12977, "end": 13130 }, { "start": 17253, "end": 17436 }, { "start": 21581, "end": 21633 }, { "start": 22057, "end": 22263 }, { "start": 23239, "end": 23306 }, { "start": 23346, "end": 23370 } ], "hadith": [ { "start": 10230, "end": 10270 }, { "start": 10445, "end": 10489 }, { "start": 10739, "end": 10758 }, { "start": 10970, "end": 11018 }, { "start": 11421, "end": 11449 }, { "start": 17710, "end": 17723 }, { "start": 17882, "end": 17917 }, { "start": 18146, "end": 18177 }, { "start": 18367, "end": 18403 }, { "start": 18816, "end": 18839 }, { "start": 19052, "end": 19066 }, { "start": 26027, "end": 26354 }, { "start": 26901, "end": 27246 } ], "verse": [ { "start": 3176, "end": 3208 }, { "start": 3209, "end": 3247 }, { "start": 3402, "end": 3435 }, { "start": 3436, "end": 3472 }, { "start": 7661, "end": 7698 }, { "start": 7699, "end": 7742 }, { "start": 7743, "end": 7782 }, { "start": 7783, "end": 7830 }, { "start": 13853, "end": 13890 }, { "start": 14013, "end": 14050 }, { "start": 14051, "end": 14090 }, { "start": 14140, "end": 14187 }, { "start": 14188, "end": 14225 }, { "start": 15921, "end": 15959 }, { "start": 16084, "end": 16126 }, { "start": 16127, "end": 16165 } ] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 1, "aya_end": 1, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=1&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في ذلك، فقال بعضهم: تأويله أنا الله أرى. ذكر من قال ذلك: حدثنا يحيى بن داود بن ميمون الواسطي، قال: ثنا أبو أسامة، عن أبي روق، عن الضحاك، في قوله: { الر }: أنا الله أرى. حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا شريك، عن عطاء بن السائب، عن أبي الضحى عن ابن عباس، قوله: { الر } قال: أنا الله أرى. وقال آخرون: هي حروف من اسم الله الذي هو الرحمن. ذكر من قال ذلك: حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه، قال: ثنا عليّ بن الحسين، قال: ثني أبي، عن يزيد، عن عكرمة عن ابن عباس: «الر، وحم، ونون» حروف الرحمن مقطعة. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عيسى بن عبيد عن الحسين بن عثمان، قال: ذكر سالم بن عبد الله: «الر، وحم ونون» فقال: اسم الرحمن مقطع. ثم قال: الرحمن. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا أبي حماد، قال: ثنا مندل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، قال: «الر، وحم، ونون» هو اسم الرحمن. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا سويد بن عمرو الكلبي، عن أبي عوانة، عن إسماعيل بن سالم، عن عامر أنه سئل عن: «الر، وحم، وص» قال: هي أسماء الله مقطعة بالهجاء، فإذا وصلتها كانت اسماً من أسماء الله تعالى. وقال آخرون: هي اسم من أسماء القرآن. ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: { الر } اسم من أسماء القرآن. وقد ذكرنا اختلاف الناس وما إليه ذهب كلّ قائل في الذي قال فيه، وما الصواب لدينا من القول في ذلك في نظيره، وذلك في أوّل سورة البقرة، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع. وإنما ذكرنا في هذا الموضع القدر الذي ذكرنا لمخالفة من ذكرنا قوله في هذا قول في الم، فأما الذين وفقوا بين معاني جميع ذلك، فقد ذكرنا قولهم هناك مكتفيا عن الإعادة ههنا. القول في تأويل قوله تعالى: { تِلْكَ آياتُ الكِتابِ الحَكِيمِ }. واختلف في تأويل ذلك، فقال بعضهم: تلك آيات التوراة. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن مجاهد: { تِلْكَ آياتُ الكِتابِ الحَكِيمِ } قال: التوراة والإنجيل. قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا هشام، عن عمرو، عن سعيد، عن قتادة: { تِلْكَ آياتُ الكِتابِ } قال: الكتب التي كانت قبل القرآن. وقال آخرون: معنى ذلك: هذه آيات القرآن. وأولى التأويلين في ذلك بالصواب تأويل من تأوّله: هذه آيات القرآن، ووجه معنى «تلك» إلى معنى «هذه»، وقد بيَّنا وجه توجيه تلك إلى هذا المعنى في سورة البقرة بما أغنى عن إعادته. والآيات الأعلام، والكتاب اسم من أسماء القرآن، وقد بيَّنا كلّ ذلك فيما مضى قبل. وإنما قلنا هذا التأويل أولى في ذلك بالصواب، لأنه لم يجيءْ للتوراة والإنجيل قبل ذكر ولا تلاوة بعده فيوجه إليه الخبر، فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: والرحمن هذه آيات القرآن الحكيم. ومعنى «الحكيم» في هذا الموضع: «المحكم» صرف مفعل إلى فعيل، كما قيل عذاب أليم، بمعنى مؤلم، وكما قال الشاعر: أمنْ رَيحانةَ الدَّاعي السَّميعُ وقد بيَّنا ذلك في غير موضع من الكتاب. فمعناه إذا: تلك آيات الكتاب المحكم الذي أحكمه الله وبيَّنه لعباده، كما قال جلّ ثناؤه: الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ
{ "aya": [ { "start": 2612, "end": 2684 } ], "hadith": [], "verse": [ { "start": 2455, "end": 2487 } ] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 100, "aya_end": 100, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=100&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره لنبيه: وما كان لنفس خلقتها من سبيل إلى تصديقك يا محمد إلا بإن آذن لها في ذلك، فلا تجهدنّ نفسك في طلب هداها، وبلغها وعيد الله وعرفها ما أمرك ربك بتعريفها، ثم خلِّها، فإن هداها بيد خالقها. وكان الثوري يقول في تأويل قوله: { إلاَّ بأذْنِ اللَّهِ } ما: حدثني المثنى، قال: ثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن سفيان، في قوله: { وَما كانَ لِنَفْسٍ أنْ تؤمِنَ إلاَّ بإذْنِ اللَّهِ } قال: بقضاء الله. وأما قوله: { وَيجْعَلُ الرَّجْسَ على الَّذِينَ لا يَعْقَلُونَ } فإنه يقول تعالى ذكره: إن الله يهدي من يشاء من خلقه للإيمان بك يا محمد، ويأذن له في تصديقك فيصدّقك ويتبعك، ويقرّ بما جئت به من عند ربك، ويجعل الرجس، وهو العذاب، وغضب الله على الذين لا يعقلون يعني الذين لا يعقلون عن الله حججه ومواعظه وآياته التي دلّ بها جلّ ثناؤه على نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم وحقيقة ما دعاهم إليه من توحيد الله وخلع الأنداد والأوثان. حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { وَيجْعَلُ الرّجْسَ } قال: السخط.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 101, "aya_end": 101, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=101&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: { قُلْ } يا محمد لهؤلاء المشركين من قومك، السائليك الآيات على صحة ما تدعوهم إليه من توحيد الله وخلع الأنداد والأوثان: { انْظُرُوا } أيها القوم { ماذَا في السَّمَوَاتِ } من الآيات الدالة على حقيقة ما أدعوكم إليه من توحيد الله من شمسها وقمرها، واختلاف ليلها ونهارها، ونزول الغيث بأرزاق العباد من سحابها، { و } في { الأرْضِ } من جبالها وتصدّعها بنباتها، وأقوات أهلها، وسائر صنوف عجائبها فإن في ذلك لكم إن عقلتم وتدبرتم موعظة ومعتبراً، ودلالة على أن ذلك من فعل من لا يجوز أن يكون له في ملكه شريك ولا له على تدبيره وحفظه ظهير يغنيكم عما سواه من الآيات. يقول الله جلّ ثناؤه: { وَما تُغْنِي الآياتُ والنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ } يقول جلّ ثناؤه: وما تغنى الحجج والعبر والرسل المنذرة عباد الله عقابه عن قوم قد سبق لهم من الله الشقاء وقضى لهم في أمّ الكتاب أنهم من أهل النار لا يؤمنون بشيء من ذلك ولا يصدّقون به. وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حتى يَرَوُا العَذَابَ الألِيمِ
{ "aya": [ { "start": 830, "end": 890 } ], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 102, "aya_end": 102, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=102&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم محذّراً مشركي قومه من حلول عاجل نقمة بساحتهم نحو الذي حلّ بنظرائهم من قبلهم من سائر الأمم الخالية من قبلهم السالكة في تكذيب رسل الله وجحود توحيد ربهم سبيلهم: فهل ينتظر يا محمد هؤلاء المشركون من قومك المكذّبون بما جئتهم به من عند الله، إلا يوماً يعاينون فيه من عذاب الله مثل أيام أسلافهم الذي كانوا على مثل الذي هم عليه من الشرك والتكذيب الذين مضوا قبلهم فخلَوْا من قوم نوح وعاد وثمود، قل لهم يا محمد: إن كانوا ذلك ينتظرون، فانتظروا عقاب الله إياكم ونزول سخطه بكم، إني من المنتظرين هلاككم وبواركم بالعقوبة التي تحل بكم من الله. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إلاَّ مِثْلَ أيامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ } يقول: وقائع الله في الذين خلوا من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس، في قوله: { فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إلاَّ مِثْلَ أيامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فانْتَظِرُوا إني مَعَكُمْ مِنَ المُنْتَظِرينَ } قال: خوّفهم عذابه ونقمته وعقوبته، ثم أخبرهم أنه إذا وقع من ذلك أمر أنجى الله رسله والذين آمنوا معه، فقال الله: ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا والَّذِينَ آمَنُوا كذلكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ المُؤْمِنينَ
{ "aya": [ { "start": 1153, "end": 1237 } ], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 103, "aya_end": 103, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=103&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لهؤلاء المشركين من قومك انتظروا مثل أيام الذين خلوا من قبلكم من الأمم السالفة الذين هلكوا بعذاب الله، فإن ذلك إذا جاء لم يهلك به سواهم، ومن كان على مثل الذي هم عليه من تكذيبك، ثم ننجي هناك رسولنا محمداً صلى الله عليه وسلم ومن آمن به وصدقه واتبعه على دينه، كما فعلنا قبل ذلك برسلنا الذين أهلكنا أممهم فأنجيناهم ومن آمن به معهم من عذابنا حين حق على أممهم. { كذلكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجي المُؤْمِنِينَ } يقول: كما فعلنا بالماضين من رسلنا فأنجيناها والمؤمنين معها وأهلكنا أممها، كذلك نفعل بك يا محمد وبالمؤمنين فننجيك وننجي المؤمنين بك حقًّا علينا غير شكّ.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 104, "aya_end": 104, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=104&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين من قومك الذين عجبوا أن أوحيت إليك إن كنتم في شكّ أيها الناس من ديني الذي أدعوكم إليه فلم تعلموا أنه حقّ من عند الله: فإني لا أعبد الذين تعبدون من دون الله من الآلهة والأوثان التي لا تسمع ولا تبصر ولا تغني عني شيئاً، فتشكوا في صحته. وهذا تعريض ولحن من الكلام لطيف. وإنما معنى الكلام: إن كنتم في شكّ من ديني، لا ينبغي لكم أن تشكوا فيه، وإنما ينبغي لكم أن تشكوا في الذي أنتم عليه من عبادة الأصنام التي لا تعقل شيئاً ولا تضرّ ولا تنفع، فأما ديني فلا ينبغي لكم أن تشكوا فيه، لأني أعبد الله الذي يقبض الخلق فيميتهم إذ شاء وينفعهم ويضرّ من يشاء وذلك أن عبادة من كان كذلك لا يستنكرها ذو فطرة صحيحة، وأما عبادة الأوثان فينكرها كل ذي لبّ وعقل صحيح. وقوله: { وَلكِنْ أعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ } يقول: ولكن أعبد الله الذي يقبض أرواحكم فيميتكم عند آجالكم. { وأُمِرْتُ أنْ أكُونَ مِنَ المؤْمِنِينِ } يقول: وهو الذي أمرني أن أكون من المصدّقين بما جاءني من عنده.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 105, "aya_end": 105, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=105&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: وأمرت أن أكون من المؤمنين، وأن أقم. و«أن» الثانية عطف على «أن» الأولى. ويعني بقوله: { أقِمْ وَجْهَكَ للدّينِ } أقم نفسك على دين الإسلام حنيفاً مستقيماً عليه، غير معوجّ عنه إلى يهودية ولا نصرانية ولا عبادة وثن. { وَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُشْرِكِينَ } يقول: ولا تكوننّ ممن يشرك في عبادة ربه الآلهة والأنداد فتكون من الهالكين.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 106, "aya_end": 106, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=106&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: ولا تدع يا محمد من دون معبودك وخالقك شيئاً لا ينفعك في الدنيا ولا في الآخرة ولا يضرّك في دين ولا دنيا، يعني بذلك الآلهة والأصنام، يقول: لا تعبدها راجياً نفعها أو خائفاً ضرّها، فأنها لا تنفع ولا تضرّ، فإن فعلت ذلك فدعوتها من دون الله { فإنَّكَ إذاً مِنَ الظَّالِمِينَ } يقول: من المشركين بالله، الظالم لنفسه.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 107, "aya_end": 107, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=107&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره لنبيه: وإن يصبك الله يا محمد بشدّة أو بلاء فلا كاشف لذلك إلا ربك الذي أصابك به دون ما يعبده هؤلاء المشركون من الآلهة والأنداد. { وَإنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ } يقول: وإن يردك ربك برخاء أو نعمة وعافية وسرور، { فَلا رادّ لِفَضْلِهِ } يقول: فلا يقدر أحد أن يحول بينك وبين ذلك ولا يردّك عنه ولا يحرمكه لأنه الذي بيده السرّاء والضرّاء دون الآلهة والأوثان ودون ما سواه. { يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ } يقول: يصيب ربك يا محمد بالرخاء والبلاء والسرّاء والضرّاء من يشاء ويريد من عباده، وهو الغفور لذنوب من تاب وأناب من عباده من كفره وشركه إلى الإيمان به وطاعته، الرحيم بمن آمن به منهم وأطاعه أن يعذّبه بعد التوبة والإنابة.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 108, "aya_end": 108, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=108&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: { قُلْ } يا محمد للناس { يا أيُّها النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ } يعني: كتاب الله، فيه بيان كلّ ما بالناس إليه حاجة من أمر دينهم، { فَمَنِ اهْتَدَى } يقول: فمن استقام فسلك سبيل الحقّ، وصدّق بما جاء من عند الله من البيان. { فإنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ } يقول: فإنما يستقيم على الهدى، ويسلك قصد السبيل لنفسه، فإياها يبغي الخير بفعله ذلك لا غيرها. { وَمَنْ ضَلَّ } يقول: ومن اعوجّ عن الحقّ الذي أتاه من عند الله، وخالف دينه، وما بعث به محمداً والكتاب الذي أنزله عليه. { فإنَّما يَضِلُّ عَلَيْها } يقول: فإن ضلاله ذلك إنما يجني به على نفسه لا على غيرها لأنه لا يؤخذ بذلك غيرها ولا يورد بضلاله ذلك المهالك سوىٰ نفسه. وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى { وَما أنا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } يقول: وما أنا عليكم بمسلط على تقويمكم، إنما أمركم إلى الله، وهو الذي يقوّم من شاء منكم، وإنما أنا رسول مبلغ أبلغكم ما أرسلت به إليكم.
{ "aya": [ { "start": 678, "end": 714 } ], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 109, "aya_end": 109, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=109&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: واتبع يا محمد وحي الله الذي يوحيه إليك وتنزيله الذي ينزله عليك، فاعمل به واصبر على ما أصابك في الله من مشركي قومك من الأذى والمكاره وعلى ما نالك منهم حتى يقضي الله فيهم وفيك أمره بفعل فاصل. { وَهُوَ خَيرُ الحاكمينَ } يقول: وهو خير القاضين وأعدل الفاصلين. فحكم جلّ ثناؤه بينه وبينهم يوم بدر، وقتلهم بالسيف، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم فيمن بقي منهم أن يسلك بهم سبيل من أهلك منهم أو يتوبوا وينيبوا إلى طاعته. كما: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: وَما أنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ وَاصْبِرْ حتى يَحْكُمَ اللَّهَ وَهُوَ خَيْرُ الحاكمِينَ قال: هذا منسوخ حتى يحكم الله، حكم الله بجهادهم وأمره بالغلظة عليهم.والله الموفق للصواب، والحمد لله وحده، والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً.
{ "aya": [ { "start": 490, "end": 577 } ], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 11, "aya_end": 11, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=11&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: { وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ للنَّاسِ } أجابة دعائهم في { الشَّرّ } ، وذلك فيما عليهم مضرّة في نفس أو مال { اسْتِعْجالَهُمْ بالخَيْرِ } يقول: كاستعجاله لهم في الخير بالإجابة إذا دعوه به. { لَقُضِيَ إلَيْهِمْ أجَلُهُمْ } يقول: لهلكوا وعجل لهم الموت، وهو الأجل. وعني بقوله: { لَقُضِيَ } لفرغ إليهم من أجلهم وتبدّى لهم، كما قال أبو ذؤيب: وَعَلَيْهِما مَسْرُودَتانِ قَضَاهما دَاودُ أوْ صَنَعُ السَّوَابِغِ تُبَّعُ { فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا } يقول: فندع الذين لا يخافون عقابنا ولا يوقنون بالبعث ولا بالنشور، { فِي طُغْيانِهِمْ } يقول: في تمرّدهم وعتوّهم، { يَعْمَهُونَ } يعني يتردّدون. وإنما أخبر جلّ ثناؤه عن هؤلاء الكفرة بالبعث بما أخبر به عنهم من طغيانهم وترددهم فيه عند تعجيله إجابة دعائهم في الشرّ لو استجاب لهم أن ذلك كان يدعوهم إلى التقرّب إلى الوثن الذي يشرك به أحدهم، أو يضيف ذلك إلى أنه من فعله. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: { وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ للنَّاسِ الشَّرّ اسْتِعْجَالهُمْ بالخَيْرِ } قال: قول الإنسان إذا غضب لولده وماله: لا بارك الله فيه ولعنه حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ للنَّاسِ الشَّرّ اسْتِعْجَالهُمْ بالخَيْرِ } قال: قول الإنسان لولده وماله إذا غضب عليه: اللهمّ لا تبارك فيه والعنه فلو يعجل الله الاستجابة لهم في ذلك كما يستجاب في الخير لأهلكهم. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: { وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ للنَّاسِ الشَّرّ اسْتِعْجَالهُمْ بالخَيْرِ } قال: قول الإنسان لولده وماله إذا غضب عليه: اللهمّ لا تبارك فيه والعنه: { لَقُضِيَ إلَيْهِمْ أجَلُهُمْ } قال: لأهلك من دعا عليه ولأماته. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: { وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ للنَّاسِ الشَّرّ اسْتِعْجَالهُمْ بالخَيْرِ } قال: قول الرجل لولده إذا غضب عليه أو ماله: اللهمّ لا تبارك فيه والعنه قال الله: { لَقُضِيَ إلَيْهِمْ أجَلُهُمْ } قال: لأهلك من دعا عليه ولأماته. قال: { فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا } قال: يقول: لا نهلك أهل الشرك، ولكن نذرهم في طغيانهم يعمهون. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، قوله: { وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ للنَّاسِ الشَّرّ اسْتِعْجَالهُمْ بالخَيْرِ } قال: هو دعاء الرجل على نفسه وماله بما يكره أن يستجاب له. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { لَقُضِيَ إلَيْهِمْ أجَلُهُمْ } قال: لأهلكناهم، وقرأ: ما تَرَكَ على ظَهْرِها مِنْ دَابَّةِ قال: يهلكهم كلهم. ونصب قوله { اسْتِعْجالَهُمْ } بوقوع يعجل عليه، كقول القائل: قمت اليوم قيامك، بمعنى قمت كقيامك، وليس بمصدر من يعجل، لأنه لو كان مصدرا لم يحسن دخول الكاف، أعني كاف التشبيه فيه. واختلفت القرّاء في قراءة قوله: { لَقُضِيَ إلَيْهِمْ أجَلُهُمْ } فقرأ ذلك عامَّة قرّاء الحجاز والعراق: { لَقُضِيَ إلَيْهِمْ أجَلُهُمْ } على وجه ما لم يسمّ فاعله بضم القاف من «قُضي» ورفع «الأجل». وقرأ عامة أهل الشأم: «لَقَضَي إلَيْهِمْ أجَلُهُمْ» بمعنى: لقضى الله إليهم أجلهم. وهما قراءتان متفقتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب، غير أن أقرؤه على وجه ما لم يسمّ فاعله، لأن عليه أكثر القرّاء.
{ "aya": [ { "start": 2415, "end": 2451 } ], "hadith": [], "verse": [ { "start": 350, "end": 385 }, { "start": 386, "end": 424 } ] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 12, "aya_end": 12, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=12&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: وإذا أصاب الإنسان الشدّة والجهد { دَعانا لِجَنْبِهِ } يقول: استغاث بنا في كشف ذلك عنه، لجنبه: يعني مضطجعاً لجنبه. { أوْ قاعِداً أوْ قائماً } الحال التي يكون بها عند نزول ذلك الضرّ به. { فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْه ضُرَّهُ } يقول: فلما فرّجنا عنه الجهد الذي أصابه، { مرَّ كأنْ لَمْ يَدعُنَا إلى ضُرّ مَسَّهُ } يقول: استمرّ على طريقته الأولى قبل أن يصيبه الضرّ، ونسي ما كان فيه من الجهد والبلاء، أو تناساه، وترك الشكر لربه الذي فرّج عنه ما كان قد نزل به من البلاء حين استعاذ به، وعاد للشرك ودعوى الآلهة والأوثان أربابا معه. يقول تعالى ذكره: { كذلكَ زُيِّنَ للْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ } يقول: كما زين لهذا الإنسان الذي وصفنا صفته استمراره على كفره بعد كشف الله عنه ما كان فيه من الضرّ، كذلك زين للذين أسرفوا في الكذب على الله وعلى أنبيائه، فتجاوزوا في القول فيهم إلى غير ما أذن الله لهم به، ما كانوا يعملون من معاصي الله والشرك به. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: { دَعانا لِجَنْبهِ } قال: مضطجعاً.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 13, "aya_end": 13, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=13&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: ولقد أهلكنا الأمم التي كذّبت رسل الله من قبلكم أيها المشركون بربهم { لما ظَلَمُوا } يقول: لما أشركوا وخالفوا أمر الله ونهيه. { وجاءَتْهُمْ رُسُلُهمْ } من عند الله، { بالبَيِّناتِ } وهي الآيات والحجج التي تبين عن صدق من جاء بها. ومعنى الكلام: وجاءتهم رسلهم بالآيات البينات أنها حقّ. { وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا } يقول: فلم تكن هذه الأمم التي أهلكناها ليؤمنوا برسلهم ويصدّقوهم إلى ما دعوهم إليه من توحيد الله وإخلاص العبادة له. { كذلكَ نَجْزِي القَوْمَ المُجْرِمِينَ } يقول تعالى ذكره: كما أهلكنا هذه القرون من قبلكم أيها المشركون بظلمهم أنفسهم وتكذيبهم رسلهم وردّهم نصيحتهم، كذلك أفعل بكم فأهلككم كما أهلكتهم بتكذيبكم رسولكم محمدا صلى الله عليه وسلم، وظلمكم أنفسكم بشرككم بربكم، إن أنتم لم تنيبوا وتتوبوا إلى الله من شرككم، فإن من ثواب الكافر بي على كفره عندي أن أهلكه بسخطي في الدنيا وأورده النار في الآخرة.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 14, "aya_end": 14, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=14&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: { ثُمَّ جَعَلْناكُمْ } أيها الناس خَلائِفَ من بعد هؤلاء القرون الذين أهلكناهم لما ظلموا تخلفونهم { فِي الأرْضِ } وتكونون فيها بعدهم. { لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلونَ } يقول: لينظر ربكم أين عملكم من عمل من هلك من قبلكم من الأمم بذنوبهم وكفرهم بربهم، تحذون مثالهم فيه، فتستحقون من العقاب ما استحقوا، أم تخالفون سبيلهم، فتؤمنون بالله ورسوله، وتقرّون بالبعث بعد الممات، فتستحقون من ربكم الثواب الجزيل. كما: حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الأرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلونَ } ذكر لنا أن عُمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: صدق ربنا ما جعلنا خلفاء إلا لينظر كيف أعمالنا، فأروا الله من أعمالكم خيرا، بالليل والنهار والسرّ والعلانية. حدثني المثنى، قال: ثنا يزيد بن عوف أبو ربيعة بهذا، قال: ثنا حماد، عن ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، أن عوف بن مالك رضي الله عنه قال لأبي بكر رضي الله عنه: رأيت فيما يرى النائم كأن سبباً دُلي من السماء فانتشط رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم دلي فانتشط أبو بكر، ثم ذرع الناس حول المنبر، ففضل عمر رضي الله عنه بثلاث أذرع إلى المنبر فقال عمر: دعنا من رؤياك لا أرب لنا فيها فلما استخلف عمر قال: يا عوف رؤياك؟ قال: وهل لك في رؤياي من حاجة، أو لم تنتهرني؟ قال: ويحك إني كرهت أن تنعي لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه فقصّ عليه الرؤيا، حتى إذا بلغ ذرع الناس إلى المنبر بهذه الثلاث الأذرع، قال: أما إحداهنّ فإنه كائن خليفة، وأما الثانية فإنه لا يخاف في الله لومة لائم، وأما الثالثة فإنه شهيد. قال: فقال يقول الله: { ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الأرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلونَ } فقد استخلفت يا ابن أم عمر، فانظر كيف تعمل وأما قوله: " فإنّي لا أخافُ في الله لَوْمَة لائمٍ " فما شاء الله، وأما قوله: " فانّي شَهِيدٌ " فأنى لعمر الشهادة والمسلمون مطيفون به ثم قال " إنَّ اللَّهَ على ما يَشاءُ قَدِيرٌ ".
{ "aya": [], "hadith": [ { "start": 1589, "end": 1629 }, { "start": 1655, "end": 1672 }, { "start": 1718, "end": 1757 } ], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 15, "aya_end": 15, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=15&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: وإذا قرىء على هؤلاء المشركين آيات كتاب الله الذي أنزلناه إليك يا محمد بينات واضحات على الحقّ دالات. { قالَ الَّذِينَ لا يَرْجَوْنَ لِقاءَنَا } يقول: قال الذين لا يخافون عقابنا ولا يوقنون بالمعاد إلينا ولا يصدّقون بالبعث لك: { ائْتِ بقُرآنٍ غيرِ هَذَا أوْ بَدّلْهُ } يقول: أو غيره. قُلْ لهم يا محمد: { ما يَكُونُ لي أنْ أُبَدّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي } أي من عندي. والتبديل الذي سألوه فيما ذُكر، أن يحوّل آية الوعيد آية وعد وآية الوعد وعيدا والحرام حلالاً والحلال حراماً، فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخبرهم أن ذلك ليس إليه، وأن ذلك إلى من لا يردّ حكمه ولا يتعقب قضاؤه، وإنما هو رسول مبلغ ومأمور متبع. وقوله: { إنْ أتَّبِعُ إلاَّ ما يُوحَى إليَّ } يقول: قل لهم: ما أتبع في كلّ ما آمركم به أيها القوم وأنهاكم عنه إلا ما ينزله إليّ ربي ويأمرني به. { إنّي أخافُ إنْ عَصَيْتُ رَبي عَذَابَ يَوْمِ عَظِيم } يقول إني أخشى من الله إن خالفت أمره وغيرت أحكام كتابه وبدّلت وحيه فعصيته بذلك، { عذابَ يومٍ عظيمٍ } هَوْلُهُ، وذلك يَوْمَ تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَة عَمَّا أرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلّ ذَاتِ حَملْ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى ومَا هُمْ بِسُكارَى
{ "aya": [ { "start": 942, "end": 1071 } ], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 16, "aya_end": 16, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=16&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره لنبيه معرّفه الحجة على هؤلاء المشركين الذين قالوا له ائت بقرآن غير هذا أو بدّله: قل لهم يا محمد { لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ } أي ما تلوت هذا القرآن عليكم أيها الناس بأن كان لا ينزل عليّ فيأمرني بتلاوته عليكم، { وَلا أدْرَاكُمْ بِهِ } يقول: ولا أعلمكم به، { فَقَدْ لَبِثْتُ فيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ } يقول: فقد مكثت فيكم أربعين سنة من قبل أن أتلوه عليكم ومن قبل أن يوحيه إليَّ ربي، { أفَلا تَعْقِلُونَ } أني لو كنت منتحلاً ما ليس لي من القول كنت قد انتحلته في أيام شبابي وحداثتي وقبل الوقت الذي تلوته عليكم؟ فقد كان لي اليوم لو لم يوح إليّ وأومر بتلاوته عليكم مندوحة عن معاداتكم ومتسع في الحال التي كنت بها منكم قبل أن يوحى إليَّ وأومر بتلاوته عليكم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { وَلا أدرَاكُمْ بِهِ }: ولا أعلمكم. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { ولَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أدْرَاكُمْ بِهِ } يقول: لو شاء الله لم يعلمكموه. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: { لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أدْرَاكُمْ بِهِ } يقول: ما حذّرتكم به. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: إذَا تُتْلَى عَليْهِم آياتُنا بَيِّناتِ قالَ الَّذِين لا يَرْجُونَ لِقَاءَنا ائْتِ بقُرآنٍ غيرِ هَذَا أوْ بَدّلْه وهو قول مشركي أهل مكة للنبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: { لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أفَلا تَعْقِلُونَ } لبث أربعين سنة. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: { قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أدْرَاكُمْ بِهِ } ولا أعلمكم به. حدثني محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن، أنه كان يقرأ: «وَلا أدْرَأتُكُمْ بِهِ» يقول: ما أعلمتكم به. حُدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: { وَلا أدْرَاكُمْ بِهِ } يقول: ولا أشعركم الله به. وهذه القراءة التي حكيت عن الحسن عند أهل العربية غلط، وكان الفراء يقول في ذلك قد ذكر عن الحسن أنه قال: «ولا أدْرأتكم به»، قال: فإن يكن فيها لغة سوى «دريت» و «أدريت»، فلعلّ الحسن ذهب إليها، وأما أن يصلح من «دريت» أو «أدريت» فلا، لأن الياء والوا إذا انفتح ما قبلهما وسكنتا صحتا ولم تنقلبا إلى ألف مثل قضيت ودعوت، ولعلّ الحسن ذهب إلى طبيعته وفصاحته فهمزها، لأنها تضارع «درأت الحدّ» وشبهه. وربما غلطت العرب في الحرف إذا ضارعه آخر من الهمز، فيهمزون غير المهموز. وسمعت امرأة من طيّ تقول: رثأت زوجي بأبيات، ويقولون: لبأت بالحجّ وحلأت السويق يتغلطون، لأن «حلأت» قد يقال في دفع العطاش من الإبل، و «لبأت»: ذهبت به إلى اللبأ، لبأ الشاة، و«رثأت زوجي»: ذهبت به إلى رثأت اللبن إذا أنت حلبت الحليب على الرائب، فتلك الرثيئة. وكان بعض البصريين يقول: لا وجه لقراءة الحسن هذه لأنها من «أدريت» مثل «أعطيت»، إلا أن لغة بني عقيل «أعطأت» يريدون «أعطيت»، تحوّل الياء ألفا، قال الشاعر: لَقَدْ آذَنَتْ أهْلَ اليَمامَةِ طَيىِّءٌ بحَرْبٍ كنَاصَاةَ الأغَرِّ المُشَهَّرِ يريد كناصية حكي ذلك عن المفضل. وقال زيد الخيل: لَعْمُركَ ما أخْشَى التَّصَعْلُكَ ما بَقَا على الأرْضِ قَيْسيٌّ يَسُوقُ الأباعِرا فقال «بقا». وقال الشاعر: زَجَرْتُ فقلناً لا نرِيعُ لِزَاجِرٍ إنَّ الغَوِيَّ إذا نُهَا لَمْ يُعْتِب يريد «نُهِي». قال: وهذا كله على قراءة الحسن، وهي مرغوب عنها، قال: وطيّىء تصير كل ياء انكسر ما قبلها ألفاً، يقولون: هذه جاراة، وفي الترقوة: ترقاة، والعرقوة: عرقاة، قال: وقال بعض طيىء: قد لقت فزارة، حذف الياء من لقيت لما لم يمكنه أن يحوّلها ألفا لسكون التاء فيلتقي ساكنان. وقال: زعم يونس أن نسا ورضا لغة معروفة، قال الشاعر: وأبْنَيْتُ بالأَعْراضِ ذا البَطْنِ خالِداً نَسا أوْ تَناسَى أن يَعُدَّ المَوَاليا ورُوى عن ابن عباس في قراءة ذلك أيضاً رواية أخرى، وهي ما: حدثنا به المثنى، قال: ثنا المعلى بن أسد، قال: ثنا خالد بن حنظلة، عن شهر بن حوشب، عن ان عباس أنه كان يقرأ: «قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أنْذَرْتُكُمْ بِهِ». والقراءة التي لا أستجيز أن تعدوها هي القراءة التي عليها قرّاء الأمصار: { لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أدْرَاكُمْ بِهِ } بمعنى: ولا أعلمكم به، ولا أشعركم به.
{ "aya": [ { "start": 1271, "end": 1384 } ], "hadith": [], "verse": [ { "start": 2894, "end": 2934 }, { "start": 2935, "end": 2973 }, { "start": 3021, "end": 3063 }, { "start": 3064, "end": 3102 }, { "start": 3128, "end": 3163 }, { "start": 3164, "end": 3201 }, { "start": 3524, "end": 3566 }, { "start": 3567, "end": 3605 } ] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 17, "aya_end": 17, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=17&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل لهؤلاء المشركين الذين نسبوك فيما جئتهم به من عند ربك إلى الكذب: أي خلق أشر بعدنا وأوضع لقيله في غير موضعه، ممن اختلف على الله كذباً وافترى عليه باطلاً { أوْ كَذَّبَ بآياتِهِ } يعني بحججه ورسله وآيات كتابه. يقول له جلّ ثناؤه: قل لهم ليس الذي أضفتموني إليه بأعجب من كذبكم على ربكم وافترائكم عليه وتكذيبكم بآياته. { إنَّهُ لا يُفْلِحُ المُجْرِمُونَ } يقول: إنه لا ينجح الذين اجترموا الكفر في الدنيا يوم القيامة إذا لقوا ربهم، ولا ينالون الفلاح.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 18, "aya_end": 18, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=18&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: ويعبد هؤلاء المشركون الذين وصفت لك يا محمد صفتهم من دون الله الذي لا يضرّهم شيئاً ولا ينفعهم في الدنيا ولا في الآخرة، وذلك هو الآلهة والأصنام التي كانوا يعبدونها. { وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ } يعني أنهم كانوا يعبدونها رجاء شفاعتها عند الله، قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: { قُلْ لَهُمْ أتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلا في الأرْضِ } يقول: أتخبرون الله بما لا يكون في السماوات ولا في الأرض وذلك أن الآلهة لا تشفع لهم عند الله في السماوات ولا في الأرض. وكان المشركون يزعمون أنها تشفع لهم عند الله، فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل لهم: أتخبرون الله أن ما لايشفع في السماوات ولا في الأرض يشفع لكم فيهما، وذلك باطل لا تعلم حقيقته وصحته، بل يعلم الله أن ذلك خلاف ما تقولون وأنها لا تشفع لأحد ولا تنفع ولا تضرّ. { سُبْحانَهُ وَتَعَالى عَمَّا يُشْرِكُونَ } يقول: تنزيها لله وعلوًّا عما يفعله هؤلاء المشركون من إشراكهم في عبادة ما لا يضرّ ولا ينفع وافترائهم عليه الكذب.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 19, "aya_end": 19, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=19&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: وما كان الناس إلا أهل دين واحد وملة واحدة، فاختلفوا في دينهم، فافترقت بهم السبل في ذلك. { وَلوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ } يقول: ولولا أنه سبق من الله أنه لا يهلك قوماً إلا بعد انقضاء آجالهم، { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } يقول: لقضي بينهم بأن يهلك أهل الباطل منهم وينجي أهل الحقّ. وقد بيّنا اختلاف المختلفين في معنى ذلك في سورة البقرة، وذلك في قوله: { كانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبَيِّينَ } وبيَّنا الصواب من القول فيه بشواهده فأغنى عن إعادته في هذا الموضع. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { وَما كانَ النَّاسُ إلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فاخْتَلَفُوا } حين قتل أحد ابني آدم أخاه. حدثني المثنى، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد بنحوه. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، نحوه.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 2, "aya_end": 2, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=2&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: أكان عجباً للناس إيحاؤنا القرآن على رجل منهم بإنذارهم عقاب الله على معاصيه، كأنهم لم يعلموا أن الله قد أوحى من قبله إلى مثله من البشر، فتعجبوا من وحينا إليه. وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عثمان بن سعيد، قال: ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك عن ابن عباس، قال: لما بعث الله محمدا رسولاً أنكرت العرب ذلك، أو من أنكر منهم، فقالوا: الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا مثل محمد فأنزل الله تعالى: { أكانَ للنَّاسِ عَجَبا أنْ أوْحَيْنا إلى رَجُلٍ مِنْهُمْ... } وقال: وَما أرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إلاَّ رِجالاً حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: عجبت قريش أن بُعث رجل منهم. قال: ومثل ذلك: وَإلى عاد أخاهُمْ هُوداً وإلى ثَمُودَ أخاهُمْ صَالِحاً قال الله: أوَ عَجِبْتُمْ أنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ على رَجُل مِنْكُمْ القول في تأويل قوله تعالى: { وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ }. يقول جلّ ثناؤه: أكان عجبا للناس أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس، وأن بشر الذين آمنوا بالله ورسوله أن لهم قدم صدق عطف على «أنذر». واختلف أهل التأويل في معنى قوله: { قَدَمَ صِدْق } فقال بعضهم: معناه: أن لهم أجراً حسناً بما قدّموا من صالح الأعمال. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك: { أنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ } قال: ثواب صدق. قال: ثنا عبد الله بن رجاء، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد: { أنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ } قال: الأعمال الصالحة. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: { وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ } يقول: أجراً حسناً بما قدّموا من أعمالهم. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يزيد بن حبان، عن إبراهيم بن يزيد، عن الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث عن مجاهد: { أنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ } قال: صلاتهم، وصومهم، وصدقتهم، وتسبيحهم. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { قَدَمَ صِدْقٍ } قال: خير. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { قَدَمَ صِدْقٍ } مثله. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. قال: ثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس، قال: { قَدَمَ صِدْقٍ } ثواب صدق عند ربهم. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، مثله. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ } قال: القدم الصدق: الثواب الصدق بما قدموا من الأعمال. وقال آخرون: معناه: أن لهم سابق صدق في اللوح المحفوظ من السعادة. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن عليّ، عن ابن عباس قوله: { وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ } يقول: سبقت لهم السعادة في الذكر الأوّل. وقال آخرون: معنى ذلك أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم شفيع لهم، قَدَمَ صدق. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا يحيى بن آدم، عن فضيل بن عمرو بن الجون، عن قتادة أو الحسن: { أنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ } قال: محمد شفيع لهم. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ }: أي سلف صدق عند ربهم. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن الزبير، عن ابن عيينة، عن زيد بن أسلم، في قوله: { أنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ } قال: محمد صلى الله عليه وسلم. قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب، قول من قال: معناه أن لهم أعمالاً صالحة عند الله يستوجبون بها منه الثواب وذلك أنه محكيّ عن العرب: هؤلاء أهل القدم في الإسلام أي هؤلاء الذين قدموا فيه خيراً، فكان لهم فيه تقديم، ويقال: له عندي قدم صدق وقدم سوء، وذلك ما قدم إليه من خير أو شرّ، ومنه قول حسان بن ثابت رضي الله عنه: لَنا القَدَمُ الأُولى إلَيْكَ وخَلْفُنا لأوَّلِنا في طاعَةِ اللَّهِ تابِعُ وقول ذي الرمَّة: لَكُمْ قَدَمٌ لا يُنْكِرُ النَّاسُ أنَّها مَعَ الحَسَبِ العادِيّ طَمَّتْ على البَحْرِ فتأويل الكلام إذا: وبشر الذين آمنوا أن لهم تقدمة خير من الأعمال الصالحة عند ربهم. القول في تأويل قوله تعالى: { قال الكافِرُونَ إنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ }. اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامَّة قرّاء أهل المدينة والبصرة: { إنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ } بمعنى: إن هذا الذي جئتنا به، يعنون القرآن «لَسِحْرٌ مُبِينٌ». وقرأ ذلك مسروق وسعيد بن جبير وجماعة من قرّاء الكوفيين: { إنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ } وقد بينت فيما مضى من نظائر ذلك أن كل موصوف بصفة نزل الموصوف على صفته، وصفته عليه، فالقارىء مخير في القراءة في ذلك وذلك نظير هذا الحرف:« قال الكافِرُونَ إنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ» و { لساحر مبين } وذلك أنهم إنما وصفوه بأنه ساحر، ووصفهم ما جاءهم به أنه سحر يدلّ على أنهم قد وصفوه بالسحر. وإذا كان ذلك كذلك فسواء بأيّ ذلك قرأ القارىء لاتفاق معنى القراءتين. وفي الكلام محذوف استغنى بدلالة ما ذكر عما ترك ذكره وهو: فلما بشرهم وأنذرهم وتلا عليهم الوحي، قال الكافرون إن هذا الذي جاءنا به لسحر مبين. فتأويل الكلام إذا: أكان للناس عجباً أن أوحينا إلى رجل منهم، أن أنذر الناس، وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم، فلما أتاهم بوحي الله وتلاه عليهم، قال المنكرون توحيد الله ورسالة رسوله: إن هذا الذي جاءنا به محمد لسحر مبين أي يبين لكم عنه أنه مبطل فيما يدعيه.
{ "aya": [ { "start": 528, "end": 570 }, { "start": 678, "end": 732 }, { "start": 743, "end": 811 } ], "hadith": [], "verse": [ { "start": 3650, "end": 3689 }, { "start": 3690, "end": 3724 }, { "start": 3742, "end": 3783 }, { "start": 3784, "end": 3827 } ] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 20, "aya_end": 20, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=20&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: ويقول هؤلاء المشركون: هلا أنزل على محمد آية من ربه يقول: علم ودليل نعلم به أن محمداً محقّ فيما يقول. قال الله له: فقل يا محمد إنما الغيب لله، أي لا يعلم أحد بفعل ذلك إلا هو جلّ ثناؤه، لأنه لا يعلم الغيب وهو السرّ والخفيّ من الأمور إلا الله، فانتظروا أيها القوم قضاء الله بيننا بتعجيل عقوبته للمبطل منا وإظهاره المحقّ عليه، إني معكم ممن ينتظر ذلك. ففعل ذلك جلّ ثناؤه فقضى بينهم وبينه بأن قتلهم يوم بدر بالسيف.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 21, "aya_end": 21, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=21&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: وإذا رزقنا المشركين بالله فرجا بعد كرب ورخاء بعد شدّة أصابتهم. وقيل: عنى به المطر بعد القحط، والضرّاء: وهي الشدة، والرحمة: هي الفرج. يقول: { إذَا لَهُمْ مَكْرٌ في إياتِنا } استهزاء وتكذيب. كما: حدثنا المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { إذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا } قال: استهزاء وتكذيب. قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. وقوله: { قُلِ اللَّهِ أسْرَعُ مَكْراً } يقول تعالى ذكره: قل لهؤلاء المشركين المستهزئين من حججنا وأدلتنا يا محمد: الله أسرع مكراً، أي أسرع مِحَالاً بكم واستدراجاً لكم وعقوبة منكم من المكر في آيات الله. والعرب تكتفي ب «إذا» من «فعلت» و «فعلوا»، فلذلك حذف الفعل معها. وإنما معنى الكلام: وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضرّاء مستهم مكروا في آياتنا، فاكتفى من «مكروا»، ب «إذا لهم مكر». { إنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ } يقول: إن حفظتنا الذين نرسلهم إليكم أيها الناس يكتبون عليكم ما تمكرون في آياتنا.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 22, "aya_end": 22, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=22&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: الله الذي يسيركم أيها الناس في البرّ على الظهر وفي البحر في الفلك { حتى إذَا كُنْتُمْ في الفُلْك } وهي السفن، { وَجَرَيْنَ بِهِمْ } يعني: وجرت الفلك بالناس، { بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ } في البحر، { وَفَرِحُوا بِها } يعني: وفرح ركبان الفلك بالريح الطيبة التي يسيرون بها. والهاء في قوله: «بها» عائدة على الريح الطيبة. جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ يقول: جاءت الفلك ريح عاصف، وهي الشديدة، والعرب تقول: ريح عاصف وعاصفة، وقد أعصفت الريح وعصفت وأعصفت في بني أسد فيما ذكر، قال بعض بني دُبَيْر: حتى إذا أعْصَفَتْ رَيْحٌ مُزَعْزِعةٌ فِيها قِطارٌ ورَعْدٌ صَوْتُهُ زَجِلُ { وَجاءَهُمْ المَوْجُ مِنْ كُلّ مَكانٍ } يقول تعالى ذكره: وجاء ركبان السفينة الموج من كلّ مكان. { وَظَنُّوا أنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ } يقول: وظنوا أن الهلاك قد أحاط بهم وأحدق. { دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ } يقول: أخلصوا الدعاء لله هنالك دون أوثانهم وآلهتهم، وكان مفزعهم حينئذ إلى الله دونها. كما: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: { دَعَوُا اللَّهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ } قال: إذا مسَّهم الضرّ في البحر أخلصوا له الدعاء. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوريّ، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، في قوله: { مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ } هياشراهيا، تفسيره: يا حيّ يا قوم. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: وَإذَا أذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنَ بعدضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إلى آخر الآية، قال: هؤلاء المشركون يدعون مع الله ما يدعون، فإذا كان الضرّ لم يدعو إلا الله، فإذا نجاهم إذا هم يشركون لئن أنجيتنا من هذه الشدّة التي نحن فيها لنكوننّ من الشاكرين لك على نعمك وتخليصك إيانا مما نحن فيه بإخلاصنا العبادة لك وإفراد الطاعة دون الآلهة والأنداد. واختلفت القرّاء في قراءة قوله: { هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ } فقرأته عامة قرّاء الحجاز والعراق: { هُوَ الَّذُي يُسَيِّرُكُمْ } من السير بالسين. وقرأ ذلك أبو جعفر القاري: «هُو الَّذِي يَنْشُرُكُمْ» من النشر، وذلك البسط من قول القائل: نشرت الثوب، وذلك بسطه ونشره من طيه. فوجه أبو جعفر معنى ذلك إلى أن الله يبعث عبادهُ، فيبسطهم برًّا وبحراً، وهو قريب المعنى من التسيير. وقال: { وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ } وقال في موضع آخر: { في الفُلْكِ المَشُحُونِ } فوحّد، والفلك: اسم للواحدة والجماع ويذكر ويؤنث. قال: { وَجَرَيْنَ بِهِمْ } وقد قال: { هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ } فخاطب ثم عاد إلى الخبر عن الغائب وقد بينت ذلك في غير موضع من الكتاب بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. وجواب قوله: { حتى إذَا كُنْتُمْ فِي الفُلْكِ }: جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ. وأما جواب قوله: { وَظَنُّوا أنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ فدَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ }.
{ "aya": [ { "start": 1282, "end": 1344 } ], "hadith": [], "verse": [ { "start": 489, "end": 525 }, { "start": 526, "end": 562 } ] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 23, "aya_end": 23, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=23&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: فلما أنجى الله هؤلاء الذين ظنوا في البحر أنهم أحيط بهم من الجهد الذي كانوا فيه، أخلفوا الله ما وعدوه، وبغوا في الأرض، فتجاوزوا فيها إلى غير ما أذن الله لهم فيه من الكفر به والعمل بمعاصيه على ظهرها. يقول الله: يا أيها الناس إنما اعتداؤكم الذي تعتدونه على أنفسكم وإياها تظلمون، وهذا الذي أنتم فيه { مَتَاعَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا } يقول: ذلك بلاغ تبلغون به في عاجل دنياكم. وعلى هذا التأويل، البغي يكون مرفوعا بالعائد من ذكره في قوله: { عَلى أنْفُسِكُمْ } ويكون قوله: «مَتَاعُ الحَياةِ الدُّنْيَا» مرفوعا على معنى: ذلك متاع الحياة الدنيا، كما قال: { لَمْ يَلْبَثُوا إلاَّ ساعَةً } مِن نَهار بلاغٌ بمعنى: هذا بلاغ، وقد يحتمل أن يكون معنى ذلك: إنما بغيكم في الحياة الدنيا على أنفسكم، لأنكم بكفركم تكسبونها غضب الله، متاع الحياة الدنيا، كأنه قال: إنما بغيكم متاع الحياة الدنيا، فيكون «البغي» مرفوعا بالمتاع، و «على أنفسكم» من صلة «البغي». وبرفع «المتاع» قرأت القّراء سوى عبد الله بن أبي إسحاق فإنه نصبه بمعنى: إنما بغيكم على أنفسكم متاعاً في الحياة الدنيا، فجعل، «البغي» مرفوعاً بقوله: { على أنفُسِكُمْ } والمتاع منصوبا على الحال. وقوله: { ثُمّ إلَيْنا مَرّجِعُكُمْ } يقول: ثم إلينا بعد ذلك معادكم ومصيركم، وذلك بعد الممات. { فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } يقول: فنخبركم يوم القيامة بما كنتم تعملون في الدنيا من معاصي الله، ونجازيكم على أعمالكم التي سلفت منكم في الدنيا.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 24, "aya_end": 24, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=24&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: إنما مثل ما تباهون في الدنيا وتفاخرون به من زينتها وأموالها مع ما قد وكل بذلك من التكدير والتنغيص وزواله بالفناء والموت، كَمثل { ماءٍ أنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّماءِ } يقول: كمطر أرسلناه من السماء إلى الأرض، { فاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الأرْضِ } يقول: فنبت بذلك المطر أنواع من النبات مختلط بعضها ببعض. كما: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخُراساني، عن ابن عباس، قوله: { إنَّمَا مَثَلُ الحَياةِ الدُّنْيَا كمَاء أنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّماءِ فاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الأرْضِ } قال: اختلط فنبت بالماء كل لون { مِمَّا يأْكُلُ النَّاسُ } كالحنطة والشعير وسائر حبوب الأرض والبقول والثمار، وما يأكله الأنعام والبهائم من الحشيش والمراعي. وقوله: { حتى إذَا أخَذَت الأرْضُ زُخْرُفَها } يعني: ظهر حسنها وبهاؤها. { وَازَّيَّنَتْ } يقول: وتزينت. { وَظَنَّ أهْلُها } يعني: أهل الأرض، { أنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا } يعني: على ما أنبتت. وخرج الخبر عن الأرض، والمعنى للنبات، إذا كان مفهوماً بالخطاب ما عنى به. وقوله: { أتاها أمْرُنا لَيْلاً أوْ نَهاراً } يقول: جاء الأرض أمرنا يعني قضاؤنا بهلاك ما عليها من النبات إما ليلاً وإما نهاراً. فَجَعَلْناها يقول: فجعلنا ما عليها، { حَصِيداً } يعني مقطوعة مقلوعة من أصولها، وإنما هي محصودة صرفت إلى حصيد، { كأنْ لَمْ تَغْنَ بالأمْسِ } يقول: كأن لم تكن تلك الزروع والنبات على ظهر الأرض نابته قائمة على الأرض قبل ذلك بالأمس، وأصله: من غني فلان بمكان كذا، يَغْنَى به: إذا أقام به، كما قال النابغة الذبياني: غَنِيَتْ بذلكَ إذْ هُمُ لي جِيرَة مِنْها بعَطْف رِسالَةٍ وَتَوَدُّدِ يقول: فكذلك يأتي الفناء على ما تتباهون به من دنياكم وزخارفها، فيفنيها ويهلكها كما أهلك أمرنا وقضاؤنا نبات هذه الأرض بعد حسنها وبهجتها حتى صارت { كأنْ لَمْ تَغْنَ بالأمْسِ } كأن لم تكن قبل ذلك نباتا على ظهرها. يقول الله جلّ ثناؤها: { كَذلكَ نُفَصّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } يقول: كما بينا لكم أيها الناس مثل الدنيا وعرّفناكم حكمها وأمرها، كذلك نبين حججنا وأدلتنا لمن تفكر واعتبر ونظر. وخصّ به أهل الفكر، لأنهم أهل التمييز بين الأمور والفحص عن حقائق ما يعرض من الشبه في الصدور. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { حتى إذَا أخَذَتِ الأرْضُ زُخُرُفَها... } الآية: أي والله لئن تشبث بالدنيا وحدب عليها لتوشكن الدنيا أن تلفظه وتقضى منه. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: { وَازَّيَّنَتْ } قال: أنبتت وحسنت. حدثني الحرث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عبد الرحمن ابن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام، قال: سمعت مروان يقرأ على المنبر هذه الآية: { حتى إذَا أخَذَتِ الأرْضُ زُخْرَفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أهْلُها أنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها } وما كان الله ليهلكها إلا بذنوب أهلها. قال: قد قرأتها، وليست في المصحف، فقال عباس بن عبد الله بن العباس: هكذا يقرؤها ابن عباس. فأرسلوا إلى ابن عباس فقال: هكذا أقرأني أُبيّ بن كعب. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: { كأنْ لَمْ تَغْنَ بالأمْسِ } يقول: كأن لم تَعِشْ، كأن لم تنعم. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: أبو أسامة، عن إسماعيل، قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول: في قراءة أبيّ: { كأنْ لَمْ تَغْنَ بالأَمْسِ } وما أهلكناها إلا بذنوب أهلها. { كذلكَ نُفَصّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }. واختلفت القرّاء في قراءة قوله: { وَازَّيَّنَتْ } فقرأ ذلك عامة قرّاء الحجاز والعراق: { وَازَّيَّنَتْ } بمعنى: وتزينت، ولكنهم أدغموا التاء في الزاي لتقارب مخرجيهما، وأدخلوا ألفا ليوصل إلى قراءته، إذا كانت التاء قد سكنت والساكن لا يبتدأ به. وحُكى عن أبي العالية وأبي رجاء والأعرج وجماعة أخر غيرهم أنهم قرءوا ذلك: «وأزْيَنَتْ» على مثال أفْعَلَتْ. والصواب من القراءة في ذلك: { وَازَّيَنَتْ } لإجماع الحجة من القرّاء عليها.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [ { "start": 1376, "end": 1409 }, { "start": 1410, "end": 1444 } ] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 25, "aya_end": 25, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=25&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره لعباده: أيها الناس لا تطلبوا الدنيا وزينتها، فإن مصيرها إلى فناء وزوال كما مصير النبات الذي ضربه الله لها مثلاً إلى هلاك وبوار، ولكن اطلبوا الآخرة الباقية، ولها فاعملوا، وما عند الله فالتمسوا بطاعته، فإن الله يدعوكم إلى داره، وهي جنَّاته التي أعدّها لأوليائه، تسلموا من الهموم والأحزان فيها وتأمنوا من فناء ما فيها من النعيم والكرامة التي أعدّها لمن دخلها، وهو يَهْدى من يشاء من خلقه فيوفقه لإصابة الطريق المستقيم، وهو الإسلام الذي جعله جلّ ثناؤه سبباً للوصول إلى رضاه وطريقاً لمن ركبه وسلك فيه إلى جنانه وكرامته. كما: حدثني محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: الله السلام، وداره الجنة. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: { وَاللَّهُ يَدْعُو إلى دَارِ السَّلامِ } قال: الله هو السلام، وداره الجنة. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قال: " قيلَ لي: لِتَنمْ عَيْنُكَ، وَلْيَعْقَلْ قَلْبُكَ، وَلْتَسْمَعْ أذُنُكَ فَنامَتْ عَيْنِي، وَعَقَلَ قَلْبِي، وَسَمَعَتْ أُذُنِي. ثُمَّ قِيلَ: سَيِّدٌ بَنِي دَاراً، ثمَّ صَنَعَ مَأْدُبَةً، ثُمَّ أرْسَلَ دَاعياً، فَمَنْ أجابَ الدَّاعِيَ دَخَلَ الدَّارَ وأكَلَ مِنَ المَأدُبَة وَرَضيَ عَنْهُ السَّيِّدُ، وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّاعِيَ لَمْ يَدْخُلِ الدَّارَ ولَمْ يَأْكُلْ مِنَ المَأْدُبَةِ ولَمْ يَرْضَ عَنْهُ السَّيِّدُ، فالله السَّيِّدُ، والدَّارُ الإسلامُ والمَأدُبَةُ الجَنَّةُ، والدَّاعِي مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم ". حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { واللَّهُ يَدْعُو إلى دَارِ السَّلامِ ويَهْدِي مَنْ يشَاءُ إلى صِراط مُسْتَقِيم } ذُكر لنا أن في التوراة مكتوبا: يا باغي الخير هلمّ ويا باغي الشرّ انته حدثني الحسين بن سلمة بن أبي كبشة، قال: ثنا عبد الملك بن عمرو، قال: ثنا عباد بن راشد، عن قتادة، قال: ثني خليد العصري، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما مِنْ يَوْمٍ طَلَعَتْ فيهِ شَمْسُهُ إلاَّ وبِجَنْبَتَيْها مَلَكانِ يُنادِيانِ، يَسْمَعُهُ خَلْقُ اللَّهِ كَلُّهُمْ إلاَّ الثَّقَلَيْنِ: يا أيها النَّاسُ هَلُمُّوا إلى رَبِّكُمْ، إنَّ ما قَلَّ وكَفَى خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وألْهَى ". قال: وأنزل ذلك في القرآن في قوله: { واللَّهُ يَدْعُو إلى دَارِ السَّلامِ ويَهْدي مَنْ يَشاءُ إلى صِراط مُسْتَقِيم }. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ليث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن جابر بن عبد الله، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: " إنّي رأيْتُ فِي المنَامِ كأنَّ جِبْرَائِيلَ عِنْدَ رأسِي وَمِيكائِيلَ عِنْدَ رِجْلَيَّ، يَقُولُ أحَدُهُما لِصَاحِبِه: اضْرِبْ لَهُ مَثَلاً فقال: اسْمَعْ سَمِعَتُ أُذُنُكَ، وَاعْقِلْ عَقَلَ قَلْبُكَ، إنَّما مَثَلُكَ وَمَثَلُ أُمَّتِكَ كمَثَلِ مَلِكٍ اتَّخَذَ دَاراً ثُمَّ بَنى فِيها بَيْتاً ثُمَّ جَعَلَ فِيها مَأْدُبَةً ثُمَّ بَعَثَ رَسُولاً يَدْعُو النَّاسَ إلى طَعامِهِ، فَمِنُهُمْ مَنْ أجابَ الرَّسُولَ وَمِنْهُمْ مَنْ تَرَكَهُ فاللَّهُ المَلِكُ، والدَّارُ الإسْلامُ، والبَيْتُ الجَنَّةُ، وأنتَ يا مُحَمَّدُ الرَّسُولُ مِنْ أجابَكَ دَخَلَ الإسْلامَ، وَمَنْ دَخَلَ الإسْلاَمَ دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ دَخَلَ الجَنَّةَ أكَلَ مِنْهَا ".
{ "aya": [], "hadith": [ { "start": 906, "end": 1428 }, { "start": 1811, "end": 2045 }, { "start": 2338, "end": 2976 } ], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 26, "aya_end": 26, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=26&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: للذين أحسنوا عبادة الله في الدنيا من خلقه فأطاعوه فيما أمر ونَهَى الحُسْنَى. ثم اختلف أهل التأويل في معنى الحسنى والزيادة اللتين وعدهما المحسنين من خلقه، فقال بعضهم: الحسنى: هي الجنة، جعلها الله للمحسنين من خلقه جزاء، والزيادة عليها النظر إلى الله تعالى. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد، عن أبي بكر الصدّيق: { لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ } قال: النظر إلى وجه ربهم. حدثنا سفيان، قال: ثنا حميد بن عبد الرحمن، عن قيس، عن أبي إسحاق، عن عامر ابن سعد، عن سعيد بن نمران، عن أبي بكر: { لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ } قال: النظر إلى وجه الله تعالى. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد: { لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ } قال: النظر إلى وجه ربهم. حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد، قال: في هذه الآية: { لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ } قال: الزيادة: النظر إلى وجه الرحمن. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مسلم بن نذير، عن حذيفة: { لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ } قال: النظر إلى وجه ربهم. حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي، قال: ثنا شريك، قال: سمعت أبا إسحاق يقول في قول الله: { وَزِيادة } قال: النظر إلى وجه الرحمن. حدثني عليّ بن عيسى، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا أبو بكر الهذليّ، قال: سمعت أبا تميمة الهجيمي يحدّث عن أبي موسى الأشعري، قال: إذا كان يوم القيامة بعث الله إلى أهل الجنة مناديا ينادي: هل أنجزكم الله ما وعدكم؟ فينطرون إلى ما أعدّ الله لهم من الكرامة، فيقول: نعم، فيقول: { لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ } النظر إلى وجه الرحمن. حدثني المثنى، قال: ثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن أبي بكر الهذلي، قال: أخبرنا أبو تميمة الهجيمي، قال: سمعت أبا موسى الأشعري يخطب على منبر البصرة يقول: إن الله يبعث يوم القيامة ملكا إلى أهل الجنة، فيقول: يا أهل الجنة هل أنجزكم الله ما وعدكم؟ فينظرون إلى ما أعدّ الله لهم من الكرامة، فيرون الحليّ والحلل والثمار والأنهار والأزواج المطهرة، فيقولون: نعم، قد أنجزنا الله ما وعدنا. ثم يقول الملك: هل أنجزكم الله ما وعدكم؟ ثلاث مرّات، فلا يفقدون شيئاً مما وعدوا، فيقولون: نعم، فيقول: قد بقي لكم شيء، إن الله يقول: { لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ } ألا إن الحسنى الجنة، والزيادة: النظر إلى وجه الله. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني شبيب، عن أبان، عن أبي تميمة الهجيمي: أنه سمع أبا موسى الأشعري يحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ الله يَبْعَثُ يَوْمَ القِيامَةِ مُنادِيا يُنادِي أهْلَ الجَنَّة بصَوْتٍ يُسْمِعُ أوَّلَهُمْ وآخِرَهُمْ: إنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمُ الحُسْنَى وَزِيادَةٌ، فالحُسْنَى الجَنَّةُ، والزّيادَةُ النَّظَرُ إلى وَجْهِ الرَّحْمَنِ ". حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا حماد بن زيد، عن ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: { لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ } قال: النظر إلى وجه ربهم. وقرأ: { وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ } قال: بعد النظر إلى وجه ربهم. حدثني المثنى، قال: ثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن سليمان بن المُغيرة، قال: أخبرنا ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قوله: { وَزِيادَةٌ } قال: قيل له: أرأيت قوله: { لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ }؟ قال: إن أهل الجنة إذا دخلوا الجنة فأعطوا فيها ما أعطوا من الكرامة والنعيم قال: نودوا يا أهل الجنة إن الله قد وعدكم الزيادة، فيتجلى لهم. قال ابن أبي ليلى: فما ظنك بهم حين ثقلت موازينهم، وحين صارت الصحف في أيمانهم، وحين جاوزوا جسر جهنم ودخلوا الجنة، وأعطوا فيها ما أعطوا من الكرامة والنعيم؟ كل ذلك لم يكن شيئا فيما رأوا. قال: ثنا ابن المبارك، عن معمر وسليمان بن المُغيرة، عن ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: { لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ } قال: النظر إلى وجه ربهم. قال: ثنا الحجاج ومعلى بن أسد، قالا: ثنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة، قال لهم: إنه قد بقي من حقكم شيء لم تُعْطَوْه. قال: فيتجلَّى لهم تبارك وتعالى. قال: فيصغر عندهم كلّ شيء أُعْطُوه. قال: ثم قال: { لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ } قال: الحسنى: الجنة، والزيادة،: النظر إلى وجه ربهم، ولا يَرهَق وجوههم قَتر ولا ذلة بعد ذلك. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: { لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ } النظر إلى وجه الله. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا هوذة، قال: ثنا عوف، عن الحسن، في قول الله: { لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ } النظر إلى الربّ. حدثنا عمرو بن عليّ ومحمد بن بشار، قالا: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن النبيّ صلى الله عليه وسلمفي هذه الآية للذين احسنوا الحسنى وزيادة قال: " إذَا دَخَلَ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ وأهْلُ النَّارِ النَّارَ، نُودُوا: يا أهْلَ الجَنَّةِ، إنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَوْعِداً قالُوا: ما هُوَ؟ ألَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنا، وَتُثَقِّلْ مَوَازِينَنا، وَتُدْخِلُنا الجَنَّةَ، وَتُنَجِّنا مِنَ النَّارِ؟ فَيُكْشَفُ الحِجَابُ، فَيَتَجَلَّى لَهُمْ فوَاللَّهِ ما أعْطاهُمْ شَيْئاً أحَبّ إلَيْهِمْ منَ النَّظَرِ إلَيْهِ " ولفظ الحديث لعمرو. حدثني المثنى، قال: ثنا الحجاج بن المنهال، قال: ثنا حماد، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب، قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: { لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ } قالَ: " إذَا دَخَلَ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ وأهْلُ النَّارِ النَّارَ، نادَى مُنادِ: يا أهْلَ الجَنَّةِ، إنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَوْعِداً يُرِيدُ أنْ يُنْجِزَكُموهُ فَيَقُولُونَ: ومَا هُوَ؟ ألَمْ يُثَقِّلِ اللَّهُ مَوَازِينَنا، وَيُبَيِّضْ وُجوهَنا؟ " ثم ذكر سائر الحديث نحو حديث عمرو بن عليّ وابن بشار، عن عبد الرحمن. قال: ثنا الحماني، قال: ثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن نمران، عن أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه: لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال: النظر إلى وجه الله تبارك وتعالى. قال: ثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد، مثله. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ } بلغنا أن المؤمنين لما دخلوا الجنة ناداهم مناد: إن الله وعدكم الحسنى وهي الجنة وأما الزيادة: فالنظر إلى وجه الرحمن. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا إبراهيم بن المختار، عن ابن جريج، عن عطاء، عن كعب بن عجرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله: تعالى: { لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ } قال: " الزّيَادَةُ: النَّظَرُ إلى وَجْهِ الرحمن تَبَارك وتَعَالَى ". قال: ثنا جرير، عن ليث، عن عبد الرحمن بن سابط، قال: الحسنى: النضرة، والزيادة: النظر إلى وجه الله تعالى. حدثنا ابن البرقى، قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: سمعت زهيراً عمن سمع أبا العالية، قال: ثنا أبيّ بن كعب: أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله تعالى: { لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ } قال: " الحُسْنَى: الجَنَّةُ والزَّيادَةُ: النَّظَرُ إلى وَجْهِ الله ". وقال آخرون في الزيادة بما: حدثنا به يحيى بن طلحة، قال: ثنا فضيل بن عياض، عن منصور، عن الحكم، عن عليّ رضي الله عنه: { لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ } قال: الزيادة: غرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة أبواب. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن الحكم، عن علي رضي الله عنه، نحوه، إلا أنه قال: فيها أربعة أبواب. قال: ثنا جرير، عن منصور، عن الحكم بن عتيبة، عن عليّ رضي الله عنه، مثل حديث يحيى بن طلحة، عن فضيل سواء. وقال آخرون: الحسنى واحدة من الحسنات بواحدة، والزيادة: التضعيف إلى تمام العشر. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ } قال: هو مثل قوله: وَلَدَيْنا مَزِيدٌ يقول: يجزيهم بعملهم ويزيدهم من فضله. وقال: مَنْ جاءَ بالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أمْثالهَا وَمَنْ جاءَ بالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إلاَّ مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُون حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن قابوس، عن أبيه، عن علقمة بن قيس: { لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ } قال: قلت: هذه الحسنى، فما الزيادة؟ قال: ألم تر أن الله يقول: { مَنْ جاءَ بالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أمْثالِهَا } حدثنا بشر، قال: يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: كان الحسن يقول في هذه الآية: { لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ } قال: الزيادة: بالحسنة عشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف. وقال آخرون: الحسنى: حسنة مثل حسنة، والزيادة: زيادة مغفرة من الله ورضوان. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى } مثلها حسنى وزيادة مغفرة ورضوان. وقال آخرون: الزيادة ما أعطوا في الدنيا. ذكر من قال ذلك: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ } قال: الحسنى: الجنة، وزيادة: ما أعطاهم في الدنيا لا يحاسبهم به يوم القيامة. وقرأ وآتَيْنَاهُ أجْرَهُ في الدُّنْيا قال: ما آتاه مما يحبّ في الدنيا عجَّل له أجره فيها. وكان ابن عباس يقول في قوله: { لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى } بما: حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى } يقول: للذين شهدوا أن لا إله إلا الله. وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تبارك وتعالى وعد المحسنين من عباده على إحسانهم الحسنى أن يجزيهم على طاعتهم إياه الجنة وأن تبيض وجوههم، ووعدهم مع الحسنى الزيادة عليها، ومن الزيادة على إدخالهم الجنة أن يكرمهم بالنظر إليه، وأن يعطيهم غرفاً من لآلىء، وأن يزيدهم غفراناً ورضواناً كلّ ذلك من زيادات عطاء الله إياهم على الحسنى التي جعلها الله لأهل جناته. وعمّ ربنا جلّ ثناؤه بقوله: { وَزِيادَةٌ } الزيادات على الحسنى، فلم يخصص منها شيئاً دون شيء، وغير مستنكر من فضل الله أن يجمع ذلك لهم، بل ذلك كله مجموع لهم إن شاء الله. فأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يعمّ كما عمه عزّ ذكره. القول في تأويل قوله تعالى: { وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئكَ أصحَابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيها خالدُونَ }. يعني جلّ ثناؤه بقوله: { وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ } لا يغشى وجوههم كآبة ولا كسوف حتى تصير من الحزن كأنما علاها قتر. والقتر: الغبار وهو جمع قترة، ومنه قول الشاعر: مُتَوَّجٌ برداءِ المُلْكِ يَتْبَعُهُ مَوْجٌ تَرى فَوْقَهُ الرَّاياتِ والقَتْرَا يعني بالقتر: الغبار. { وَلا ذِلَّةٌ }. ولا هوان. { أولَئِكَ أصْحَابُ الجَنَّةِ } يقول هؤلاء الذين وصفت صفتهم هم أهل الجنة وسكانها ومن هُمْ فيها خَالِدُون يقول هم فيها ماكثون أبداً لا تبيد فيخافوا زوال نعيمهم، ولا هم بمخرجين فتتنغص عليهم لذتهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. وكان ابن أبي ليلى يقول في قوله: { وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ } ما: حدثنا محمد بن منصور الطوسى، قال: ثنا عفان، قال: ثنا حماد بن زيد، قال: ثنا زيد، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: { وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ } قال: بعد نظرهم إلى ربهم. حدثني المثنى، قال: ثنا الحجاج ومعلى بن أسد، قالا: ثنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، بنحوه. حدثنا القاسم قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس، قوله: { وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ } قال: سواد الوجوه.
{ "aya": [ { "start": 7122, "end": 7140 }, { "start": 7184, "end": 7304 } ], "hadith": [ { "start": 2382, "end": 2608 }, { "start": 4391, "end": 4757 }, { "start": 4980, "end": 5230 }, { "start": 5997, "end": 6060 }, { "start": 6376, "end": 6441 } ], "verse": [ { "start": 9385, "end": 9421 }, { "start": 9422, "end": 9464 } ] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 27, "aya_end": 27, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=27&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: والذين عملوا السيئات في الدنيا، فعصوا الله فيها، وكفروا به وبرسوله، جزاء سيئة من عمله السيء الذي عمله في الدنيا بمثلها من عقاب الله في الآخرة. { وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ } يقول: وتغشاهم ذلة وهوان بعقاب الله إياهم. { ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ } يقول: ما لهم من الله من مانع يمنعهم إذا عاقبهم يحول بينه وبينهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ } قال: تغشاهم ذلة وشدّة. واختلف أهل العربية في الرافع للجزاء، فقال بعض نحويي الكوفة: رفع بإضمار «لهم»، كأنه قيل: ولهم جزاء السيئة بمثلها، كما قال: فَصِيامُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ فِي الحَجّ والمعنى: فعليه صيام ثلاثة أيام. قال: وإن شئت رفعت الجزاء بالباء في قوله: { وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ بمِثْلِها }. وقال بعض نحويي البصرة: الجزاء مرفوع بالابتداء: وخبره بمثلها. قال: ومعنى الكلام: جزاء سيئة مثلها، وزيدت الياء كما زيدت في قوله: بحسبك قول السوء. وقد أنكر ذلك من قول بعضهم فقال: يجوز أن تكون الباء في «حسب» زائدة، لأن التأويل: إن قلت السوء فهو حسبك، فلما لم تدخل في الجزاء أدخلت في حسب بحسبك أن تقوم إن قمت فهو حسبك، فإن مدح ما بعد حسب أدخلت الباء فيما بعدها كقولك: حسبك بزيد، ولا يجوز: بحسبك زيد، لأن زيداً الممدوح فليس بتأويل جزاء. وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يكون الجزاء مرفوعاً بإضمار بمعنى: فلهم جزاء سيئة بمثلها لأن الله قال في الآية التي قبلها: { لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ } فوصف ما أعدّ لأوليائه، ثم عقب ذلك بالخبر عما أعدّ الله لأعدائه، فأشبه بالكلام أن يقال: وللذين كسبوا السيئات جزاء سيئة. وإذا وجه ذلك إلى هذا المعنى كانت الياء للجزاء. القول في تأويل قوله تعالى: { كأنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولَئِكَ أصَحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ }. يقول تعالى ذكره: كأنما ألبست وجوه هؤلاء الذين كسبوا السيئات قطعاً من الليل، وهي جمع قطعة. وكان قتادة يقول في تأويل ذلك، ما: حدثنا به محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر عن قتادة: { كأنما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً } قال: ظلمة من الليل. واختلفت القرّاء في قراءة قوله تعالى: { قِطَعاً } فقرأته عامة قرّاء الأمصار: { قِطَعاً } بفتح الطاء على معنى جمع قطعة، وعلى معنى أن تأويل ذلك: كأنما أغشيت وجه كلّ إنسان منهم قطعة من سواد الليل، ثم جمع ذلك فقيل: كأنما أغشيت وجوههم قطعاً من سواد، إذ جمع «الوجه». وقرأه بعض متأخري القرّاء: «قِطْعاً» بسكون الطاء، بمعنى: كأنما أغشيت وجوههم سواداً من الليل، وبقية من الليل، ساعة منه، كما قال: { فَأَسْرِ بأهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ } أي ببقية قد بقيت منه، ويعتلّ لتصحيح قراءته ذلك كذلك أنه في مصحف أبيّ: «ويغشى وجوههم قطع من الليل مظلم». والقراءة التي لا يجوز خلافها عندي قراءة ذلك بفتح الطاء، لإجماع الحجة من قرّاء الأمصار على تصويبها وشذوذ ما عداها. وحسب الأخرى دلالة على فسادها، خروج قارئها عما عليه قرّاء أهل الأمصار والإسلام. فإن قال لنا قائل: فإن كان الصواب في قراءة ذلك ما قلت، فما وجه تذكير المظلم وتوحيده، وهو من نعت القِطَع والقِطْع جمع لمؤنث؟ قيل في تذكيره ذلك وجهان: أحدهما: أن يكون قطعاً من الليل، وإن يكون من نعت الليل، فلما كان نكرة والليل معرفة نصب على القطع. فيكون معنى الكلام حينئذ: كأنما أغشيت وجوههم قطعاً من الليل المظلم، ثم حذفت الألف واللام من «المظلم»، فلما صار نكرة وهو من نعت الليل نصب على القطع وتسمي أهل البصرة ما كان كذلك حالاً، والكوفيُّون قطعاً. والوجه الآخر على نحو قول الشاعر: لو أنَّ مِدْحَةَ حَيّ مُنْشِرٌ أحَداً والوجه الأول أحسن وجهيه. وقوله: { أُولَئِكَ أصَحابُ النَّارِ } يقول: هؤلاء الذين وصفت لك صفتهم أهل النار الذين هم أهلها، { هُمْ فِيها خالِدُونَ } يقول: هم فيها ماكثون.
{ "aya": [ { "start": 647, "end": 672 } ], "hadith": [], "verse": [ { "start": 3190, "end": 3227 } ] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 28, "aya_end": 28, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=28&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: ويوم نجمع الخلق لموقف الحساب جميعاً، ثم نقول حينئذ للذين أشركوا بالله الآلهة والأنداد: مكانكم أي امكثوا مكانكم، وقفوا في موضعكم أنتم أيها المشركون، وشركاؤكم الذين كنتم تعبدونهم من دون الله من الآلهة والأوثان. { فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ } يقول: ففرّقنا بين المشركين بالله وما أشركوه به وبين غيره وأبنته منه. وقال: «فزيلنا» إرادة تكثير الفعل وتكريره. ولم يقل: «فزلنا بينهم». وقد ذُكر عن بعضهم أنه كان يقرؤه: «فزايلنا بينهم»، كما قيل: وَلا تُصعِّرْ خَدَّكَ و«لا تصاعر خدّك»، والعرب تفعل ذلك كثيراً في فعلت، يلحقون فيها أحياناً ألفاً مكان التشديد، فيقولون: فاعلت إذا كان الفعل لواحد. وأما إذا كان لاثنين فلا تكاد تقول إلا فاعلت. { وقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ أيَّانا تَعْبُدُونَ } وذلك حين تَبرَّأ الَّذِينِ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأسبابُ لما قيل للمشركين اتبعوا ما كنتم تعبدون من دون الله، ونصبت لهم آلهتهم، قالوا: كنا نعبد هؤلاء، فقالت الآلهة لهم: ما كنتم إيانا تعبدون. كما: حُدثت عن مسلم بن خالد، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: يكون يوم القيامة ساعة فيها شدّة تنصب لهم الآلهة التي كانوا يعبدون، فيقال: هؤلاء الذين كنتم تعبدون من دون الله، فتقول الآلهة: والله ما كنا نسمع ولا نبصر ولا نعقل ولا نعلم أنكم كنتم تعبدوننا فيقولون: والله لإياكم كنا نعبد فتقول لهم الآلهة: فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ للَّذِينَ أشْرَكُوا مَكانَكُمْ أنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُم فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ قال: فرّقنا بينهم. وَقالَ شُركاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إيَّانا تَعْبُدُونَ قالوا: بلى قد كنا نعبدكم، ف قالوا كَفَى باللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وبَيْنَكُمْ إنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ ما كنا نسمع ولا نبصر ولا نتكلم. فقال الله: هُنالك تَبْلُو كُلّ نَفْس ما أسْلَفَتْ .. الآية.ورُوي عن مجاهد، أنه كان يتأوّل الحشر في هذا الموضع: الموت. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن الأعمش، قال: سمعتهم يذكرون عن مجاهد، في قوله: { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً } قال: الحشر: الموت.والذي قلنا في ذلك أولى بتأويله لأن الله تعالى ذكره أخبر أنه يقول يومئذ للذين أشركوا ما ذكر أنه يقول لهم، ومعلوم أن ذلك غير كائن في القبر، وأنه إنما هو خبر عما يقال لهم ويقولون في الموقف بعد البعث.
{ "aya": [ { "start": 447, "end": 468 }, { "start": 706, "end": 810 }, { "start": 1242, "end": 1333 }, { "start": 1394, "end": 1514 }, { "start": 1619, "end": 1704 }, { "start": 1748, "end": 1786 } ], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 29, "aya_end": 29, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=29&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره مخبراً عن قيل شركاء المشركين من الآلهة والأوثان لهم يوم القيامة، إذ قال المشركون بالله لها: إياكم كنا نعبد، كفى بالله شهيداً بيننا وبينكم أي إنها تقول: حسبنا الله شاهداً بيننا وبينكم أيها المشركون، فإنه قد علم أنا ما علمنا ما تقولون. { إنّا كُنّا عَنْ عَبادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ } يقول: ما كنا عن عبادتكم إيانا دون الله إلا غافلين، لا نشعر به ولا نعلم. كما: حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { إنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ } قال: ذلك كلّ شيء يُعبد من دون الله. حدثني المثنى، قال: ثني إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال مجاهد: { إنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ } قال: يقول ذلك كلّ شيء كان يعبد من دون الله.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 3, "aya_end": 3, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=3&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: إن ربكم الذي له عبادة كلّ شيء، ولا تنبغي العبادة إلا له، هو الذي خلق السموات السبع والأرضين السبع في ستة أيام، وانفرد بخلقها بغير شريك ولا ظهير، ثم استوى على عرشه مدبرا للأمور وقاضياً في خلقه ما أحبّ، لا يضادّه في قضائه أحد ولا يتعقب تدبيره متعقب ولا يدخل أموره خلل. { ما مِنْ شَفِيعٍ إلاَّ مِنْ بَعْدِ إذْنِهِ } يقول: لا يشفع عنده شافع يوم القيامة في أحد إلا من بعد أن يأذن في الشفاعة. { ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ } يقول جلّ جلاله: هذا الذي هذه صفته سيدكم ومولاكم لا من لا يسمع، ولا يبصر، ولا يدبر، ولا يقضي من الآلهة والأوثان. { فاعْبُدُوهُ } يقول: فاعبدوا ربكم الذي هذه صفته، وأخلصوا له العبادة، وأفردوا له الألوهة والربوبية بالذلة منكم له دون أوثانكم وسائر ما تشركون معه في العبادة. { أفَلا تَذَكَّرُونَ } يقول: أفلا تتعظون وتعتبرون بهذه الآيات والحجج، فتنيبون إلى الإذعان بتوحيد ربكم وإفراده بالعبادة، وتجمعون الأنداد وتبرءون منها. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { يُدَبِّرُ الأمْرَ } قال: يقضيه وحده. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الأعلى، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهد: { يُدَبِّرُ الأمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إلاَّ مِنْ بَعْدِ إذْنِهِ } قال: يقضيه وحده. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { يُدَبِّرُ الأمْرَ } قال: يقضيه وحده. قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 30, "aya_end": 30, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=30&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
اختلفت القرّاء في قراءة قوله: { هُنالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْس } بالباء، بمعنى: عند ذلك تختبر كلّ نفس بما قدّمت من خير أو شرّ. وكان ممن يقرؤه ويتأوّله كذلك مجاهد. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: هُنالكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ ما أسْلَفَتْ قال: تختبر. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. وقرأ ذلك جماعة من أهل الكوفة وبعض أهل الحجاز: «تَتْلُو كُلُّ نَفْسٍ ما أسْلَفَتْ» بالتاء. واختلف قارئو ذلك كذلك في تأويله، فقال بعضهم: معناه وتأويله: هنالك تتبع كلّ نفس ما قدمت في الدنيا لذلك اليوم. ورُوي بنحو ذلك خبر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم من وجه وسند غير مرتضى أنه قال: " يُمَثَّلُ لِكُلّ قَوْمٍ ما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ يَوْمَ القِيامَةِ، فَيَتَّبِعُونَهُمْ حتى يُورِدُوهُمُ النَّارَ " قال: ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: " هُنالكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ ما أسْلَفَتْ ". وقال بعضهم: بل معناه: تتلو كتاب حسناته وسيئاته، يعني تقرأ، كما قال جلّ ثناؤه: ونُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ القِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً وقال آخرون: تبلو: تعاين. ذكر من قال ذلك: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { هُنالكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ ما أسْلَفَتْ } قال: ما عملت. تبلو: تعاينه. والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان قد قرأ بكلّ واحدة منهما أئمة من القرّاء، وهما متقاربتا المعنى وذلك أن من تبع في الآخرة ما أسلف من العمل في الدنيا، هجم به على مورده، فيخبر هنالك ما أسلف من صالح أو سيىء في الدنيا، وإن من خير من أسلف في الدنيا من أعماله في الآخرة، فإنما يخبر بعد مصيره إلى حيث أحله ما قدم في الدنيا من علمه، فهو في كلتا الحالتين متبع ما أسلف من عمله مختبر له، فبأيتهما قرأ القارىء كما وصفنا فمصيب الصواب في ذلك. أما قوله: { وَرُدُّوا إلى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الحَقِّ } فإنه يقول: ورجع هؤلاء المشركون يومئذ إلى الله الذي هو ربهم ومالكهم الحقّ لا شكّ فيه دون ما كانوا يزعمون أنهم لهم أرباب من الآلهة والأنداد. { وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ } يقول: وبطل عنهم ما كانوا يتخرّصون من الفرية والكذب على الله بدعواهم أوثانهم أنها لله شركاء، وأنها تقرّبهم منه زلفى. كما: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { وَرُدُّوا إلى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ } قال: ما كانوا يدعون معه من الأنداد والآلهة، ما كانوا يفترون الآلهة، وذلك أنهم جعلوها أنداداً وآلهة مع الله افتراء وكذباً.
{ "aya": [ { "start": 1053, "end": 1113 } ], "hadith": [ { "start": 743, "end": 875 }, { "start": 928, "end": 974 } ], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 31, "aya_end": 31, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=31&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: { قُلْ } يا محمد لهؤلاء المشركين بالله الأوثان والأصنام { مَنْ يَرْزُقَكُمْ مِنَ السَّماءِ } الغيث والقطر ويطلع لكم شمسها ويغطش ليلها ويخرج ضحاها. { وَ } من الأرْضِ أقواتكم وغذاءكم الذي ينبته لكم وثمار أشجارها. { أمْ مَنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ والأبْصَارَ } يقول: أم من ذا الذي يملك أسماعكم وأبصاركم التي تسمعون بها أن يزيد في قواها أو يسلبكموها فيجعلكم صُمًّا، وأبصاركم التي تبصرون بها أن يضيئها لكم وينيرها، أو يذهب بنورها فيجعلكم عمياً لا تبصرون. { وَمَنْ يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ } يقول: ومن يخرج الشيء الحيّ من الميت، { ويُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيّ } يقول: ويخرج الشيء الميت من الحيّ.وقد ذكرنا اختلاف المختلفين من أهل التأويل والصواب من القول عندنا في ذلك بالأدلة الدالة على صحته في سورة آل عمران بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. { وَمَنْ يُدَبِّرِ الأمْرَ } وقل لهم: من يدبر أمر السماء والأرض وما فيهنّ وأمركم وأمر الخلق. { فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ } يقول جلّ ثناؤه: فسوف يجيبونك بأن يقولوا الذي يفعل ذلك كله الله. { فَقُلْ أفَلا تَتَّقُونَ } يقول: أفلا تخافون عقاب الله على شرككم وادّعائكم ربًّا غير من هذه الصفة صفته، وعبادتكم معه من لا يرزقكم شيئاً ولا يملك لكم ضرًّا ولا نفعاًولا يفعل فعلاً.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 32, "aya_end": 32, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=32&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره لخلقه: أيها الناس، فهذا الذي يفعل هذه الأفعال، فيرزقكم من السماء والأرض ويملك السمع والأبصار، ويخرج الحيّ من الميت والميت من الحيّ، ويدبِّر الأمر { اللَّهُ رَبُّكُمُ الحَقُّ } لا شكّ فيه. { فَمَاذا بَعْدَ الحَقِّ إلاَّ الضَّلالُ } يقول: فأيّ شيء سوى الحقّ إلا الضلال وهو الجور عن قصد السبيل. يقول: فإذا كان الحقّ هو ذا، فادّعاؤكم غيره إلهاً ورَبًّا هو الضلال والذهاب عن الحقّ لا شكّ فيه. { فَأنَّىٰ تُصْرَفُونَ } يقول: فأيّ وجه عن الهدى والحقّ تصرفون وسواهما تسلكون وأنتم مقرّون بأن الذي تصرفون عنه هو الحقّ.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 33, "aya_end": 33, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=33&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: كما قد صرف هؤلاء المشركون عن الحقّ إلى الضلال، { كَذلكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ } يقول: وجب عليهم قضاؤه وحكمه في السابق من علمه، { على الَّذِينَ فَسَقُوا } فخرجوا من طاعة ربهم إلى معصيته وكفروا به { أنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ } يقول: لا يصدقون بوحدانية الله ولا بنبوّة نبيه صلى الله عليه وسلم.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 34, "aya_end": 34, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=34&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: { قُلْ } يا محمد { هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ } يعني من الآلهة والأوثان { مَنْ يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ }؟ يقول: من ينشىء خلق شيء من غير أصل، فيحدث خلقه ابتداء ثم يعيده، يقول: ثم يفنيه بعد إنشائه، ثم يعيده كهيئته قبل أن يفنيه؟ فإنهم لا يقدرون على دعوى ذلك لها. وفي ذلك الحجة القاطعة والدلالة الواضحة على أنهم في دعواهم أنها أرباب وهي لله في العبادة شركاء كاذبون مفترون. { فقُلِ } لهم حينئذ يا محمد: { اللَّهُ يَبْدَأُ الخَلْقَ } فينشئه من غير شيء ويحدثه من غير أصل ثم يفنيه إذا شاء، { ثُمَّ يُعِيدُهُ } إذا أراد كهيئته قبل الفناء. فَأَنَّي تُؤْفَكُونَ يقول: فأيّ وجه عن قصد السبيل وطريق الرشد تصرفون وتقلبون. كما: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن: { فَأنَّىٰ تُؤْفَكونَ } قال: أنىٰ تصرفون.وقد بيَّنا اختلاف المختلفين في تأويل قوله: { أنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } والصواب من القول في ذلك عندنا بشواهده في سورة الأنعام.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 35, "aya_end": 35, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=35&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: { قُلْ } يا محمد لهؤلاء المشركين { هَلْ مِنْ شُركائِكم } الذين تدعون من دون الله، وذلك آلهتهم وأوثانهم، { مَنْ يَهْدِي إلى الحَقّ } يقول: من يرشد ضالاًّ من ضلالته إلى قصد السبيل، ويسدّد جائزاً عن الهدى إلى واضح الطريق المستقيم فإنهم لا يقدرون أن يدّعوا أن آلهتهم وأوثانهم ترشد ضالاًّ أو تهدي حائراً. وذلك أنهم إن ادّعوا ذلك لها أكذبتهم المشاهدة وأبان عجزها عن ذلك الاختبار بالمعاينة، فإذا قالوا لا وأقرّوا بذلك، فقل لهم. فالله يهدي الضالّ عن الهدى إلى الحقّ. { أفَمَنْ يَهْدِي } أيها القوم ضالاًّ { إلى الحَقّ } وجائراً عن الرشد إلى الرشد، { أحَقُّ أنْ يُتَّبَعَ } إلى ما يدعو إليه { أمْ مَنْ لا يَهْدِي إلاَّ أنْ يُهْدَىٰ }؟ واختلف القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء أهل المدينة: «أمْ مَنْ لا يَهْدّي» بتسكين الهاء وتشديد الدال، فجمعوا بين ساكنين. وكأن الذي دعاهم إلى ذلك أنهم وجهوا أصل الكلمة إلى أنه: أم مَن لا يهتدي، ووجدوه في خطّ المصحف بغير ما قرروا وأن التاء حذفت لما أدغمت في الدال، فأقرّوا الهاء ساكنة على أصلها الذي كانت عليه، وشدّدوا الدال طلبا لإدغام التاء فيها، فاجتمع بذلك سكون الهاء والدال. وكذلك فعلوا في قوله: «وَقُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُّوا في السَّبْتِ» وفي قوله: { يخَصّمونَ }. وقرأ ذلك بعض قرّاء أهل مكة والشام والبصرة: «يَهَدّي» بفتح الهاء وتشديد الدال. وأمُّوا ما أمَّه المدنيون من الكلمة، غير أنهم نقلوا حركة التاء من «يهتدي» إلى الهاء الساكنة، فحرّكوا بحركتها وأدغموا التاء في الدال فشدّدوها. وقرأ ذلك بعض قرّاء الكوفة: يَهِدّي بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال، بنحو ما قصده قرّاء أهل المدينة غير أنه كسر الهاء لكسرة الدال من «يهتدي» استثقالاً للفتحة بعدها كسرة في حرف واحد. وقرأ ذلك بعض عامة قرّاء الكوفيين: «أمْ مَنْ لا يَهْدِي» بتسكين الهاء وتخفيف الدال، وقالوا: إن العرب تقول: هديت بمعنى اهتديت، قالوا: فمعنى قوله: { أم مَنْ لا يَهْدِي }: أم من لا يهتدي { إلاَّ أنْ يُهْدَى }. وأولى القراءة في ذلك بالصواب قراءة من قرأ: «أمْ مَنْ لا يَهَدّي» بفتح الهاء وتشديد الدال، لما وصفنا من العلة لقارىء ذلك كذلك، وأن ذلك لا يدفع صحته ذو علم بكلام العرب وفيهم المنكر غيره، وأحقّ الكلام أن يقرأ بأفصح اللغات التي نزل بها كلام الله تبارك وتعالى. فتأويل الكلام إذا: أفمن يهدي إلى الحقّ أحقّ أن يتبع، أم من لا يهتدي إلى شيء إلا أن يُهْدَى. وكان بعض أهل التأويل يزعم أن معنى ذلك: أم من لا يقدر أن ينتقل عن مكانه إلا أن ينقل. وكان مجاهد يقول في تأويل ذلك ما: حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: «أفمَنْ يَهْدِي إلى الحَقّ أحَقُّ أنْ يُتَّبَعَ أمْ مَنْ لا يَهِدّي إلاَّ أنْ يُهْدَىٰ» قال: الأوثان، الله يهدي منها ومن غيرها من شاء لما شاء. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: «أمَّنْ لا يهَدّي إلاَّ أنْ يُهْدَىٰ» قال: قال: الوثن. وقوله: { فمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } ألا تعلمون أن من يهدي إلى الحقّ أحقّ أن يتبع من الذي لا يهتدي إلى شيء إلا أن يهديه إليه هاد غيره، فتتركوا اتباع من لا يهتدي إلى شيء وعبادته وتتبعوا من يهديكم في ظلمات البرّ والبحر وتخلصوا له العبادة فتفردوه بها وحده دون ما تشركونه فيها من آلهتكم وأوثانكم؟
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 36, "aya_end": 36, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=36&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: وما يتبع أكثر هؤلاء المشركين إلا ظنًّا، يقول: إلا ما لا علم لهم بحقيقته وصحته، بل هم منه في شكّ وريبة. { إنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الحَقّ شَيْئاً } يقول: إن الشكّ لا يغني من اليقين شيئاً، ولا يقوم في شيء مقامه، ولا ينتفع به حيث يحتاج إلى اليقين. { إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ } يقول تعالى ذكره: إن الله ذو علم بما يفعل هؤلاء المشركون من اتباعهم الظنّ وتكذيبهم الحقّ اليقين، وهو لهم بالمرصاد، حيث لا يغني عنهم ظنهم من الله شيئاً.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 37, "aya_end": 37, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=37&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: ما ينبغي لهذا القرآن أن يفترى من دون الله، يقول: ما ينبغي له أن يتخرّصه أحد من عند غير الله، وذلك نظير قوله: «وَما كانَ لِنَبِيَ أنْ يُغَلَّ» بمعنى: ما ينبغي لنبيّ أن يغله أصحابه. وإنما هذا خبر من الله جلّ ثناؤه أن هذا القرآن من عنده أنزله إلى محمد عبده، وتكذيب منه للمشركين الذين قالوا: هو شعر وكهانة، والذين قالوا: إنما يتعلمه محمد من يعيش الروميّ. يقول لهم جلّ ثناؤه: ما كان هذا القرآن ليختلقه أحد من عند غير الله، لأن ذلك لا يقدر عليه أحد من الخلق. { وَلَكِنْ تَصْديقَ الَّذِي بينَ يَدَيْهِ } يقول تعالى ذكره: ولكنه من عند الله أنزله مصدّقاً لما بين يديه أي لما قبله من الكتب التي أنزلت على أنبياء الله كالتوراة والإنجيل وغيرهما من كتب الله التي أنزلها على أنبيائه. { وَتَفْصِيل الكِتابِ } يقول: وتبيان الكتاب الذي كتبه الله على أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وفرائضه التي فرضها عليهم في السابق من علمه. { لا رَيْبَ فِيهِ } يقول: لا شكّ فيه أنه تصديق الذي بين يديه من الكتاب وتفصيل الكتاب من عند ربّ العالمين، لا افتراء من عند غيره ولا اختلاق.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 38, "aya_end": 38, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=38&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: أم يقول هؤلاء المشركون: افترى محمد هذا القرآن من نفسه، فاختلقه وافتعله. قل يا محمد لهم: إن كان كما تقولون إني اختلقته وافتريته، فإنكم مثلي من العرب، ولساني وكلامي مثل لسانكم، فجيئوا بسورة مثل هذا القرآن. والهاء في قوله «مثله» كناية عن القرآن. وقد كان بعض نحويي البصرة يقول: معنى ذلك: قل فأتوا بسورة مثل سورته، ثم ألقيت «سورة» وأضيف المثل إلى ما كان مضافاً إليه السورة، كما قيل: { وَاسْئَلِ القَرْيَةَ } يراد به: واسأل أهل القرية. وكان بعضهم ينكر ذلك من قوله ويزعم أن معناه: فأتوا بقرآن مثل هذا القرآن. والصواب من القول في ذلك عندي أن السورة إنما هي سورة من القرآن، وهي قرآن، وإن لم تكن جميع القرآن، فقيل لهم: { فأْتُوا بِسُورِةٍ مِنْ مِثْلِهِ } ولم يقل: «مثلها»، لأن الكناية أخرجت على المعنى، أعني معنى السورة، لا على لفظها، لأنها لو أخرجت على لفظها لقيل: فأتوا بسورة مثلها. { وادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ } يقول: وادعوا أيها المشركون على أن يأتوا بسورة مثلها من قدر تم أن تدعوا على ذلك من أوليائكم وشركائكم { مِنْ دُونِ الله } يقول: من عند غير الله، فأجمعوا على ذلك واجتهدوا، فإنكم لا تستطيعون أن تأتوا بسورة مثله أبداً. وقوله: { إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } يقول: إن كنتم صادقين في أن محمداً افتراه، فأتوا بسورة مثله من جميع من يعينكم على الإتيان بها، فإن لم تفعلوا ذلك فلا شكّ أنكم كذبة في زعمكم أن محمداً افتراه لأن محمداً لن يعدو أن يكون بشراً مثلكم، فإذا عجز الجميع من الخلق أن يأتوا بسورة مثله، فالواحد منهم عن أن يأتي بجميعه أعجز.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 39, "aya_end": 39, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=39&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: ما بهؤلاء المشركين يا محمد تكذيبك، ولكن بهم التكذيب { بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بعِلْمِهِ } مما أنزل الله عليك في هذا القرآن من وعيدهم على كفرهم بربهم، { وَلمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ } يقول: ولما يأتهم بعد بيان ما يئول إليه ذلك الوعيد الذي توعدهم الله في هذا القرآن. { كذلكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } يقول تعالى ذكره: كما كذّب هؤلاء المشركون يا محمد بوعيد الله، كذلك كذّب الأمم التي خلت قبلهم بوعيد الله إياهم على تكذيبهم رسلهم وكفرهم بربهم. { فانْظُرُ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِين } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فانظر يا محمد كيف كان عقبىٰ كفر من كفر بالله، ألم نهلك بعضهم بالرجفة وبعضهم بالخسف وبعضهم بالغرق؟ يقول: فإن عاقبة هؤلاء الذي يكذّبونك ويجحدون بآياتي من كفار قومك، كالتي كانت عاقبة من قبلهم من كفرة الأمم، إن لم ينيبوا من كفرهم ويسارعوا إلى التوبة.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 4, "aya_end": 4, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=4&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: إلى ربكم الذي صفته ما وصف جلّ ثناؤه في الآية قبل هذه معادكم أيها الناس يوم القيامة جميعاً. { وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا } فأخرج «وعد الله» مصدرا من قوله: { إلَيْهِ مَرْجَعُكُمْ } لأن فيه معنى الوعد، ومعناه: يعدكم الله أن يحييكم بعد مماتكم وعداً حقًّا، فلذلك نصب { وَعْدَ الله حَقًّا }. { إِنَّهُ يَبْدَؤُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } يقول تعالى ذكره: إن ربكم يبدأ إنشاء الخلق وإحداثه وإيجاده ثم يعيده، فيوجده حيًّا كهيئته يوم ابتدأه بعد فنائه وبلائه. كما: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } قال: يحييه ثم يميته. قال أبو جعفر: وأحسبه أنه قال: «ثم يحييه». حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد: { يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } قال: يحييه ثم يميته ثم يحييه. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { إنَّهُ يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ }: يحييه ثم يميته، ثم يبدؤه ثم يحييه. قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد بنحوه. وقرأت قرّاء الإمصار ذلك: { إنَّهُ يَبْدَأُ الخَلْقَ } بكسر الألف من إنه على الاستئناف. وذُكر عن أبي جعفر الرازي أنه قرأه أنه بفتح الألف من «أنه» كأنه أراد: حقًّا أن يبدأ الخلق ثم يعيده، ف «أنّ» حينئذ تكون رفعاً، كما قال الشاعر: أحَقًّا عِبادَ اللَّهِ أنْ لَسْتُ زَائراً أبا حَبَّةٍ إلاَّ عليّ رَقِيبُ وقوله: { لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحاتِ بالقِسْطِ } يقول: ثم يعيده من بعد مماته كهيئته قبل مماته عند بعثه من قبره، { لَيْجِزيَ الَّذِينَ آمَنُوا } يقول: ليثيب من صدق الله ورسوله وعملوا ما أمرهم الله به من الأعمال واجتنبوا ما نهاهم عنه على أعمالهم الحسنة { بالقِسْطِ } يقول: ليجزيهم على الحسن من أعمالهم التي عملوها في الدنيا الحسن من الثواب والصالح من الجزاء في الآخرة، وذلك هو القسط. والقسط العدل والإنصاف كما: حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { بالقِسْطِ } بالعدل. وقوله: { وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ } فإنه جلّ ثناؤه ابتدأ الخبر عما أعدّ الله للذين كفروا من العذاب. وفيه معنى العطف على الأوّل، لأنه تعالى ذكره عمّ بالخبر عن معاد جميعهم كفارهم ومؤمنيهم إليه، ثم أخبر أن إعادتهم ليجزي كلّ فريق بما عمل، المحسن منهم بالإحسان والمسيء بالإساءة. ولكن لما كان قد تقدم الخبر المستأنف عما أعدّ للذين كفروا من العذاب ما يدلّ سامع ذلك على المراد ابتدأ الخبر والمعني العطف، فقال: والذين جحدوا الله ورسوله وكذبوا بآيات الله، لهم شراب في جهنم من حميم، وذلك شراب قد أغلي واشتدّ حرّه حتى أنه فيما ذكر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ليتساقط من أحدهم حين يدنيه منه فروة رأسه، وكما وصفه جلّ ثناؤه: { كالمُهْلِ يَشْوِي الوُجُوهَ }. وأصله مفعول صرف إلى فعيل، وإنما هو «محموم»: أي مسخن، وكلّ مسخن عند العرب فهو حميم، ومنه قول المرقش: فِي كُلّ يَوْمٍ لَهَا مِقْطَرَةٌ فِيها كِباءٌ مُعَدٌّ وحَمِيمْ يعني بالحميم: الماء المسخن. وقوله: { عَذَابٌ ألِيمٌ } يقول: ولهم مع ذلك عذاب موجع سوى الشراب من الحميم { بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ } بالله ورسوله.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [ { "start": 1269, "end": 1310 }, { "start": 1311, "end": 1341 }, { "start": 2640, "end": 2672 }, { "start": 2673, "end": 2702 } ] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 40, "aya_end": 40, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=40&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: ومن قومك يا محمد من قريش من سوف يؤمن به، يقول: من سوف يصدق بالقرآن، ويقرّ أنه من عند الله. { وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ } أبداً، يقول: ومنهم من لا يصدّق به، ولا يقرّ أبدا. { وَرَبُّكَ أعْلَمُ بالمُفْسدِينَ } يقول: والله أعلم بالمكذّبين به منهم، الذين لا يصدّقون به أبداً من كل أحد لا يخفى عليه، وهو من وراء عقابه. فأما من كتبت له أن يؤمن به منهم فإني سأتوب عليه.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 41, "aya_end": 41, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=41&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم: وإن كذّبك يا محمد هؤلاء المشركون وردُّوا عليك ما جئتهم به من عند ربك، فقل لهم: أيها القوم لي ديني وعملي ولكم دينكم وعملكم، لايضرّني عملكم ولا يضرّكم عملي، وإنما يُجَازَي كلّ عامل بعمله. { أنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أعْمَلُ } لا تؤاخذون بجريرته، { وأنا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ } لا أؤاخذ بجريرة عملكم. وهذا كما قال جلّ ثناؤه: { قُلْ يا أيُّها الكافِرُونَ لا أعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ وَلا أنْتُمْ عابِدْونَ ما أعْبُدُ }. وقيل: إن هذه الآية منسوخة، نسخها الجهاد والأمر بالقتال. ذكر من قال ذلك: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { وَإنْ كَذَّبُوكَ فُقُلْ لي عَمَلِي وَلَكُم عَمَلُكُمْ... } الآية، قال: أمره بهذا ثم نسخه، وأمره بجهادهم.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 42, "aya_end": 42, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=42&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ومن هؤلاء المشركين من يستمعون إلى قولك. { أفأنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ } يقول: أفأنت تخلق لهم السمع ولو كانوا لا سمع لهم يعقلون به، أم أنا؟ وإنما هذا إعلام من الله عباده أن التوفيق للإيمان به بيده لا إلى أحد سواه، يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: كما أنك لا تقدر أن تسمع يا محمد من سلبته السمع، فكذلك لا تقدر أن تُفْهِمَ أمري ونهيي قلباً سلبته فهم ذلك، لأني ختمت عليه أنه لا يؤمن.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 43, "aya_end": 43, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=43&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: ومن هؤلاء المشركين، مشركي قومك، من ينظر إليك يا محمد ويرى أعلامك وحججك على نبوّتك، ولكن الله قد سلبه التوفيق فلا يهتدي، ولا تقدر أن تهديه، كما لا تقدر أن تحدث للأعمى بصرا يهتدي به. { أفأنْتَ تَهْدِي العُمْيَ وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ } يقول: أفأنت يا محمد تحدث لهؤلاء الذين ينظرون إليك وإلى أدلتك وحججك فلا يوفقون للتصديق بك أبصاراً لو كانوا عمياً يهتدون بها ويبصرون؟ فكما أنك لا تطيق ذلك ولا تقدر عليه ولا غيرك، ولا يقدر عليه أحد سواي، فكذلك لا تقدر على أن تبصرهم سبيل الرشاد، أنت ولا أحد غيري، لأن ذلك بيدي وإليّ. وهذا من الله تعالى ذكره تسلية لنبيه صلى الله عليه وسلم عن جماعة ممن كفر به من قومه وأدبر عنه فكذّب، وتعزية له عنهم، وأمر برفع طمعه من إنابتهم إلى الإيمان بالله.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 44, "aya_end": 44, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=44&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: إن الله لا يفعل بخلقه ما لا يستحقون منه، لا يعاقبهم إلا بمعصيتهم إياه، ولا يعذّبهم إلا بكفرهم به { ولَكِنَّ النَّاسَ } يقول: ولكن الناس هم الذين يظلمون أنفسهم باجترامهم ما يورثها غضب الله وسخطه. وإنما هذا إعلام من الله تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به، أنه لم يسلب هؤلاء الذين أخبر جلّ ثناؤه عنهم أنهم لا يؤمنون الإيمان ابتداء منه بغير جرم سلف منهم، وإخبار أنه إنما سلبهم ذلك باستحقاق منهم سلبه لذنوب اكتسبوها، فحقّ عليهم قول ربهم، { وطَبَعَ على قُلوبِهِمْ }.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 45, "aya_end": 45, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=45&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: ويوم نحشر هؤلاء المشركين فنجمعهم في موقف الحساب، كأنهم كانوا قبل ذلك لم يلبثوا إلا ساعة من نهار يتعارفون فيما بينهم، ثم انقطعت المعرفة وانقضت تلك الساعة. يقول الله: { قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاء اللَّهِ وَما كانُواّ مُهْتَدِينَ } ، قد غبن الذين جحدوا ثواب الله وعقابه وحظوظهم من الخير، وهلكوا. { وما كَانُوا مُهْتَدِينَ } يقول: وما كانوا موفقين لإصابة الرشد مما فعلوا من تكذيبهم بلقاء الله لأنه أكسبهم ذلك ما لا قبَل لهم به من عذاب الله.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 46, "aya_end": 46, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=46&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: وإما نرينك يا محمد في حياتك بعض الذي نعد هؤلاء المشركين من قومك من العذاب، أو نتوفينك قبل أن نريك ذلك فيهم. { فإلَيْنا مَرْجِعُهُمْ } يقول: فمصيرهم بكلّ حال إلينا ومنقلبهم. { ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ على ما يَفْعَلُونَ } يقول جلّ ثناؤه ثم أنا شاهد على أفعالهم التي كانوا يفعلونها في الدنيا، وأنا عالم بها لا يخفى عليّ شيء منها، وأنا مجازيهم بها عند مصيرهم إليّ ومرجعهم جزاءهم الذي يستحقونه. كما: حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { وإمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ } من العذاب في حياتك، { أوْ نَتَوَفَيَّنَّكَ } قبل، { فإلَيْنا مَرْجِعُهُم }. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، نحوه. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 47, "aya_end": 47, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=47&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: ولكلّ أمة خلت قبلكم أيها الناس رسول أرسلته إليهم، كما أرسلت محمدا إليكم يدعون من أرسلتهم إليهم إلى دين الله وطاعته. { فإذا جَاءَ رَسُولُهُمْ } يعني في الآخرة كما: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: { ولِكُلّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فإذَا جاء رَسَوُلُهُمْ } قال: يوم القيامة. وقوله: { قُضِيَ بَيْنَهُمْ بالقِسْطِ } يقول قضي حينئذ بينهم بالعدل { وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ } من جزاء أعمالهم شيئا، ولكن يجازي المحسن بإحسانه والمسيء من أهل الإيمان إما أن يعاقبه الله وأما أن يعفو عنه، والكافر يخلد في النار فذلك قضاء الله بينهم بالعدل، وذلك لا شكّ عدل لا ظلم. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { قُضِيَ بَيْنَهُمْ بالقِسْطِ } قال: بالعدل.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 48, "aya_end": 48, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=48&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: ويقول هؤلاء المشركون من قومك يا محمد { مَتى هَذَا الوَعْدُ } الذي تعدنا أنه يأتينا من عند الله؟ وذلك قيام الساعة { إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } أنت ومن تبعك فيما تعدوننا به من ذلك.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 49, "aya_end": 49, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=49&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لمستعجليك وَعيدَ الله، القائلين لك: متى يأتينا الوعد الذي تعدنا إن كنتم صادقين: { لا أمْلِكُ لَنْفِسي } أيها القوم أي لا أقدر لها على ضرّ ولا نفع في دنيا ولا دين إلا ما شاء الله أن أملكه فأجلبه إليها بأذنه. يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل لهم: فإذا كنت لا أقدر على ذلك إلا بإذنه، فأنا عن القدرة على الوصول إلى علم الغيب ومعرفة قيام الساعة أعجز وأعجز، إلاّ بمشيئته وإذنه لي في ذلك. { لكلِّ أمةٍ أجَلٌ } يقول: لكلّ قوم ميقات لانقضاء مدتهم وأجلهم، فإذا جاء وقت انقضاء أجلهم وفناء أعمارهم، لا يستأخرون عنه ساعة فيُمْهَلُون وُيؤَخَّرون، ولا يستقدمون قبل ذلك لأن الله قضى أن لا يتقدّم ذلك قبل الحين الذي قدّره وقضاه.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 5, "aya_end": 5, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=5&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض { هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً } بالنهار { والقَمَرَ نُوراً } بالليل، ومعنى ذلك: هو الذي أضاء الشمس وأنار القمر، { وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ } يقول: قضاه فسوّاه منازل لا يجاوزها، ولا يقصر دونها على حال واحدة أبدا. وقال: { وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ } فوحده، وقد ذكر الشمس والقمر، فإن في ذلك وجهين: أحدهما أن تكون الهاء في قوله: { وَقَدَّرَهُ } للقمر خاصة، لأن بالأهلّة يعرف انقضاء الشهور والسنين لا بالشمس. والآخر: أن يكون اكتفي بذكر أحدهما عن الآخر، كما قال في موضع آخر: وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أحَقُّ أنْ يُرْضُوهُ وكما قال الشاعر: رَمانِي بأمْر كُنْتُ مِنْهُ وَوَالدِي بَرِيًّا وَمِنْ جُولِ الطَّوِيِّ رَمانِي وقوله: { لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ والحسابَ } يقول: وقدّر ذلك منازل لتعلموا أنتم أيها الناس عدد السنين: دخول ما يدخل منها، وانقضاء ما يستقبل منها وحسابها، يقول: وحساب أوقات السنين وعدد أيامها وحساب ساعات أيامها. { ما خَلَقَ اللَّهُ ذلكَ إلا بالحَقّ } يقول جلّ ثناؤه: لم يخلق الله الشمس والقمر ومنازلهما إلا بالحقّ، يقول الحقّ تعالى ذكره: خلقت ذلك كله بحقّ وحدي بغير عون ولا شريك. { يُفَصّلُ الآياتِ } يقول: يبين الحجج والأدلة { لِقَوْم يَعْلَمُونَ } إذا تدبروها، حقيقة وحدانية الله، وصحة ما يدعوهم إليه محمد صلى الله عليه وسلم من خلع الأنداد والبراءة من الأوثان.
{ "aya": [ { "start": 524, "end": 566 } ], "hadith": [], "verse": [ { "start": 584, "end": 621 }, { "start": 622, "end": 662 } ] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 50, "aya_end": 50, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=50&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لهؤلاء المشركين من قومك: أرأيتم إن أتاكم عذاب الله بياتا، يقول: ليلاً أو نهاراً، وجاءت الساعة، وقامت القيامة أتقدرون على دفع ذلك عن أنفسكم؟ يقول الله تعالى ذكره: ماذا يَسْتعَجل من نزول العذاب المجرمون الذين كفروا بالله، وهم الصَّالون بحرّه دون غيرهم، ثم لا يقدرون على دفعه عن أنفسهم.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 51, "aya_end": 51, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=51&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: أهنالك إذا وقع عذاب الله بكم أيها المشركون آمنتم به، يقول: صدّقتم به في حال لا ينفعكم فيها التصديق، وقيل لكم حينئذ: آلآن تصدّقون به، وقد كنتم قبل الآن به تستعجلون، وأنتم بنزوله مكذّبون فذوقوا الآن ما كنتم به تكذّبون. ومعنى قوله: { أثُمَّ } في هذا الموضع: أهنالك وليست «ثم» هذه هاهنا التي تأتي بمعنى العطف.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 52, "aya_end": 52, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=52&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: { ثُمَّ قِيلَ للَّذِينَ ظَلَمُوا } أنفسهم بكفرهم بالله: { ذُوقُوا عَذَابَ الخُلْدِ } تجرّعوا عَذَابَ اللَّهِ الدَّائمِ لكم أبداً، الذي لا فناء له ولا زوال. { هَلْ تُجْزَوْنَ إلاَّ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ } يقول: يقال لهم: فانظروا { هَلْ تُجْزَوْنَ } أي هل تثابون { إلاَّ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ }؟ يقول: إلا بما كنتم تعملون في حياتكم قبل مماتكم من معاصي الله.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 53, "aya_end": 53, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=53&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: ويستخبرك هؤلاء المشركون من قومك يا محمد فيقولون لك: أحقّ ما تقول وما تعدنا به من عذاب الله في الدار الآخرة جزاء على ما كنا نكسب من معاصي الله في الدنيا؟ قل لهم يا محمد إي وربي إنه لحقّ لا شكّ فيه، وما أنتم بمعجزي الله إذا أراد ذلك بكم بهرب أو امتناع، بل أنتم في قبضته وسلطانه وملكه، إذ أراد فعل ذلك بكم، فاتقوا الله في أنفسكم.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 54, "aya_end": 54, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=54&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: ولو أن لكلّ نفس كفرت بالله. وظُلْمُها في هذا الموضع: عبادتها غير من يستحقّ عبادة وتركها طاعة من يجب عليها طاعته. { ما فِي الأرْضِ } من قليل أو كثير، { لافْتدَتْ بهِ } يقول: لافتدت بذلك كله من عذاب الله إذا عاينته. وقوله: { وأسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رأَوُا العَذَابَ } يقول: وأخفت رؤساء هؤلاء المشركين من وضعائهم وسفلتهم الندامة حين أبصروا عذاب الله قد أحاط بهم، وأيقنوا أنه واقع بهم. { وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بالقِسْطِ } يقول: وقضىٰ الله يؤمئذ بين الأتباع والرؤساء منهم بالعدل. { وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ } وذلك أنه لا يعاقب أحدا منهم إلا بجريرته ولا يأخذه بذنب أحد ولا يعذّب إلا من قد أعذر إليه في الدنيا وأنذر وتابع عليه الحجج.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 55, "aya_end": 55, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=55&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول جلّ ذكره: ألا إن كلّ ما في السموات وكلّ ما في الأرض من شيء لله ملك، لا شيء فيه لأحد سواه. يقول: فليس لهذا الكافر بالله يومئذ شيء يملكه فيفتدى به من عذاب ربه، وإنما الأشياء كلها للذي إليه عقابه، ولو كانت له الأشياء التي هي في الأرض ثم افتدى بما لم يقبل منه بدلاً من عذابه فيصرف بها عنه العذاب، فكيف وهو لا شيء له يفتدى به منه وقد حقّ عليه عذاب الله. يقول الله جلّ ثناؤه: { ألا إنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } يعني أن عذابه الذي أوعد هؤلاء المشركين على كفرهم حقّ، فلا عليهم أن لا يستعجلوا به فإنه بهم واقع لا شكّ. { وَلَكِنَّ أكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ } يقول: ولكن أكثر هؤلاء المشركين لا يعلمون حقيقة وقوع ذلك بهم، فهم من أجل جهلهم به مكذّبون.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 56, "aya_end": 56, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=56&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: إن الله هو المحيي المميت لا يتعذّر عليه فعل ما أراد فعله من إحياء هؤلاء المشركين إذا أراد إحياءهم بعد مماتهم ولا إماتتهم إذا أراد ذلك، وهم إليه يصيرون بعد مماتهم فيعاينون ما كانوا به مكذّبين من وعيد الله وعقابه.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 57, "aya_end": 57, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=57&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره لخلقه: { يا أيُّها الناس قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ } يعني ذِكْرَى تذكركم عقاب الله وتخوّفكم وعيده من ربكم. يقول: من عند ربكم لم يختلقها محمد صلى الله عليه وسلم ولم يفتعلها أحد، فتقولوا: لا نأمن أن تكون لا صحة لها. وإنما يعني بذلك جلّ ثناؤه القرآن، وهو الموعظة من الله. وقوله: { وَشِفاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ } يقول: ودواء لما في الصدور من الجهل، يشفي به الله جهل الجهال، فيبرىء به داءهم ويهدي به من خلقه من أراد هدايته به. { وَهُدًى } يقول: وهو بيان لحلال الله وحرامه، ودليل على طاعته ومعصيته. { وَرَحْمَةٌ } يرحم بها من شاء من خلقه، فينقذه به من الضلالة إلى الهدى، وينجيه به من الهلاك والردى. وجعله تبارك وتعالى رحمة للمؤمنين به دون الكافرين به، لأن من كفر به فهو عليه عمى، وفي الآخرة جزاؤه على الكفر به الخلود في لَظَى.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 58, "aya_end": 58, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=58&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: { قُلْ } يا محمد لهؤلاء المشركين بك وبما أنزل إليك من عند ربك: { بِفَضْلِ اللَّهِ } أيها الناس الذي تفضل به عليكم، وهو الإسلام، فبينه لكم ودعاكم إليه، { وَبِرَحَمتِهِ } التي رحمكم بها، فأنزلها إليكم، فعلمكم ما لم تكونوا تعلمون من كتابه، وبَصَّركم بها معالم دينكم وذلك القرآن. { فَبِذلكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } يقول: فإن الإسلام الذي دعاهم إليه والقرآن الذي أنزله عليهم، خير مما يجمعون من حطام الدنيا وأموالها وكنوزها. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ بن الحسن الأزدي، قال: ثنا أبو معاوية، عن الحجاج، عن عطية، عن أبي سعيد الخدريّ، في قوله: { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَبِذَلكَ فَلْيَفْرَحُوا } قال: بفضل الله القرآن وبرحمته أن جعلكم من أهله. حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي، قال: ثنا فضيل، عن منصور، عن هلال بن يساف: { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلكَ فَلْيَفْرَحُوا } قال: بالإسلام الذي هداكم، وبالقرآن الذي علمكم. حدثنا أبو هشام الرفاعي، قال: ثنا ابن يمان، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن هلال بن يساف: { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ } قال: بالإسلام والقرآن: { فَبِذَلكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعون } من الذهب والفضة. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن هلال بن يساف، في قوله: { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ } قال: فضل الله: الإسلام، ورحمته: القرآن. حدثني عليّ بن سهل، قال: ثنا زيد، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن هلال بن يساف، في قوله: { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحَمتِهِ } قال: الإسلام والقرآن. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو نعيم وقبيصة، قالا: ثنا سفيان، عن منصور، عن هلال بن يساف مثله. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن هلال، مثله. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلكَ فَلْيَفْرَحُوا } أما فضله: فالإسلام، وأما رحمته: فالقرآن. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن: { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحَمتِهِ } قال: فضله: الإسلام، ورحمته: القرآن. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحَمتِهِ } قال: القرآن. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: { وَبِرَحْمَتِهِ } قال: القرآن. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس، قوله: { هَوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } قال: الأموال وغيرها. حدثنا عليّ بن داود، قال: ثني أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس: { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحَمتِهِ } يقول: فضله: الإسلام، ورحمته: القرآن. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن هلال: { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلكَ فَلْيَفْرَحُوا } قال: بكتاب الله وبالإسلام. { هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعونَ }. وقال آخرون: بل الفضل: القرآن، والرحمة: الإسلام. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعونَ } قال: بفضل الله: القرآن، وبرحمته: حين جعلهم من أهل القرآن. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا جعفر بن عون، قال: ثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، قال: فضل الله: القرآن، ورحمته: الإسلام. حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك، قوله: { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحَمتِهِ } قال: بفضل الله: القرآن، وبرحمته، الإسلام. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحَمتِهِ فَبِذَلكَ فَلْيَفْرَحُوا } قال: كان أبي يقول: فضله: القرآن، ورحمته: الإسلام. واختلفت القراء في قراءة قوله: { فَبِذَلكَ فَلْيَفْرَحُوا }. فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار: { فَلْيَفْرَحُوا } بالياء، { هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } بالياء أيضاً على التأويل الذي تأوّلناه من أنه خبر عن أهل الشرك بالله. يقول: فبالإسلام والقرآن الذي دعاهم إليه فليفرح هؤلاء المشركون، لا بالمال الذي يجمعون، فإن الإسلام والقرآن خير من المال الذي يجمعون. وكذلك: حُدثت عن عبد الوهاب بن عطاء، عن هارون، عن أبي التياح: { فَبِذَلكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعونَ } يعني الكفار. ورُوي عن أبيّ بن كعب في ذلك ما: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن أسلم المنقري، عن عبد الله بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزي، عن أبيه، عن أبيّ بن كعب أنه كان يقرأ: «فَبِذَلكَ فَلْتَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعونَ» بالتاء. حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم عن الأجلح، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزي، عن أبيه، عن أبيّ بن كعب مثل ذلك. وكذلك كان الحسن البصري يقول غير أنه فيما ذكر عنه كان يقرأ قوله: { هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } بالياء الأوّل على وجه الخطاب، والثاني على وجه الخبر عن غائب. وكان أبو جعفر القارىء فيما ذكر عنه يقرأ ذلك نحو قراءة أبيّ بالتاء جميعا. قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك ما عليه قرّاء الأمصار من قراءة الحرفين جميعا بالياء: { فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعونَ } لمعنيين: أحدهما: إجماع الحجة من القرّاء عليه، والثاني: صحته في العربية. وذلك أن العرب لا تكاد تأمر المخاطب باللام والتاء، وإنما تأمره فتقول: افعل ولا تفعل. وبعد: فإني لا أعلم أحدا من أهل العربية إلا وهو يستردىء أمر المخاطب باللام، ويرى أنها لغة مرغوب عنها غير الفراء، فإنه كان يزعم أن اللام في ذي التاء الذي خلق له واجهتَ به أم لم تواجِهْ، إلا أن العرب حذفت اللام من فعل المأمور المواجه لكثرة الأمر خاصة في كلامهم، كما حذفوا التاء من الفعل. قال: وأنت تعلم أن الجازم والناصب لا يقعان إلا على الفعل الذي أوله الياء والتاء والنون والألف، فلما حذفت التاء ذهبت اللام وأحدثت الألف في قولك: اضرب وافرح، لأن الفاء ساكنة، فلم يستقم أن يستأنف بحرف ساكن، فأدخلوا ألفا خفيفة يقع بها الابتداء، كما قال: ادّاركوا واثَّاقَلْتُمْ. وهذا الذي اعتلّ به الفراء عليه لا له وذلك أن العرب إن كانت قد حذفت اللام في المواجه وتركتها، فليس لغيرها إذا نطق بكلامها أن يدخل فيها ما ليس منه ما دام متكلما بلغتها، فإن فعل ذلك كان خارجا عن لغتها، وكلام الله الذي أنزله على محمد بلسانها، فليس لأحد أن يتلوه إلا بالأفصح من كلامها، وإن كان معروفاً بعض ذلك من لغة بعضها، فكيف بما ليس بمعروف من لغة حيّ ولا قبيلة منها؟ وإنما هو دعوى لا ثبَت بها ولا حجة.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 59, "aya_end": 59, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=59&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: { قُلْ } يا محمد لهؤلاء المشركين: { أرَأيْتُمْ } أيها الناس { ما أنْزَلَ الله لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ } يقول: ما خلق الله لكم من الرزق فخوّلكموه، وذلك ما تتغذّون به من الأطعمة { فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً } يقول: فحللتم بعض ذلك لأنفسكم، وحرّمتم بعضه عليها وذلك كتحريمهم ما كانوا يحرّمونه من حروثهم التي كانوا يجعلونها لأوثانهم، كما وصفهم الله به فقال: وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الحَرْثِ والأنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكائِنا ومن الأنعام ما كانوا يحرّمونه بالتبحير والتسيبب ونحو ذلك، مما قدمناه فيما مضى من كتابنا هذا. يقول الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد { آللَّهُ أذِنَ لَكُمْ } بأن تحرّموا ما حرّمتم منه { أمْ على اللَّهِ تَفْتَرونَ }: أي تقولون الباطل وتكذبون؟ وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قال: إن أهل الجاهلية كانوا يحرِّمون أشياء أحلها الله من الثياب وغيرها، وهو قول الله: قُلْ أرأيْتُمْ ما أنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً وهو هذا، فأنزل الله تعالى: { قُلْ مَنْ حَرَّم زِينَةَ اللَّهِ التي أخْرَجَ لِعِبادِهِ.... } الآية. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { قُلْ أرأيْتُمْ ما أنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ... } إلى قوله: { أمْ على اللَّهِ تَفْتَرُونَ } قال: هم أهل الشرك. حدثني القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس، قوله: { فجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامَاً وَحَلالاً } قال: الحرث والأنعام. قال ابن جريج: قال مجاهد: البحائر والسيب. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { فجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامَاً وَحَلالاً } قال: في البحيرة والسائبة. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { قُلْ أرأيْتُمْ ما أنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامَاً وَحَلالاً... } الآية، يقول: كلّ رزق لم أحرّم حرّمتموه على أنفسكم من نسائكم وأموالكم وأولادكم { آللَّهُ أذِنَ لَكُمْ } فيما حرّمتم من ذلك { أَمْ عَلىَ الله تَفْتَرُونَ }؟ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { قُلْ أرأيْتُمْ ما أنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامَاً وَحَلالاً }. فقرأ حتى بلغ: { أمْ على اللَّهِ تَفْتَرُونَ }. وقرأ وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هَذِهِ الأنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا ومُحَرَّمٌ على أزْوَاجِنا وقرأ: وَقالُوا هَذِه أنْعامٌ وحَرْثُ حِجْرٌ
{ "aya": [ { "start": 401, "end": 524 }, { "start": 992, "end": 1083 }, { "start": 2282, "end": 2369 }, { "start": 2376, "end": 2413 } ], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 6, "aya_end": 6, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=6&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره منبها عباده على موضع الدلالة على ربوبيته وأنه خالق كلّ ما دونه. إن في اعتقاب الليل والنهار واعتقاب النهار الليل. إذا ذهب هذا جاء هذا وإذا جاء هذا ذهب هذا، وفيما خلق الله في السماوات من الشمس والقمر والنجوم وفي الأرض من عجائب الخلق الدالة على أن لها صانعا ليس كمثله شيء، { لآيَاتٍ } يقول لأدلة وحججاً وأعلاماً واضحة لقوم يتقون الله، فيخافون وعيده ويخشون عقابه على إخلاص العبادة لربهم. فإن قال قائل: أو لا دلالة فيما خلق الله فِي السماوات والأرض على صانعه إلا لمن اتقى الله؟ قيل: في ذلك الدلالة الواضحة على صانعه لكلّ من صحت فطرته، وبريء من العاهات قلبه، ولم يقصد بذلك الخبر عن أن فيه الدلالة لمن كان قد أشعر نفسه تقوى الله، وإنما معناه: إن في ذلك لآيات لمن اتقى عقاب الله فلم يحمله هواه على خلاف ما وضح له من الحقّ، لأن ذلك يدلّ كلّ ذي فطرة صحيحة على أن له مدبرا يستحقّ عليه الإذعان له بالعبودة دون ما سواه من الآلهة والأنداد.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 60, "aya_end": 60, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=60&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: وما ظنّ هؤلاء الذين يتخرّصون على الله الكذب فَيُضيفون إليه تحريم ما لم يحرّمه عليهم من الأرزاق والأقوات التي جعلها الله لهم غذاء، أن الله فاعل بهم يوم القيامة بكذبهم وفِرْيتهم عليه، أيحسبون أنه يصفح عنهم ويغفر؟ كلا بل يصليهم سعيراً خالدين فيها أبداً. { إنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ على النَّاس } يقول: إن الله لذو تفضل على خلقه بتركه معاجلة من افترى عليه الكذب بالعقوبة في الدنيا وإمهاله إياه إلى وروده عليه في القيامة. { وَلَكِنَّ أكَثرهُم لا يَشْكُرُونَ } يقول: ولكن أكثر الناس لا يشكرونه على تفضله عليهم بذلك وبغيره من سائر نعمه.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 61, "aya_end": 61, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=61&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: { وَما تَكُونُ } يا محمد { فِي شأْنِ } يعني في عمل من الأعمال، { وَما تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرآن } يقول: وما تقرأ من كتاب الله من قرآن، { وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ } يقول: ولا تعملون من عمل أيها الناس من خير أو شرّ { إلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً } يقول: إلا ونحن شهود لأعمالكم وشؤونكم إذ تعملونها وتأخذون فيها. وبنحو الذي قلنا في ذلك رُوي القول عن ابن عباس وجماعة. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { إذْ تُفِيضُونَ فِيهِ } يقول: إذ تفعلون. وقال آخرون: معنى ذلك: إذ تشيعون في القرآن الكذب ذكر من قال ذلك: حُدثت عن المسيب بن شريك، عن أبي روق، عن الضحاك: { إذْ تُفِيضُونَ فِيهِ } يقول: فتشيعون في القرآن من الكذب. وقال آخرون: معنى ذلك: إذ تفيضون في الحقّ. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن أبي نجيح، عن مجاهد: { إذْ تُفِيضُونَ فِيهِ } في الحقّ ما كان. قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. وإنما اخترنا القول الذي اخترناه فيه، لأنه تعالى ذكره أخبر أنه لا يعمل عبادُه عملاً إلا كان شاهده، ثم وصل ذلك بقوله: { إذْ يُفِيضُونَ فِيهِ } فكان معلوماً أن قوله: { إذْ تُفِيضُونَ فِيهِ } إنما هو خبر منه عن وقت عمل العاملين أنه له شاهد لا عن وقت تلاوة النبيّ صلى الله عليه وسلم القرآن لأن ذلك لو كان خبراً عن شهوده تعالى ذكره وقت إفاضة القوم في القرآن، لكانت القراءة بالياء: { إذْ تُفِيضُونَ فِيهِ } خبراً منه عن المكذّبين فيه. فإن قال قائل: ليس ذلك خبراً عن المكذّبين، ولكن خطاب للنبيّ صلى الله عليه وسلم أنه شاهده إذ تلا القرآن فإن ذلك لو كان كذلك لكان التنزيل: «إذ تفيض فيه»، لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم واحد لا جمع، كما قال: { وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرآنٍ } فأفرده بالخطاب، ولكن ذلك في ابتدائه خطابه صلى الله عليه وسلم بالإفراد ثم عوده إلى إخراج الخطاب على الجمع نظير قوله: يا أيُّها النَّبِيّ إذَا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ وذلك أن في قوله: إذَا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ دليلاً واضحاً على صرفه الخطاب إلى جماعة المسلمين مع النبيّ صلى الله عليه وسلم مع جماعة الناس غيره لأنه ابتدأ خطابه ثم صرف الخطاب إلى جماعة الناس، والنبيّ صلى الله عليه وسلم فيهم، وخبر عن أنه لا يعمل أحد من عباده عملاً إلا وهو له شاهد يحصى عليه ويعلمه، كما قال: { وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ } يا محمد عمل خلقه، ولا يذهب عليه علم شيء حيث كان من أرض أو سماء. وأصله من عزوب الرجل عن أهله في ماشيته، وذلك غيبته عنهم فيها، يقال منه: عزب الرجل عن أهله يَعْزُبُ وَيعْزِبُ لغتان فصيحتان، قرأ بكل واحدة منهما جماعة من القرّاء. وبأيتهما قرأ القارىء فمصيب، لاتفاق معنييهما واستفاضتهما في منطق العرب غير أني أميل إلى الضمّ فيه لأنه أغلب على المشهورين من القرّاء. وقوله: { مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ } يعني: من زنة نملة صغيرة، يحكى عن العرب: خذ هذا فإنه أخفّ مثقالاً من ذاك أي أخفّ وزنا. والذرّة واحدة الذرّ، والذرّ: صغار النمل. وذلك خبر عن أنه لا يخفى عليه جلّ جلاله أصغر الأشياء، وإن خفّ في الوزن كلّ الخفة، ومقادير ذلك ومبلغه، ولا أكبرها وإن عظم وثقل وزنه، وكم مبلغ ذلك. يقول تعالى ذكره لخلقه: فليكن عملكم أيها الناس فيما يرضى ربكم عنكم، فإنا شهود لأعمالكم، لا يخفى علينا شيء منها، ونحن محصوها ومجازوكم بها. واختلفت القرّاء في قراءة قوله: { وَلا أصْغَرَ مِنَ ذلكَ وَلا أكْبَرَ } فقرأ ذلك عامَّة القرّاء بفتح الراء من «أصغر» و«أكبر» على أن معناها الخفض، عطفاً بالأصغر على الذرّة وبالأكبر على الأصغر، ثم فتحت راؤهما لأنهما لا يجريان. وقرأ ذلك بعض الكوفيين: «وَلا أصْغَرُ مِنْ ذلكَ وَلا أكْبَرُ» رفعاً، عطفا بذلك على معنى المثقال لأن معناه الرفع. وذلك أن «مِنْ» لو أُلقيت من الكلام لرفع المثقال، وكان الكلام حينئذ: وَما يَعْزُبُ عن ربك مثقال ذرّة ولا أصغر من مثقال ذرّة ولا أكبر، وذلك نحو قوله: منْ خَالِقٍ غَيرُ اللَّهِ و«غيرِ الله». وأولى القراءتين في ذلك بالصواب قراءة من قرأ بالفتح على وجه الخفض والردّ على الذرّة لأن ذلك قراءة قرّاء الأمصار وعليه عوامّ القرّاء، وهو أصحّ في العربية مخرجا وإن كان للأخرى وجه معروف. وقوله: { إلاَّ فِي كِتابٍ } يقول: وما ذاك كله إلا في كتاب عند الله مبين عن حقيقة خبر الله لمن نظر فيه أنه لا شيء كان أو يكون إلا وقد أحصاه الله جلّ ثناؤه فيه، وأنه لا يعزب عن الله علم شيء من خلقه حيث كان من سمائه وأرضه. حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { وَما يَعْزُبُ } يقول: لا يغيب عنه. حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا عبد الله، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد، عن ابن عباس: { وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ } قال: ما يغيب عنه.
{ "aya": [ { "start": 1841, "end": 1887 }, { "start": 1905, "end": 1931 }, { "start": 3508, "end": 3533 } ], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 62, "aya_end": 62, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=62&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: ألا إن أنصار الله لا خوف عليهم في الآخرة من عقاب الله لأن الله رضي عنهم فآمنهم من عقابه، وَلا هم يحزنون على ما فاتهم من الدنيا. والأولياء جمع وليّ، وهو النصير. وقد بيَّنا ذلك بشواهده. واختلف أهل التأويل فيمن يستحقّ هذا الاسم، فقال بعضهم: هم قوم يُذكر الله لرؤيتهم لما عليهم من سيما الخير والإخبات. ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كريب وابن وكيع، قالا: ثنا ابن يمان، قال: ثنا ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم، وسعيد بن جبير، عن ابن عباس: { ألا إنَّ أوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ } قال: الذين يذكر الله لرؤيتهم. حدثنا أبو كريب وأبو هشام قالا: ثنا ابن يمان، عن أشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، مثله. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن العلاء بن المسيب، عن أبي الضحى، مثله. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا جرير، عن العلاء بن المسيب، عن أبيه: { ألا إنَّ أوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ } قال: الذين يذكر الله لرؤيتهم. قال: ثنا ابن مهدي وعبيد الله، عن سفيان، عن العلاء بن المسيب، عن أبي الضحى، قال: سمعته يقول في هذه الآية: { ألا إنَّ أوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ } قال: من الناس مفاتيح أذا رُؤوا ذكر الله لرؤيتهم. قال: ثنا أبي، عن مسعر، عن سهل بن الأسد، عن سعيد بن جبير، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولياء الله، فقال " الَّذِينَ إذا رُؤُوا ذُكِرَ اللَّهُ " قال: ثنا زيد بن حباب، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي وائل، عن عبد الله: { ألا إنَّ أوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ } قال: الذين إذا رُؤُوا ذكر الله لرؤيتهم. قال: ثنا أبو يزيد الرازي، عن يعقوب، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال " هُمُ الَّذِينَ إذا رُؤُوا ذُكِرَ اللَّهُ " حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا فرات، عن أبي سعد، عن سعيد بن جبير، قال: سئل النبيّ صلى الله عليه وسلم عن أولياء الله، قال: " هُمُ الَّذِينَ إذا رُؤُوا ذُكِرَ اللَّهُ " ». قال: ثنا الحسين، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا العوّام، عن عبد الله بن أبي الهذيل في قوله: { ألا إنَّ أوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ... } الآية، قال: إن وليّ الله إذا رُؤي ذكر الله. وقال آخرون في ذلك بما: حدثنا أبو هاشم الرفاعي، قال: ثنا ابو فضيل، قال: ثنا أبي عن عمارة بن القعقاع الضبي، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير البجلي، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ مِنْ عِبادِ اللَّهِ عِباداً يَغْبِطُهُمُ الأنْبِياءُ والشهَدَاءُ ". قيل: من هم يا رسول الله، فلعلنا نحبهُّم؟ قال: " هُمْ قَوْمٌ تَحابُّوا في اللَّهِ مِنْ غيرِ أمْوَالٍ وَلا أنْسابٍ، وُجُوهُهُمْ مِنْ نُور، على مَنابِرَ مِنْ نُور، لا يَخافُونَ إذَا خافَ النَّاسُ، وَلا يَحْزَنُونَ إذَا حَزَنَ النَّاس " وقرأ: ألا إنَّ أوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن عمارة، عن أبي زرعة، عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ مِنْ عِبادِ اللَّهِ لاَناسا ما هُمْ بأَنْبِياءَ وَلا شُهَدَاءَ، يغَبْطِهِمُ الأَنْبِياءُ والشُّهَدَاءُ يَوْمَ القِيامَةِ بِمَكانِهِمْ مِنَ اللَّهِ ". قالوا: يا رسول الله أخبرنا من هم، وما أعمالهم، فإنا نحبهم لذلك؟ قال: " هُمْ قَوْمٌ تَحابُّوا فِي اللَّهِ بِرُوحِ اللَّهِ على غيرِ أرْحامِ بَيْنَهُمْ وَلا أمْوَال يَتَعاطُوَنها، فَوَاللَّهِ إنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ، وإنَّهُمْ لَعَلى نُور، لا يَخافونَ إذَا خافَ النَّاسُ وَلا يَحْزَنُونَ إذَا حَزَنَ النَّاسُ ". وقرأ هذه الآية: { ألا إنَّ أوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ }. حدثنا بحر بن نصر الخولاني، قال: ثنا يحيى بن حسان، قال: ثنا عبد الحميد بن بهرام، قال: ثنا شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن أبي مالك الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يَأْتِي مِنْ أفناءِ النَّاسِ ونَوَازِعِ القَبائِلِ قَوْمٌ لَمْ يَتَّصِلْ بَيْنَهُمْ أرْحامٌ مُتَقارِبَةٌ، تَحابُّوا فِي اللَّهِ وَتَصَافَوْا فِي اللَّهِ يَضَعُ اللَّهُ لَهُمْ يَومَ القِيامَةِ مَنابِرَ مِنْ نُورٍ فَيُجْلِسُهُمْ عَلَيْها، يَفْزَعُ النَّاسُ فَلا يَفْزَعُونَ، وَهُمْ أوْلِياءُ اللَّهِ الَّذِينَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ". والصواب من القول في ذلك أن يقال: الوليّ، أعني وليّ الله، هو من كان بالصفة التي وصفه الله بها، وهو الذي آمن واتقى، كما قال الله: الَّذِينَ آمَنُوا وكانُوا يَتَّقُونَ وبنحو الذي قلنا في ذلك، كان ابن زيد يقول: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { ألا إنَّ أوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ } من هم يا ربّ؟ قال: { الَّذِينَ آمَنُوا وكانُوا يَتَّقُونَ } قال: أبى أن يتقبل الإيمان إلا بالتقوى.
{ "aya": [ { "start": 3964, "end": 4000 } ], "hadith": [ { "start": 1286, "end": 1325 }, { "start": 1614, "end": 1658 }, { "start": 1790, "end": 1834 }, { "start": 2242, "end": 2316 }, { "start": 2363, "end": 2549 }, { "start": 2738, "end": 2894 }, { "start": 2964, "end": 3204 }, { "start": 3480, "end": 3835 } ], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 63, "aya_end": 63, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=63&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: الذين صدّقوا الله ورسوله، وما جاء به من عند الله، وكانوا يتقون الله بأداء فرائضه واجتناب معاصيه. وقوله: { الَّذِينَ آمَنُوا } من نعت الأولياء. ومعنى الكلام: ألا إن أولياء الله الذين آمنوا وكانوا يتقون، لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. فإن قال قائل: فإذ كان معنى الكلام ما ذكرت عندك أفي موضع رفع «الذين آمنوا» أم في موضع نصب؟ قيل: في موضع رفع، وإنما كان كذلك وإن كان من نعت الأولياء لمجيئه بعد خبر الأولياء، والعرب كذلك تفعل خاصة في «إنّ»، إذا جاء نعت الاسم الذي عملت فيه بعد تمام خبره رفعوه، فقالوا: إنّ أخاك قائم الظريف، كما قال الله: قُلْ إنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بالحَقّ عَلاَّمُ الغُيُوبِ وكما قال: إنَّ ذلكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أهْلِ النَّارِ وقد اختلف أهل العربية في العلة التي من أجلها قيل ذلك كذلك، مع أن إجماع جميعهم على أن ما قلناه هو الصحيح من كلام العرب وليس هذا من مواضع الإبانة عن العلل التي من أجلها قيل ذلك كذلك.
{ "aya": [ { "start": 548, "end": 600 }, { "start": 611, "end": 652 } ], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 64, "aya_end": 64, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=64&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: البشرى من الله في الحياة الدنيا وفي الآخرة لأولياء الله الذين آمنوا وكانوا يتقون. ثم اختلف أهل التأويل في البشرى التي بشَّر الله بها هؤلاء القوم ما هي، وما صفتها؟ فقال بعضهم: هي الرؤية الصالحة يراها الرجل المسلم أو ترى له، وفي الآخرة الجنة. ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن شعبة، عن سليمان، عن ذكوان، عن شيخ، عن أبي الدرداء، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا وفِي الآخِرَةِ } قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: " الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ يَرَاها المُؤْمِنُ أوْ تُرَى لَهُ " حدثنا العباس بن الوليد، قال: أخبرني أبي، قال: أخبرنا الأوزاعي، قال: أخبرني يحيى بن أبي كثير، قال: ثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، قال: سأل عبادة بن الصامت رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن هذه الآية: { الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ لهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنيَا وفِي الآخِرَةِ } فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لَقَدْ سأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ ما سأَلَنِي عَنْهُ أحَدٌ قَبْلَكَ " أو قال: " غْيَركَ ". قال: " هِيَ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ يَرَاها الرَّجُلُ الصَّالِحُ، أوْ تُرَى لَهُ " حدثنا المثنى، قال: ثنا أبو داود عمن ذكره، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن، عن عبادة بن الصامت، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن قول الله تعالى: { الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ. لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنيَا وفِي الآخِرَةِ } فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هِيَ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ يَرَاها المُسْلِمُ أوْ تُرَى لَهُ " حدثنا أبو قلابة، قال: ثنا مسلم، قال: ثنا أبان، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عبادة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، نحوه. حدثنا ابن المثنى وأبو عثمان بن عمر، قالا: ثنا عليّ بن يحيى، عن أبي سلمة، قال: نبئت أن عبادة بن الصامت سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنيَا وفِي الآخِرَةِ } فقال: " سألْتَنِي عَنْ شَيْءٍ ما سأَلَنِي عَنْهُ أحَدٌ قَبْلَكَ هِيَ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ يَرَاها الرَّجُلُ أوْ تُرَى لَهُ " حدثني أبو السائب، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن عطاء بن يسار، عن رجل من أهل مصر، عن أبي الدرداء: { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا وفِي الآخِرَةِ } قال: سأل رجل أبا الدرداء عن هذه الآية، فقال: لقد سألتني عن شيء ما سمعت أحدا سأل عنه بعد رجل سأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " هِيَ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ يَرَاها الرَّجُلُ المُسْلِمُ أوْ تُرَى لَهُ، بُشْرَاهُ فِي الحَياةِ الدُّنْيا، وبُشْرَاهُ فِي الآخِرَةِ الجَنَّةُ " حدثني سعيد بن عمرو السكوني، قال: ثنا عثمان بن سعيد، عن سفيان، عن ابن المنكدر، عن عطاء بن يسار، عن رجل من أهل مصر، قال: سألت أبا الدرداء عن هذه الآية: { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا وفِي الآخِرَةِ } فقال: ما سألني عنها أحد منذ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم غيرك، إلا رجلاً واحداً سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " ما سأَلَنِي عَنْها أحَدٌ مُنْذُ أنْزَلَها اللَّهُ غيرَكَ إلاَّ رَجُلاً وَاحِداً، هِيَ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ يَرَاها المُسْلِمُ أوْ تُرَى لَهُ " حدثنا عمرو بن عبد الحميد، قال: ثنا سفيان، عن ابن المنكدر، سمع عطاء بن يسار، يخبر عن رجل من أهل مصر، أنه سأل أبا الدرداء عن: { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا وفِي الآخِرَةِ } ثم ذكر نحو حديث سعيد بن عمرو السكوني، عن عثمان بن سعيد. حدثني أبو حميد الحمصي أحمد بن المغيرة، قال: ثني يحيى بن سعيد، قال: ثنا عمر بن عمرو بن عبد الأخموشي، عن حميد بن عبد الله المزني، قال: أتى رجل عبادة بن الصامت، فقال: آية في كتاب الله أسألك عنها، قول الله تعالى: { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا وفِي الآخِرَةِ }؟ فقال عبادة: ما سألني عنها أحد قبلك، سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مثل ذلك: " ما سأَلَنِي عَنْها أحَدٌ قَبْلَكَ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ يَرَاها العَبْدُ المُؤْمِنُ فِي المَنامِ أوْ تُرَى لَهُ " حدثنا أبو كريب، قال: ثنا أبو بكر، قال: ثنا هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الرُّؤْيا الحَسَنَةُ هِيَ البُشْرَى يَرَاها المُسْلِمُ، أو تُرَى لَهُ ". قال: ثنا أبو بكر، عن أبي حصين، عن أبي صالح، قال: قال أبو هريرة: الرؤيا الحسنة بشرى من الله، وهي المبشرات. حدثنا محمد بن حاتم المؤدّب، قال: ثنا عمار بن محمد، قال: ثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا }: " الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ يَرَاها العَبْدُ الصَّالِحُ أوْ تُرَى لَهُ، وَهِيَ فِي الآخِرَةِ الجَنَّةُ " حدثنا أبو كريب، قال: ثنا محمد بن يزيد، قال: ثنا رشدين بن سعد، عن عمرو بن الحرث، عن أبي الشيخ، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا }: " الرُّوْيا الصَّالِحَةُ يُبَشَّرُ بِها العَبْدُ جُزْءٌ مِنْ تِسْعَةٍ وأرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ " حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا موسى بن عبيدة، عن أيوب بن خالد بن صفوان، عن عبادة بن الصامت، أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا وفِي الآخِرَةِ } فقد عرفنا بشرى الآخرة، فما بشرى الدنيا؟ قال: " الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ يَرَاها العَبْدُ أوْ تُرَى لَهُ، وَهِيَ جُزْءٌ مِنْ أرْبَعَةٍ وأرْبَعِينَ جُزْءًا، أوْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ " حدثنا عليّ بن سهل، قال: ثنا الوليد بن مسلم، قال: ثنا أبو عمرو، قال: ثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عبادة بن الصامت، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا } فقال: " لَقَدْ سأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ ما سألَنِي عَنْهُ أحَدٌ مِنْ أُمَّتِي قَبْلَكَ هِيَ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ يَرَاها المُسْلِمُ أوْ تُرَى لَهُ، وفِي الآخِرَةِ الجَنَّةُ " حدثنا أحمد بن حماد الدولابي، قال: ثنا سفيان، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن أبيه، عن سباع بن ثابت، عن أم كرز الكعبية، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ذَهَبَتِ النُّبُوَّةُ وَبَقِيَتِ المُبَشِّرَاتُ " حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن الأعمش، عن ذكوان، عن رجل، عن أبي الدرداء، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، في قوله: { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا } قال: " الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ يَرَاها المُسْلِمُ أوْ تُرَى لَهُ، وفِي الآخِرَةِ الجَنَّةُ ". حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن عطاء بن يسار، عن رجل كان بمصر، قال: سألت أبا الدرداء عن هذه الآية: { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا وفِي الآخِرَةِ } فقال أبو الدرداء: ما سألني عنها أحد منذ سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: " ما سألَنِي عَنْها أحَدٌ قَبْلَكَ هِيَ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ يَرَاها المُسْلِمُ أوْ تُرَى لَهُ، وفي الآخِرَةِ الجَنَّةُ " قال: ثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي الدرداء، قال: سألت النبيّ صلى الله عليه وسلم عن قوله: { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا وفِي الآخِرَةِ } قال: " ما سألَنِي عَنْها أحَدٌ غيرُكَ هِيَ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ يَرَاها المْسْلِمُ أوْ تُرَى لَهُ " قال: ثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن عطاء بن يسار، عن أبي الدرداء في قوله: { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا وفِي الآخِرَةِ } قال: سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " ما سألَنِي عَنْها أحَدٌ قَبْلَكَ هِيَ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ يَرَاها العَبْدُ أوْ تُرَى لَهُ، وفِي الآخِرَةِ الجَنَّةُ " قال: ثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح، قال ابن عيينة ثم سمعته من عبد العزيز، عن أبي صالح السمان، عن عطاء بن يسار، عن رجل من أهل مصر، قال: سألت أبا الدرداء عن هذه الآية: { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا } قال: ما سألني عنها أحد منذ سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " ما سأَلَنِي عَنْها أحَدٌ مُنْذُ أنْزِلَتْ عَليَّ إلاَّ رَجُلٌ وَاحِدٌ هِيَ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ يَرَاها الرَّجُلُ أوْ تُرَى لَهُ " قال: ثنا عبد الله بكر السهمي، عن حاتم بن أبي صغيرة، عن عمرو بن دينار: أنه سأل رجلاً من أهل مصر فقيها قدم عليهم في بعض تلك المواسم، قال: قلت: ألا تخبرني عن قول الله تعالى: { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا }؟ قال: سألت عنها أبا الدرداء، فأخبرني أنه سأل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " هِيَ الرُّؤْيا الحَسَنَة يَرَاها العَبْد أوْ تُرَى لَهُ ". قال: ثنا أبي، عن عليّ بن مبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عبادة بن الصامت، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله تعالى: { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا } قال: " هِيَ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ يَرَاها العَبْد أوْ تُرَى لَهُ ". حدثني المثنى، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم وأبو الوليد الطيالسي، قالا: ثنا أبان، قال: ثنا يحيى، عن أبي سلمة، عن عبادة بن الصامت، قال: قلت: يا رسول الله، قال الله تعالى: { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا وفِي الآخِرَةِ }؟ فقال: " لَقَدْ سألْتَنِي عَنْ شَيْءٍ ما سألَنِي عَنْهُ أحَدٌ قَبْلَكَ أوْ أحَدٌ مِنْ أُمَّتِي " قالَ: " هِيَ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ يَرَاها الرَّجُلُ الصَّالِحُ أوْ تُرَى لَهُ ". قال: ثنا الحجاج بن المنهال، قال: ثنا حماد بن زيد، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح، قال: سمعت أبا الدرداء، وسئل عن: { الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنيَا } قال: ما سألني عنها أحد قبلك منذ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، فقال: " ما سألَنِي عَنْها أحَدٌ قَبْلَكَ هِيَ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ يَرَاها العَبْدُ أوْ تُرَى لَهُ ". حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن نافع بن جبير، عن رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، في قوله: لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا قال: " هِيَ الرُّؤْيا الحَسَنَةُ يَرَاها الإنْسانُ أوْ تُرَى لَهُ " وقال: ابن جريج عن عمرو بن دينار، عن أبي الدرداء، أو ابن جريج عن محمد بن المنكدر، عن عطاء بن يسار، عن أبي الدرداء، قال: سألت النبيّ صلى الله عليه وسلم عنها، فقال: " هِيَ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ ". وقال ابن جريج، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: هي الرؤيا يراها الرجل. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، قال: هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عبدة، عن هشام بن عروة، عن أبيه: { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا } قال: هي الرؤيا الصالحة يراها العبد الصالح. قال: ثنا ابن فضيل، عن ليث، عن مجاهد، قال: هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له. قال: ثنا عبدة بن سليمان، عن طلحة القناد، عن جعفر بن أبي المُغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا } قال: هي الرؤيا الحسنة يراها العبد المسلم لنفسه أو لبعض إخوانه. قال: ثنا أبي، عن الأعمش، عن إبراهيم، قال: كانوا يقولون: الرؤيا من المبشرات. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن قيس بن سعد. أن رجلاً سأل النبيّ صلى الله عليه وسلم عنها، فقال: " ما سألَنِي عَنْها أحَدٌ مِنْ أمَّتِي مُنْذُ أنْزِلَتْ عَليَّ قَبْلَكَ ". " هِيَ الرُّؤْيا الصَّالِحَة يَرَاها الرَّجُل لِنَفْسِهِ أوْ تُرَى لَه " قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن العوّام، عن إبراهيم التيمي، أن ابن مسعود قال: ذهبت النبوّة، وبقيت المبشرات، قيل: وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو ترى له. قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا } فهو قوله لنبيه: وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ بأنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً قال: هي الرؤيا الحسنة يراها المؤمن أو ترى له. قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا محمد بن حرب، قال: ثنا ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد، عن عطاء، في قوله: { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا } قال: هي رؤيا الرجل المسلم يبشر بها في حياته. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، أن درّاجاً أبا السمح حدثه عن عبد الرحمن بن جبير، عن عبد الله بن عمرو، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قال: { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا }: " الرُّؤْيا الصَّالِحَة يُبَشَّر بِها المُؤمِنُ جُزْءاً مِنْ سِتَّةٍ وأرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّة ِ " حدثني يونس، قال: أخبرنا أنس بن عياض، عن هشام، عن أبيه في هذه الآية: { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا وفِي الآخِرَةِ } قال: هي الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو ترى له. حدثنا محمد بن عوف، قال: ثنا أبو المغيرة، قال: ثنا صفوان، قال: ثنا حميد بن عبد الله: أن رجلاً سأل عبادة بن الصامت عن قول الله تعالى: { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا وفِي الآخِرَةِ } فقال عبادة: لقد سألتني عن أمر ما سألني عنه أحد قبلك، ولقد سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عما سألتني فقال لي: " يا عُبادَةُ لَقَدْ سألْتَنِي عَنْ أمْرٍ ما سألَنِي عَنْهُ أحَدٌ مِنْ أُمَّتِي تِلْكَ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ يَرَاها المُؤْمِنُ لِنَفْسِهِ أوْ تُرَى لَهُ " وقال آخرون: هي بشارة يبشر بها المؤمن في الدنيا عند الموت. ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري وقتادة: { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا } قال: هي البشارة عند الموت في الحياة الدنيا. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يعلى، عن أبي بسطام، عن الضحاك: { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا } قال: يعلم أين هو قبل الموت. وأولى الأقوال في تأويل ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أن لأوليائه المتقين البشرى في الحياة الدنيا، ومن البشارة في الحياة الدنيا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تُرَى له منها بشرى الملائكة إياه عند خروج نفسه برحمة الله، كما رُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: " إنَّ المَلائِكَةَ التي تَحْضُرُه عِنْدَ خُرُوجِ نَفْسِهِ، تَقُولُ لَنْفْسِهِ: اخْرُجي إلى رَحْمَةِ اللَّهِ وَرِضْوَانِهِ " وَمنها: بشرى الله إياه ما وعده في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من الثواب الجزيل، كما قال جلّ ثناؤه: وبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحاتِ أنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِها الأنهارُ... الآية. وكلّ هذه المعاني من بشرى الله إياه في الحياة الدنيا بشره بها، ولم يخصص الله من ذلك معنى دون معنى، فذلك مما عمه جلّ ثناؤه أن { لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيا } وأما في الآخرة فالجنة. وأما قوله: { لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ } فإن معناه: إن الله لا خلف لوعده ولا تغيير لقوله عما قال ولكنه يمضي لخلقه مواعيده وينجزها لهم. وقد: حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية عن أيوب، عن نافع، قال: أطال الحجاج الخطبة، فوضع ابن عمر رأسه في حجري، فقال الحجاج: إن ابن الزبير بدّل كتاب الله فقعد ابن عمر فقال: لا تستطيع أنت ذاك ولا ابن الزبير { لا تَبْدْيِلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ }. فقال الحجاج: لقد أوتيت علما أن تفعل. قال أيوب: فلما أقبل عليه في خاصة نفسه سكت. وقوله: { ذلكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ } يقول تعالى ذكره: هذه البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة هي الفوز العظيم، يعني الظفر بالحاجة والطلبة والنجاة من النار.
{ "aya": [ { "start": 10356, "end": 10422 }, { "start": 12488, "end": 12592 } ], "hadith": [ { "start": 516, "end": 576 }, { "start": 903, "end": 970 }, { "start": 979, "end": 991 }, { "start": 997, "end": 1073 }, { "start": 1378, "end": 1443 }, { "start": 1784, "end": 1904 }, { "start": 2215, "end": 2360 }, { "start": 2701, "end": 2847 }, { "start": 3445, "end": 3561 }, { "start": 3678, "end": 3752 }, { "start": 4029, "end": 4130 }, { "start": 4361, "end": 4470 }, { "start": 4723, "end": 4872 }, { "start": 5097, "end": 5265 }, { "start": 5422, "end": 5473 }, { "start": 5675, "end": 5762 }, { "start": 6058, "end": 6181 }, { "start": 6355, "end": 6451 }, { "start": 6642, "end": 6764 }, { "start": 7086, "end": 7220 }, { "start": 7521, "end": 7581 }, { "start": 7789, "end": 7852 }, { "start": 8084, "end": 8173 }, { "start": 8180, "end": 8256 }, { "start": 8530, "end": 8627 }, { "start": 8827, "end": 8889 }, { "start": 9052, "end": 9084 }, { "start": 9900, "end": 9974 }, { "start": 9975, "end": 10047 }, { "start": 10871, "end": 10980 }, { "start": 11458, "end": 11614 }, { "start": 12251, "end": 12375 } ], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 65, "aya_end": 65, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=65&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لا يحزنك يا محمد قول هؤلاء المشركين في ربهم ما يقولون، وإشراكهم معه الأوثان والأصنام فإن العزّة لله جميعاً، يقول تعالى ذكره: فإن الله هو المنفرد بعزّة الدنيا والآخرة لا شريك له فيها، وهو المنتقم من هؤلاء المشركين القائلين فيه من القول الباطل ما يقولون، فلا ينصرهم عند انتقامه منهم أحد، لأنه لا يعازه شيء. { وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ } يقول: وهو ذو السمع لما يقولون من الفرية والكذب عليه، وذو علم بما يضمرونه في أنفسهم ويعلنونه، محصيّ ذلك عليهم كله، وهو لهم بالمرصاد. وكسرت «إن» من قوله: { إنَّ العِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً } لأن ذلك خبر من الله مبتدأ، ولم يعمل فيها القول، لأن القول عني به قول المشركين وقوله: { إنَّ العِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً } لم يكن من قيل المشركين، ولا هو خبر عنهم أنهم قالوه.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 66, "aya_end": 66, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=66&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: { ألا إنَّ لِلَّهِ } يا محمد كلّ { مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ } ملكاً وعبيداً لا مالك لشيء من ذلك سواه، يقول: فكيف يكون إلهاً معبوداً من يعبده هؤلاء المشركون من الأوثان والأصنام، وهي لله ملك، وإنما العبادة للمالك دون المملوك، وللربّ دون المربوب. { وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكاءَ } يقول جلّ ثناؤه: وأيّ شيء يتبع من يدعو من دون الله، يعني غير الله وسواه شركاء. ومعنى الكلام: أيّ شيء يتبع من يقول لله شركاء في سلطانه وملكه كاذباً، والله المنفرد بملك كلّ شيء في سماء كان أو أرض. { إنْ يَتَّبِعُونَ إلاَّ الظَّنّ } يقول: ما يتبعون في قيلهم ذلك ودعواهم إلا الظنّ، يقول: إلا الشكّ لا اليقين. { وَإنْ هُمْ إلاَّ يَخْرُصُونَ } يقول: وإن هم يتقوّلون الباطل تظنناً وتخرُّصاً للإفك عن غير علم منهم بما يقولون.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 67, "aya_end": 67, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=67&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: إن ربكم أيها الناس الذي استوجب عليكم العبادة { هُوَ } الربّ { الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ } وفصله من النهار، لِتَسْكُنُوا فِيهِ مما كنتم فيه في نهاركم من التعب والنصب، وتهدءوا فيه من التصرّف والحركة للمعاش والعناء الذي كنتم فيه بالنهار. { والنَّهارَ مُبْصِراً } يقول: وجعل النهار مبصرا، فأضاف الإبصار إلى النهار، وإنما يبصر فيه، وليس النهار مما يُبْصِر ولكن لمّا كان مفهوما في كلام العرب معناه، خاطبهم بما في لغتهم وكلامهم، وذلك كما قال جرير لَقَدْ لُمْتِنا يا أُمَّ غَيْلانَ فِي السُّرَى ونِمْتِ وَما لَيْلُ المَطِيّ بِنائِمِ فأضاف النوم إلى الليل ووصفه به، ومعناه نفسه أنه لم يكن نائماً فيه هو ولا بعيره. يقول تعالى ذكره: فهذا الذي يفعل ذلك هو ربكم الذي خلقكم وما تعبدون، لا ما لا ينفع ولا يضرّ ولا يفعل شيئاً. وقوله: { إنَّ فِي ذلكَ لآَياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } يقول تعالى ذكره: إن في اختلاف حال الليل والنهار وحال أهلهما فيهما دلالة وحججاً على أن الذي له العبادة خالصاً بغير شريك، هو الذي خلق اللَّيل والنهار وخالف بينهما، بأن جعل هذا للخلق سكناً وهذا لهم معاشاً، دون من لا يخلق ولا يفعل شيئاً ولا يضرّ ولا ينفع. وقال: { لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } لأن المراد منه: الذين يسمعون هذه الحجج ويتفكرون فيها فيعتبرون بها ويتعظون، ولم يرد به الذين يسمعون بآذانهم ثم يعرضون عن عبره وعظاته.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [ { "start": 463, "end": 509 }, { "start": 510, "end": 547 } ] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 68, "aya_end": 68, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=68&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: قال هؤلاء المشركون بالله من قومك يا محمد: اتخذ الله ولداً، وذلك قولهم: الملائكة بنات الله. يقول الله منزّها نفسه عما قالوا وافتروا عليه من ذلك: سبحان الله، تنزيهاً لله عما قالوا وادّعوا على ربهم. { هُوَ الغَنِيُّ } يقول: الله غنيّ عن خلقه جميعا، فلا حاجة به إلى ولد، لأن الولد إنما يطلبه من يطلبه ليكون عوناً له في حياته وذكراً له بعد وفاته، والله عن كلّ ذلك غنيّ، فلا حاجة به إلى معين يعينه على تدبيره ولا يبيد فيكون به حاجة إلى خلف بعده. { لَهُ ما فِي السَّمَوَاتِ وَما فِي الأرْضِ } يقول تعالى ذكره: لله ما في السماوات وما في الأرض ملكاً والملائكة عباده وملكه، فكيف يكون عبد الرجل وملكه له ولداً؟ يقول: أفلا تعقلون أيها القوم خطأ ما تقولون؟ { إنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهَذَا } يقول: ما عندكم أيها القوم بما تقولون وتدّعون من أن الملائكة بنات الله من حجة تحتجون بها، وهي السلطان. { أتَقُولُون على الله } قولاً لا تعلمون حقيقته وصحته، وتضيفون إليه ما لا يجوز إضافته إليه جهلاً منكم بغير حجة ولا برهان.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 69, "aya_end": 70, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=69&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: { قُلْ } يا محمد لهم { إنَّ الَّذِينَ يَفْتَرونَ على الله الكَذبَ } فيقولون عليه الباطل، ويدَّعون له ولداً { لا يُفْلحُونَ } يقول: لا يبقون في الدنيا، ولكن لهم { مَتاعٌ فِي الدُّنْيا } يُمتَّعون به، وبلاغ يتبلغون به إلى الأجل الذي كتب فناؤهم فيه. { ثمَّ إلَيْنا مَرْجِعُهُمْ } يقول: ثم إذا انقضى أجلهم الذي كتب لهم إلينا مصيرهم ومنقلبهم. { ثمَّ نُذِيقُهُم العَذَاب الشَّدِيد } وذلك إصلاؤهم جهنم { بِمَا كانُوا يَكْفُرونَ } بالله في الدنيا، فيكذّبون رسله ويجحدون آياته. ورفع قوله: { متاعٌ } بمضمر قبله إما «ذلك» وإما «هذا».
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 7, "aya_end": 8, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=7&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: إن الذين لا يخافون لقاءنا يوم القيامة، فهم لذلك مكذّبون بالثواب والعقاب، متنافسون في زين الدنيا وزخارفها، راضون بها عوضاً من الآخرة، مطمئنين إليها ساكنين. { وَالَّذِينَ هم } عن آيات الله، وهي أدلته على وحدانيته، وحججه على عباده في إخلاص العبادة له { غَافِلُونَ } معرضون عنها لاهون، لا يتأملونها تأمل ناصح لنفسه، فيعلموا بها حقيقة ما دلتهم عليه، ويعرفوا بها بطول ما هم عليه مقيمون. { أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ } يقول جلّ ثناؤه: هؤلاء الذين هذه صفتهم مأواهم مصيرها إلى النار نار جهنم في الآخرة. { بِمَا كَانُوا يَكْسِبونَ } في الدنيا من الآثام والأجرام ويجترحون من السيئات. والعرب تقول: «فلان لا يرجو فلاناً»: إذا كان لا يخافه. ومنه قول الله جلّ ثناؤه: ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً ومنه قول أبي ذؤيب: إذَا لَسَعَتْهُ النَّحْلُ لَمْ يَرْجُ لَسْعَها وخالَفَها فِي بَيْتِ نُوبٍ عَوَاسِلِ وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { واطْمَأنُّوا بِها } قال: هو مثل قوله: مَنْ كانَ يُرِيدُ الحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفّ إلَيْهِمْ أعْمالَهُمْ فِيها حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: { إنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بالحَياةِ الدُّنْيا واطْمأَنُّوا بِها } قال: هو مثل قوله: مَنْ كانَ يُرِيدُ الحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفُّ إلَيْهِمْ أعْمالَهُمْ فِيها حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { إنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بالحَياةِ الدُّنْيا واطْمأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ } قال: إذا شئت رأيت صاحب دنيا لها يفرح، ولها يحزن، ولها يسخط، ولها يرضى. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { إنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بالحَياةِ الدُّنْيا واطْمأَنُّوا بِها... } الآية كلها، قال: هؤلاء أهل الكفر. ثم قال: { أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كانُوا يَكْسِبُوَنَ }.
{ "aya": [ { "start": 673, "end": 711 }, { "start": 992, "end": 1075 }, { "start": 1266, "end": 1350 } ], "hadith": [], "verse": [ { "start": 731, "end": 777 }, { "start": 778, "end": 814 } ] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 71, "aya_end": 71, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=71&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: واتل على هؤلاء المشركين الذي قالوا: اتخذ الله ولداً من قومك نَبَأَ نُوحٍ يقول: خبر نوح، { إذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَقامي } يقول: إن كان عظم عليكم مقامي بين أظهركم وشقّ عليكم، { وَتَذْكِيرِي بآياتِ اللَّهِ } يقول: ووعظي إياكم بحجج الله، وتنبيهي إياكم على ذلك. { فَعَلى اللَّهِ تَوَكَّلْت } يقول: إن كان شقَّ عليكم مقامي بين أظهركم وتذكيري بآيات الله فعزمتم على قتلي أو طردي من بين أظهركم، فعلى الله اتكالي وبه ثقتي وهو سندي وظهري. { فأجْمِعُوا أمْرَكُمْ } يقول: فأعدّوا أمركم واعزموا على ما تقدمون عليه في أمري يقال منه: أجمعت على كذا، بمعنى: عزمت عليه، ومنه قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ لَمْ يُجْمِعْ على الصَّوْمِ مِنَ اللَّيْلِ فَلا صَوْمَ لَهُ " بمعنى: من لم يعزم، ومنه قول الشاعر: يا لَيْتَ شِعْرِي والمُنَى لا تَنْفَعُ هَلْ أغْدُوَنْ يَوْما وأمْرِي مُجْمَعُ ورُوي عن الأعرج في ذلك ما: حدثني بعض أصحابنا عن عبد الوهاب عن هارون، عن أسيد، عن الأعرج: { فَأجْمِعُوا أمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ } يقول: أحكموا أمركم وادعوا شركاؤكم. ونصب قوله: { وشُرَكَاءَكُمْ } بفعل مضمر له، وذلك: وادعوا شركاءكم، وعطف بالشركاء على قوله: أمْرَكُمْ على نحو قول الشاعر: ورأيْتُ زَوْجَكَ فِي الوَغَى مُتَقُلِّداً سَيْفا وَرُمْحا فالرمح لا يتقلد، ولكن لما كان فيما أظهر من الكلام دليل على ما حذف، فاكتفي بذكر ما ذكر منه مما حذف، فكذلك ذلك في قوله: { وَشُرَكاءَكُمْ }. واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته قراء الأمصار: وشَرَكاءَكُمْ نصبا، وقوله: فَأجْمِعُوا بهمز الألف وفتحها، من أجمعت أمري فأنا أجمعه إجماعاً. وذكر عن الحسن البصري أنه كان يقرؤه: { فأجمِعوا أمْرَكُمْ } بفتح الألف وهمزها «وَشُرَكاؤُكُمْ» بالرفع على معنى: وأجمعوا أمركم، وليجمع أمرهم أيضاً معكم شركاؤكم. والصواب من القول في ذلك قراءة من قرأ: { فَأجْمِعُوا أمْرَكُمُ وَشُرَكاءَكُمْ } بفتح الألف من «أجمعوا»، ونصب «الشركاء»، لأنها في المصحف بغير واو، ولإجماع الحجة على القراءة بها ورفض ما خالفها، ولا يعترض عليها بمن يجوز عليه الخطأ والسهو. وعني بالشركاء آلهتهم وأوثانهم. وقوله: { ثُمَّ لا يَكُنْ أمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّة } يقول: ثم لا يكن أمركم عليكم ملتبسا مشكلاً مبهما من قولهم: غُمَّ على الناس الهلال، وذلك إذا أشكل عليهم فلم يتبيَّنوه، ومنه قول رأية: بَلْ لَوْ شَهِدْتِ النَّاسَ إذْ تُكُمُّوا بِغُمَّةٍ لَوْ لَمْ تُفَرَّجْ غُمُّوا وقيل: إن ذلك من الغمّ، لأن الصدر يضيق به ولا يتبين صاحبه لأمره مصدرا يصدره يتفرج عنه ما بقلبه، ومنه قول خنساء: وذِي كُرْبَةٍ راخى ابنْ عَمْروٍ خِناقَهُ وغُمَّتَهُ عَنْ وَجُهِهِ فَتَجَلَّتِ وكان قتادة يقول في ذلك ما: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: { أمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةٌ } قالا: لا يكبر عليكم أمركم. وأما قوله: { ثُمَّ اقْضُوا إليَّ } فإن معناه: ثم امضوا إليّ ما في أنفسكم وافرغوا منه. كما: حدثني محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: { ثُمَّ اقْضُوا إليَّ وَلا تُنْظِرُونَ } قال: اقضوا إليّ ما كنتم قاضين. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: { ثُم اقْضُوا إليَّ وَلا تُنْظِرُونِ } قال: اقضوا إليّ ما في أنفسكم. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. واختلف أهل المعرفة بكلام العرب في معنى قوله: { ثُمَّ اقْضُوا إليَّ } فقال بعضهم: معناه: امضوا إليّ، كما يقال: قد قضى فلان، يراد: قد مات ومضى. وقال آخرون منهم: بل معناه: ثم افرغوا إليّ، وقالوا: القضاء: الفراغ، والقضاء من ذلك. قالوا: وكأن قضى دينه من ذلك إنما هو فرغ منه. وقد حُكي عن بعض القرّاء أنه قرأ ذلك: «ثُمَّ أفْضُوا إليّ» بمعنى: توجهوا إليّ حتى تصلوا إليّ، من قولهم: قد أفضى إليّ الوجع وشبهه. وقوله: { ولا تُنْظِرُونِ } يقول: ولا تؤخرون، من قول القائل: أنظرت فلانا بما لي عليه من الدين. وإنما هذا خبر من الله تعالى ذكره عن قول نبيه نوح عليه السلام لقومه: إنه بنصرة الله له عليهم واثق ومن كيدهم وتواثقهم غير خائف، وإعلام منه لهم أن آلهتهم لا تضرّ ولا تنفع، يقول لهم: امضوا ما تحدّثون أنفسكم به فيّ على عزم منكم صحيح، واستعينوا من شايعكم علي بآلهتكم التي تدعون من دون الله، ولا تؤخروا ذلك فإني قد توكلت على الله وأنا به واثق أنكم لا تضرّوني إلا أن يشاء ربي. وهذا وإن كان خبراً من الله تعالى عن نوح، فإنه حثٌّ من الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم على التأسِّي به وتعريف منه سبيل الرشاد فيما قلده من الرسالة والبلاغ عنه.
{ "aya": [], "hadith": [ { "start": 668, "end": 736 } ], "verse": [ { "start": 773, "end": 811 }, { "start": 812, "end": 850 }, { "start": 1136, "end": 1164 }, { "start": 1165, "end": 1193 }, { "start": 2087, "end": 2128 }, { "start": 2129, "end": 2166 }, { "start": 2278, "end": 2318 }, { "start": 2319, "end": 2355 } ] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 72, "aya_end": 72, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=72&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره مخبراً عن قيل نبيه نوح عليه السلام لقومه: فإن توليتم أيها القوم عني بعد دعائي إياكم وتبليغ رسالة ربي إليكم مدبرين، فأعرضتم عما دعوتكم إليه من الحقّ والإقرار بتوحيد الله وإخلاص العبادة له وترك إشراك الآلهة في عبادته، فتضييع منكم وتفريط في واجب حقّ الله عليكم، لا بسبب من قِبَلي فإني لم أسألكم على ما دعوتكم إليه أجراً ولا عوضاً أعتاضه منكم بإجابتكم إياي إلى ما دعوتكم إليه من الحقّ والهُدى، ولا طلبت منكم عليه ثواباً ولا جزاء. { إنْ أجْرِيَ إلاَّ على اللَّهِ } يقول جلّ ثناؤه: إن جزائي وأجر عملي وثوابه إلا على ربي لا عليكم أيها القوم ولا على غيركم. { وأُمِرْتُ أن أكُونَ مِنَ المُسْلِمِينَ } وأمرني ربي أن أكون من المذعنين له بالطاعة المنقادين لأمره ونهيه المتذللين له، ومن أجل ذلك أدعوكم إليه وبأمره آمركم بترك عبادة الأوثان.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 73, "aya_end": 73, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=73&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: فكذّب نوحاً قومه فيما أخبرهم به عن الله من الرسالة والوحي، فنجيناه ومن معه ممن حمل معه في الفلك، يعني في السفينة، { وجَعَلْنَاهُمْ خَلاِئفَ } يقول: وجعلنا الذين نجينا مع نوح في السفينة خلائف في الأرض من قومه الذين كذّبوه بعد أن أغرقنا الذين كذّبوا بآياتنا، يعني حججنا وأدلتنا على توحيدنا، ورسالة رسولنا نوح. يقول الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فانظر يا محمد كيف كان عاقبة المنذرين، وهم الذين أنذرهم نوح عقاب الله على تكذيبهم إياه وعبادتهم الأصنام، يقول له جلّ ثناؤه: انظر ماذا أعقبهم تكذيبهم رسولهم، فإن عاقبة من كذّبك من قومك أن تمادوا في كفرهم وطغيانهم على ربهم نحو الذي كان من عاقبة قوم نوح حين كذّبوه، يقول جلّ ثناؤه: { فليحذروا أن يحلّ بهم مثل الذي حلّ بهم إن لم يتوبوا }.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 74, "aya_end": 74, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=74&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: ثم بعثنا من بعد نوح رسلاً إلى قومهم، فأتوهم ببينات من الحجج والأدلة على صدقهم، وأنهم لله رسل، وأن ما يدعونهم إليه حقّ. { فما كَانُوا ليُؤْمِنُوا بما كَذَّبُوا به مِنْ قَبْلُ } يقول: فما كانوا ليصدّقوا بما جاءتهم به رسلهم بما كذّب به قوم نوح ومن قبلهم من الأمم الخالية من قبلهم. { كذلكَ نَطْبَعُ على قُلُوبِ المُعْتَدِينَ } يقول تعالى ذكره: كما طبعنا على قلوب أولئك فختمنا عليها فلم يكونوا يقبلون من أنبياء الله نصيحتهم ولا يستجيبون لدعائهم إياهم إلى ربهم بما اجترموا من الذنوب واكتسبوا من الآثام، كذلك نطبع على قلوب من اعتدى على ربه، فتجاوز ما أمره به من توحيده، وخالف ما دعاهم إليه رسلهم من طاعته، عقوبة لهم على معصيتهم ربهم من هؤلاء الآخرين من بعدهم.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 75, "aya_end": 75, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=75&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: ثم بعثنا من بعد هؤلاء الرسل الذين أرسلناهم من بعد نوح إلى قومهم موسى وهارون ابني عمران إلى فرعون مصر { ومَلِئه } ، يعني: وأشراف قومه وسادتهم، { بآيِاتنَا } يقول: بأدلتنا على حقيقة ما دعوهم إليه من الإذعان لله بالعبودية، والإقرار لهما بالرسالة. { فْاسَتكُبروا } ، يقول: فاستكبروا عن الإقرار بما دعاهم إليه موسى وهارون. { وكَانوا قَوْماً مُجْرمينَ } ، يعني: آثمين بربهم بكفرهم بالله تعالى.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 76, "aya_end": 77, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=76&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: { فَلَمَّا جاءَهُم الحَقُّ مِنْ عِنْدِنا } يعني: فلما جاءهم بيان ما دعاهم إليه موسى وهارون، وذلك الحجج التي جاءهم بها، وهي الحقّ الذي جاءهم من عند الله { قالُوا إنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ } يعنون: أنه يبين لمن رآه وعاينه أنه سحر لا حقيقة له. { قالَ مُوسَى } لهم: { أتَقُولُونَ للْحَقِّ لَمَا جَاءكُمْ } من عند الله: { أسحْرُ هَذَا }؟. واختلف أهل العربية في سبب دخول ألف الاستفهام في قوله: { أسِحْرٌ هَذَا } ، فقال بعض نحويي البصرة: أدخلت فيه على الحكاية لقولهم لأنهم قالوا: أسحر هذا؟ فقال: أتقولون: أسحر هذا؟ وقال بعض نحويي الكوفة: إنهم قالوا هذا سحر، ولم يقولوه بالألف، لأن أكثر ما جاء بغير ألف. قال: فيقال: فلم أدخلت الألف؟ فيقال: قد يجوز أن تكون من قيلهم وهم يعلمون أنه سحر، كما يقول الرجل للجائزة إذا أتته: أحقّ هذا؟ وقد علم أنه حقّ. قال: قد يجوز أن تكون على التعجب منهم: أسحر هذا، ما أعظمه وأولى ذلك في هذا بالصواب عندي أن يكون المقول محذوفاً، ويكون قوله: { أسِحْرٌ هَذَا } من قيل موسى منكراً على فرعون وملئه قولهم للحقّ لما جاءهم سحر، فيكون تأويل الكلام حينئذ: قال موسى لهم: { أتَقُولُونَ للحَقّ لما جاءَكُمْ } وهي الآيات التي أتاهم بها من عند الله حجة له على صدقه، سحر، أسحر هذا الحقّ الذي ترونه؟ فيكون السحر الأوّل محذوفاً اكتفاء بدلالة قول موسى { أسِحْرٌ هَذَا } على أنه مراد في الكلام، كما قال ذو الرمَّة : فَلَمَّا لَبِسْنَ اللَّيْلَ أوْ حِينَ نَصَّبَتْ لهُ من خَذَا آذَانها وَهْوَ جانِحُ يريد: «أو حين أقبل»، ثم حذف اكتفاء بدلالة الكلام عليه، وكما قال جلّ ثناؤه: فإذَا جاءَ وَعْد الآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ والمعنى: بعثناهم ليسوؤا وجوهكم، فترك ذلك اكتفاء بدلالة الكلام عليه، في أشباه لما ذكرنا كثيرة يُتعب إحصاؤها. وقوله: { ولا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ } يقول: ولا ينجح الساحرون ولا يبقون.
{ "aya": [ { "start": 1393, "end": 1442 } ], "hadith": [], "verse": [ { "start": 1233, "end": 1234 }, { "start": 1235, "end": 1282 }, { "start": 1283, "end": 1317 } ] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 78, "aya_end": 78, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=78&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: قال فرعون وملؤه لموسى: { أجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا } يقول: لتصرفنا وتلوينا، { عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا } من قبل مجيئك من الدين يقال منه: لفت فلان عنق فلان إذا لواها، كما قال ذو الرمَّة: لَفْتا وتَهْزِيعاً سَوَاءَ اللَّفْتِ التَّهْزِيع: الدّقّ، واللَّفْتُ: اللَّيّ. كما: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: { لِتَلْفِتَنا } قال: لتلوينا { عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا }. وقوله: { وَتَكُونَ لَكُما الكِبْرِياءُ } فِي الأرْضِ يعني العظمة، وهي الفعلياء من الكبر. ومنه قول ابن الرقاع: سُؤْدُداً غيرَ فاحِشٍ لا يُدَا نِيهِ تَجْبَارُهُ وَلا كِبْرِياءُ حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { وَتَكُونَ لَكُما الكِبْرِياءُ فِي الأرْضِ } قال: الملك. قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد: { وَتَكُونَ لَكُما الكِبْرِياءُ فِي الأرْضِ } قال: السلطان في الأرض. قال: ثنا محمد بن بكر، عن ابن جريج، قال: بلغني، عن مجاهد، قال: الملك في الأرض. قال: ثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك: { وَتَكُونَ لَكُما الكِبْرِياءُ فِي الأرْضِ } قال: الطاعة. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { وَتَكُونَ لَكُما الكِبْرِياءُ فِي الأرْضِ } قال: الملك. قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. حدثني الحرث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن مجاهد، قال: السلطان في الأرض. وهذه الأقوال كلها متقاربات المعاني، وذلك أن الملك سلطان، والطاعة ملك غير أن معنى الكبرياء هو ما ثبت في كلام العرب، ثم يكون ذلك عظمة بملك وسلطان وغير ذلك. وقوله: { وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ } يقول: وما نحن لكما يا موسى وهارون بمؤمنين، يعني بمقرّين بأنكما رسولان أرسلتما إلينا.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [ { "start": 208, "end": 244 }, { "start": 537, "end": 567 }, { "start": 568, "end": 601 } ] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 79, "aya_end": 80, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=79&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: وقال فرعون لقومه: ائتوني بكلّ من يسحر من السحرة، عليم بالسحر. فلما جاء السحرة فرعون، قال موسى: ألقوا ما أنتم ملقون من حبالكم وعصيكم وفي الكلام محذوف قد ترك، وهو: فأتوه بالسحرة فلما جاء السحرة ولكن اكتفى بدلالة قوله: { فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ } على ذلك، فترك ذكره. وكذلك بعد قوله: { ألْقُوا ما أنْتُمْ مُلْقُونَ } محذوف أيضا قد ترك ذكره، وهو: فألقوا حبالهم وعصيهم، فلما ألقوا قال موسى ولكن اكتفى بدلالة ما ظهر من الكلام عليه، فترك ذكره.
{ "aya": [ { "start": 361, "end": 402 } ], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 81, "aya_end": 81, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=81&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: { فَلَمَّا ألْقَوْا } ما هم ملقوه { قالَ } لهم { مُوسَى ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ }. واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الحجاز والعراق { ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ } على وجه الخبر من موسى عن الذي جاءت به سحرة فرعون أنه سحر كأن معنى الكلام على تأويلهم، قال موسى: الذي جئتم به أيها السحرة هو السحر. وقرأ ذلك مجاهد وبعض المدنيين البصريين: «ما جئْتُمْ بِهِ آلسِّحْرُ» على وجه الاستفهام من موسى إلى السحرة عما جاءوا به، أسحر هو أم غيره؟ وأولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأه على وجه الخبر لا على الاستفهام، لأن موسى صلوات الله وسلامه عليه لم يكن شاكًّا فيما جاءت به السحرة أنه سحر لا حقيقة له فيحتاج إلى استخبار السحرة عنه أيّ شيءٍ هو، وأخرى أنه صلوات الله عليه قد كان على علم من السحرة، إنما جاء بهم فرعون ليغالبوه على ما كان جاءهم به من الحقّ الذي كان الله آتاه، فلم يكن يذهب عليه أنهم لم يكونوا يصدّقونه في الخبر عما جاءوا به من الباطل، فيستخبرهم أو يستجيز استخبارهم عنه ولكنه صلوات الله عليه أعلمهم أنه عالم ببطول ما جاءوا به من ذلك بالحقّ الذي أتاه ومبطل كيدهم بجدّه، وهذه أولى بصفة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الآخرى. فإن قال قائل: فما وجه دخول الألف واللام في السحر إن كان الأمر على ما وصفت وأنت تعلم أن كلام العرب في نظير هذا أن يقولوا: ما جاءني به عمرو درهم، والذي أعطاني أخوك دينار، ولا يكادون أن يقولوا الذي أعطاني أخوك الدرهم، وما جاءني به عمرو الدينار؟ قيل له: بلى كلام العرب إدخال الألف واللام في خبر ما والذي إذا كان الخبر عن معهود قد عرفه المخاطب والمخاطب، بل لا يجوز إذا كان ذلك كذلك إلا بالألف واللام، لأن الخبر حينئذ خبر عن شيء بعينه معروف عند الفريقين وإنما يأتي ذلك بغير الألف إذا كان الخبر عن مجهول غير معهود ولا مقصود قصد شيء بعينه، فحينئذ لا تدخل الألف واللام في الخبر، وخبر موسى كان خبراً عن معروف عنده وعند السحرة، وذلك أنها كانت نسبت ما جاءهم به موسى من الآيات التي جعلها الله علما له على صدقه ونبوته إلى أنه سحر، فقال لهم موسى: السحر الذي وصفتم به ما جئتكم به من الآيات أيها السحرة، هو الذي جئتم به أنتم لا ما جئتكم به أنا. ثم أخبرهم أن الله سيبطله. فقال: { إنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ } يقول: سيذهب به، فذهب به تعالى ذكره بأن سلط عليه عصا موسى قد حوّلها ثعباناً يتلقفه حتى لم يبق منه شيء. { إنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ المُفْسِدِينَ } يعني: أنه لا يصلح عمل من سعى في أرض الله بما يكرهه وعمل فيها بمعاصيه. وقد ذكر أن ذلك في قراءة أبيّ بن كعب: «ما أتيتم به سحر»، وفي قراءة ابن مسعود: «ما جئتم به سحر»، وذلك مما يؤيد قراءة من قرأ بنحو الذي اخترنا من القراءة فيه.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 82, "aya_end": 82, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=82&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره مخبراً عن موسى أنه قال للسحرة: { ويُحِقُّ اللَّهُ الحَقَّ } يقول: ويثبت الله الحق الذي جئتكم به من عنده، فيعليه على باطلكم، ويصححه بكلماته، يعني بأمره { وَلَوْ كَرِهَ المُجْرِمُونَ } يعني الذين اكتسبوا الإثم بربهم بمعصيتهم إياه.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 83, "aya_end": 83, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=83&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: فلم يؤمن لموسى مع ما أتاهم به من الحجج والأدلة إلا ذرية من قومه خائفين من فرعون وملئهم. ثم اختلف أهل التأويل في معنى الذرّية في هذا الموضع، فقال بعضهم: الذرية في هذا الموضع: القليل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:ً فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إلاَّ ذُرّيَّةٌ مِن قَوْمِهِ } قال: كان ابن عباس يقول: الذرية: القليل. حُدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله تعالى: { فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إلاَّ ذُرّيَّةٌ مِن قَوْمِهِ } الذرّيَّة: القليل، كما قال الله تعالى: كمَا أنْشأَكُمْ مِنْ ذُرّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ وقال آخرون: معنى ذلك: فما آمن لموسى إلا ذرية من أرسل إليه موسى من بني إسرائيل لطول الزمان لأن الآباء ماتوا وبقي الأبناء، فقيل لهم ذرّية، لأنهم كانوا ذرية من هلك ممن أرسل إليهم موسى عليه السلام. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهد، في قوله تعالى: { فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إلاَّ ذُرّيَّةٌ مِن قَوْمِهِ } قال: أولاد الذين أرسل إليهم من طول الزمان ومات آباؤهم. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد وحدثني المثنى قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بنحوه. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: { فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إلاَّ ذُرّيَّةٌ مِن قَوْمِهِ } قال: أولاد الذين أرسل إليهم موسى من طول الزمان ومات آباؤهم. حدثني الحرث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش: { فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إلاَّ ذُرّيَّةٌ مِن قَوْمِهِ عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أنْ يَفْتِنَهُمْ } قال: أبناء أولئك الذين أرسل إليهم فطال عليهم الزمان وماتت آباؤهم. وقال آخرون: بل معنى ذلك: فما آمن لموسى إلا ذرّية من قوم فرعون. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: { فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إلاَّ ذُرّيَّةٌ مِن قَوْمِهِ على خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أنْ يَفْتِنَهُمْ } قال: كانت الذرّية التي آمنت لموسى من أناس غير بني إسرائيل من قوم فرعون يسير، منهم امرأة فرعون، ومؤمن آل فرعون، وخازن فرعون، وامرأة خازنه. وقد رُوي عن ابن عباس خبر يدلّ على خلاف هذا القول، وذلك ما: حدثني به المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { ذُرّيَّةٌ مِنْ قَوْمهِ } يقول: بني إسرائيل. فهذا الخبر ينبىء عنه أنه كان يرى أن الذرّية في هذا الموضع هم بنو إسرائيل دون غيرهم من قوم فرعون. وأولى هذه الأقوال عندي بتأويل الآية القول الذي ذكرته عن مجاهد، وهو أن الذرية في هذا الموضع أريد بها ذرية من أرسل إليه موسى من بني إسرائيل، فهلكوا قبل أن يقرّوا بنبوّته لطول الزمان، فأدركت ذرّيتهم فآمن منهم من ذكر الله بموسى. وإنما قلت هذا القول أولى بالصواب في ذلك لأنه لم يجر في هذه الآية ذكر لغير موسى، فلأن تكون الهاء في قوله «من قومه» من ذكر موسى لقربها من ذكره، أولى من أن تكون من ذكر فرعون لبُعد ذكره منها، إذ لم يكن بخلاف ذلك دليل من خبر ولا نظر. وبعد، فإن في قوله: { عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ } الدليل الواضح على أن الهاء في قوله: { إلاَّ ذُرّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ } من ذكر موسى لا من ذكر فرعون لأنها لو كانت من ذكر فرعون لكان الكلام: «على خوف منه»، ولم يكن { على خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ }. وأما قوله: { عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ } فإنه يعني على حال خوف ممن آمن من ذرّية قوم موسى بموسى. فتأويل الكلام: فما آمن لموسى إلا ذرّية من قومه من بني إسرائيل وهم خائفون من فرعون وملئهم أن يفتنوهم. وقد زعم بعض أهل العربية أنه إنما قيل: فما آمن لموسى إلا ذرّية من قومه، لأن الذين آمنوا به إنما كانت أمهاتهم من بني إسرائيل وآباؤهم من القبط، فقيل لهم الذرّية من أجل ذلك، كما قيل لأبناء الفرس الذين أمهاتهم من العرب وآباؤهم من العجم: أبناء. والمعروف من معنى الذرّية في كلام العرب: أنها أعقاب من نسبت إليه من قِبَل الرجال والنساء، كما قال جلّ ثناؤه: ذُرّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوح وكما قال: وَمنْ ذُرّيَتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيمانَ وأيُّوبَ وَيُوسُفَ ثم قال بعد: وَزَكَرِيَّا وَيْحَيى وَعِيسَى وَإلَيْاسَ فجعل من كان من قِبَل الرجال والنساء من ذرّية إبراهيم. وأما قوله: { وَمَلَئِهِمْ } فإن الملأ: الأشراف. وتأويل الكلام: على خوف من فرعون ومن أشرافهم. واختلف أهل العربية فيمن عني بالهاء والميم اللتين في قوله: { وَمَلَئِهِمْ } فقال بعض نحويي البصرة: عني بها الذرّية. وكأنه وجه الكلام إلى: فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه، على خوف من فرعون، وملأ الذرية من بني إسرائيل. وقال بعض نحويي الكوفة: عني بهما فرعون، قال: وإنما جاز ذلك وفرعون واحد لأن الملك إذا ذكر لخوف أو سفر أو قدوم من سفر ذهب الوهم إليه وإلى من معه. وقال: ألا ترى أنك تقول: قدم الخليفة فكثر الناس، تريد بمن معه، وقدم فغلت الأسعار؟ لأنا ننوي بقدومه قدوم من معه. قال: وقد يكون يريد أن بفرعون آل فرعون، ويحذف آل فرعون فيجوز، كما قال: وَاسْئَل القَرْيَةَ يريد أهل القرية، والله أعلم. قال: ومثله قوله: يا أيُّها النَّبِيُّ إذَا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: الهاء والميم عائدتان على الذرية. ووجه معنى الكلام إلى أنه على خوف من فرعون، وملأ الذرّية لأنه كان في ذرّية القرن الذين أرسل إليهم موسى من كان أبوه قبطيًّا وأمه إسرائيلية، فمن كان كذلك منهم كان مع فرعون على موسى. وقوله: { أنْ يَفْتِنَهُمْ } يقول: كان إيمان من آمن من ذرّية قوم موسى على خوف من فرعون أن يفتنهم بالعذاب، فيصدّهم عن دينهم، ويحملهم على الرجوع عن إيمانهم والكفر بالله. وقال: { أنْ يَفْتِنَهُمْ } فوحد ولم يقل: «أن يفتنوهم»، لدليل الخبر عن فرعون بذلك أن قومه كانوا على مثل ما كان عليه لما قد تقدّم من قوله: { عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ }. وقوله: { وَإنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الأرْضِ } يقول تعالى ذكره: وإن فرعون لجبار مستكبر على الله في أرضه. { وإنَّهُ لَمِنَ المُسْرِفِينَ } وإنه لمن المتجاوزين الحقّ إلى الباطل، وذلك كفره بالله وتركه الإيمان به وجحوده وحدانية الله وادّعاؤه لنفسه الألوهة وسفكه الدماء بغير حلها.
{ "aya": [ { "start": 559, "end": 605 }, { "start": 3577, "end": 3610 }, { "start": 3621, "end": 3676 }, { "start": 3689, "end": 3730 }, { "start": 4417, "end": 4436 }, { "start": 4483, "end": 4561 } ], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 84, "aya_end": 84, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=84&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره مخبراً عن قيل موسى نبيه لقومه: يا قوم إن كنتم أقررتم بوحدانية الله وصدّقتم بربوبيته. { فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا } يقول: فبه فثقوا، ولأمره فسلّموا، فإنه لن يخذل وليه ويسلم من توكل عليه. { وإنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ } يقول: إن كنتم مذعنين لله بالطاعة، فعليه توكلوا.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 85, "aya_end": 85, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=85&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: فقال قوم موسى لموسى: { عَلى اللَّهِ تَوَكَّلْنا } أي به وثقنا، وإليه فوّضنا أمرنا. وقوله: { رَبِّنا لا تجعلنا فِتْنَةً للقَوْمِ الظَّالِمِينَ } يقول جلّ ثناؤه مخبراً عن قوم موسى أنهم دعوا ربهم فقالوا: يا ربنا لا تختبر هؤلاء القوم الكافرين، ولا تمتحنهم بنا يعنون قوم فرعون. وقد اختلف أهل التأويل في المعنى الذي سألوه ربهم من إعادته ابتلاء قوم فرعون بهم، فقال بعضهم: سألوه أن لا يظهرهم عليهم، فيظنوا أنهم خير منهم وأنهم إنما سلطوا عليهم لكرامتهم عليه وهوان الآخرين. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن عمران بن حدير، عن أبي مجلز، في قوله: { رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنا فِتْنَةً للقَوْمِ الظَّالِمِينَ } قال: لا يظهروا علينا فيروا أنهم خير منا. حدثني المثنى، قال: ثنا الحجاج، قال: ثنا حماد، عن عمران بن حدير، عن أبي مجلز في قوله: { رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنا فِتْنَةً للقَوْمِ الظَّالِمِينَ } قال: قالوا: لا تظهرهم علينا فيروا أنهم خير منا. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى: { رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنا فِتْنَةً للقَوْمِ الظَّالِمِينَ } قال: لا تسلطهم علينا فيزدادوا فتنة. وقال آخرون: بل معنى ذلك: لا تسلطهم علينا فيفتنونا. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنا فِتْنَةً للقَوْمِ الظَّالِمِينَ } لا تسلطهم علينا فيفتنونا. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن الزبير، عن ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، في قوله: { رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنا فِتْنَةً للقَوْمِ الظَّالِمِينَ } قال: لا تسلطهم علينا فيضلونا. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله. وقال أيضاً: فيفتنونا. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { لاَ تَجْعَلْنا فِتْنَةً للقَوْمِ الظَّالِمِينَ } لا تعذّبنا بأيدي قوم فرعون، ولا بعذاب من عندك، فيقول قوم فرعون: لو كانوا على حقّ ما سلطنا عليهم ولا عذّبوا، فيفتنوا بنا. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: { لاَ تَجْعَلْنا فِتْنَةً للقَوْمِ الظَّالِمِينَ } قال: لا تعذبّنا بأيدي قوم فرعون ولا بعذاب من عندك، فيقول قوم فرعون: لو كانوا على حقّ ما سلطنا عليهم ولا عذّبوا، فيفتتنوا بنا. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهد، قوله: { لاَ تَجْعَلْنا فِتْنَةً للقَوْمِ الظَّالِمِينَ } قال: لا تصبنا بعذاب من عندك ولا بأيديهم فيفتتنوا ويقولوا: لو كانوا على حقّ ما سلطنا عليهم وما عذّبوا. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله تعالى: { رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنا فِتْنَةً للقَوْمِ الظَّالِمِينَ } لا تبتلنا ربنا فتجهدنا وتجعله فتنة لهم هذه الفتنة. وقرأ: { فِتْنَةً للظَّالمينَ } قال المشركون حين كانوا يؤذون النبيّ صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ويرمونهم:: أليس ذلك فتنة لهم، وسوءا لهم؟ وهي بلية للمؤمنين. والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن القوم رغبوا إلى الله في أن يجيرهم من أن يكونوا محنة لقوم فرعون وبلاء، وكل ما كان من أحرٍ لهم مَصَدّة عن اتباع موسى والإقرار به وبما جاءهم به، فإنه لا شكّ أنه كان لهم فتنة، وكان من أعظم الأمور لهم إبعادا من الإيمان بالله ورسوله. وكذلك من المَصَدّة كان لهم عن الإيمان، أن لو كان قوم موسى عاجلتهم من الله محنة في أنفسهم من بلية تنزل بهم، فاستعاذ القوم بالله من كل معنى يكون صادا لقوم فرعون عن الإيمان بالله بأسبابهم.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 86, "aya_end": 86, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=86&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: ونجنا يا ربنا برحمتك، فخلّصنا من أيدي القوم الكافرين قوم فرعون لأنهم كان يستعبدونهم ويستعملونهم في الأشياء القذرة من خدمتهم.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 87, "aya_end": 87, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=87&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: وأوحينا إلى موسى وأخيه أن اتخذ لقومكما بمصر بيوتاً، يقال منه: تبوأ فلان لنفسه بيتاً: إذا اتخذه، وكذلك تبوأ مصحفا: إذا اتخذه، وبوأته أنا بيتاً: إذا اتخذته له. { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } يقول: واجعلوا بيوتكم مساجد تصلون فيها. واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } فقال بعضهم في ذلك نحو الذي قلنا فيه. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان عن حميد، عن عكرمة، عن ابن عباس: { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } قال: مساجد. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس، قوله: { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } قال: أمروا أن يتخذوها مساجد. قال: ثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل، قال: ثنا زهير، قال: ثنا خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قول الله تعالى: { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } قال: كانوا يفرقون من فرعون وقومه أن يصلوا، فقال لهم: اجعلوا بيوتكم قبلة، يقول: اجعلوها مسجدا حتى تصلوا فيها. حدثنا ابن وكيع وابن حميد، قالا: ثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم: { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } قال: خافوا فأمروا أن يصلوا في بيوتهم. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم: { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } قال: كانوا خائفين، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم. حدثني المثنى، قال: ثنا الحماني، قال: ثنا شبل، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قوله: { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } قال: كانوا خائفين فأمروا أن يصلوا في بيوتهم. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } قال: كانوا لا يصلون إلا في البيع، وكانوا لا يصلون إلا خائفين، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم. قال: ثنا جرير عن ليث، عن مجاهد، قال: كانوا خائفين، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم. قال: ثنا عبد الله، عن إسرائيل، عن السدي، عن أبي مالك: { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } قال: كانت بنو إسرائيل تخاف فرعون، فأمروا أن يجعلوا بيوتهم مساجد يصلون فيها. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرحمن بن سعد، قال: أخبرنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس في قوله: { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } يقول: مساجد. قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا إسرائيل، عن منصور، عن إبراهيم: { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } قال: كانوا يصلون في بيوتهم يخافون. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا زيد بن الحباب، عن أبي سنان، عن الضحاك: { أنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً } قال: مساجد. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، في قوله: { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } قال: كانوا خائفين، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } قال: قال أبي زيد: اجعلوا في بيوتكم مساجدكم تصلون فيها تلك القبلة. وقال آخرون: معنى ذلك: واجعلوا مساجدكم قبل الكعبة. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } يعني الكعبة. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله: { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وأقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّر المُوءْمِنِينَ } قال: قالت بنو إسرائيل لموسى: لا نستطيع أن نظهر صلاتنا مع الفراعنة. فأذن الله لهم أن يصلوا في بيوتهم، وأمروا أن يجعلوا بيوتهم قبل القبلة. حدثنا القاسم. قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال: قال ابن عباس في قوله: { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } يقول: وجهوا بيوتكم مساجدكم نحو القبلة، ألا ترى أنه يقول: فِي بُيُوتٍ أذِنَ اللَّهُ أنْ تَرْفَعَ؟ حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد: { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } قال: قبل القبلة. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: { بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } قال: نحو الكعبة، حين خاف موسى ومن معه من فرعون أن يصلوا في الكنائس الجامعة، فأمروا أن يجعلوا في بيوتهم مساجد مستقبلة الكعبة يصلون فيها سرًّا. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } ثم ذكر مثله سواء. قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { وأوْحَيْنا إلى مُوسَى وأخِيهِ أنْ تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً } مساجد. قال: ثنا إسحاق قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: في قوله: { أنْ تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً } قال: مصر، الإسكندرية. حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { وأوْحَيْنا إلى مُوسَى وأخِيهِ أنْ تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } قال: وذلك حين منعهم فرعون الصلاة، فأمروا أن يجعلوا مساجدهم في بيوتهم وأن يوجهوا نحو القبلة. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: { بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } قال: نحو القبلة. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا إسحاق، عن أبي سنان، عن الضحاك: { وأوْحَيْنا إلى مُوسَى وأخِيهِ أنْ تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً } قال: مساجد. { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } قال: قبل القبلة. وقال آخرون: معنى ذلك: واجعلوا بيوتكم يقابل بعضها بعضاً. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمران بن عيينة، عن عطاء، عن سعيد بن جبير: { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } قال: يقابل بعضها بعضا. وأولى الأقوال في ذلك بالصواب القول الذي قدمنا بيانه وذلك أن الأغلب من معاني البيوت وإن كانت المساجد بيوتا، البيوت المسكونة إذا ذكرت باسمها المطلق دون المساجد لأن المساجد لها اسم هي به معروفة خاصّ لها، وذلك المساجد. فأما البيوت المطلقة بغير وصلها بشيء ولا إضافتها إلى شيء، فالبيوت المسكونة، وكذلك القبلة الأغلب من استعمال الناس إياها في قِبَل المساجد وللصلوات. فإذا كان ذلك كذلك، وكان غير جائز توجيه معاني كلام الله إلا إلى الأغلب من وجوهها المستعمل بين أهل اللسان الذي نزل به دون الخفي المجهول ما لم تأت دلالة تدلّ على غير ذلك، ولم يكن على قوله: { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } دلالة تقطع العذر بأن معناه غير الظاهر المستعمل في كلام العرب، لم يجز لنا توجيهه إلى غير الظاهر الذي وصفنا. وكذلك القول في قوله: { قِبْلَةً وأقِيمُوا الصَّلاةَ } يقول تعالى ذكره: وأدّوا الصلاة المفروضة بحدودها في أوقاتها. وقوله: { وَبَشِّرِ المُومِنِينَ } يقول جلّ ثناؤه لنبيه عليه الصلاة والسلام: وبشر مقيمي الصلاة المطيعي الله يا محمد المؤمنين بالثواب الجزيل منه.
{ "aya": [ { "start": 3258, "end": 3297 } ], "hadith": [], "verse": [] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 88, "aya_end": 88, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=88&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
يقول تعالى ذكره: وقال موسى يا ربنا إنك أعطيت فرعون وكبراء قومه وأشرافهم، وهم الملأ، زينة من متاع الدنيا وأثاثها، وأمولاً من أعيان الذهب والفضة في الحياة الدنيا. { رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ } يقول موسى لربه: ربنا أعطيتهم ما أعطيتهم من ذلك ليضلوا عن سبيلك. واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأه بعضهم: { لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ } بمعنى: ليضلوا الناسَ عن سبيلك، ويصدّوهم عن دينك. وقرأ ذلك آخرون: «لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ» بمعنى: ليضلوا هم عن سبيلك، فيَجوروا عن طريق الهدى. فإن قال قائل: أفكان الله جلّ ثناؤه أعطى فرعون وقومه ماأعطاهم من زينة الدنيا وأموالها ليُضلوا الناس عن دينه، أو ليَضلوا هم عنه؟ فإن كان لذلك أعطاهم ذلك، فقد كان منهم ما أعطاهم لأجله، فلا عتب عليهم في ذلك؟ قيل: إن معنى ذلك بخلاف ما توهمت. وقد اختلفت أهل العلم بالعربية في معنى هذه اللام التي في قوله: { لِيُضِلّوا } فقال بعض نحويي البصرة: معنى ذلك: ربنا فضلوا عن سبيلك، كما قال: فالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُوَنَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً أي فكان لهم وهم لم يلتقطوه ليكون عدوا وحزنا، وإنما التقطوه فكان لهم. قال: فهذه اللام تجيء في هذا المعنى. وقال بعض نحويي الكوفة: هذه اللام لام كي ومعنى الكلام: ربنا أعطيتهم ما أعطيتهم كي يضلوا، ثم دعا عليهم وقال آخر: هذه اللامات في قوله «ليضلوا» و «ليكون لهم عدوًّا»، وما أشبهها بتأويل الخفض: آتيتهم ما أتيتهم لضلالهم، والتقطوه لكونه لأنه قد آلت الحالة إلى ذلك. والعرب تجعل لام كي في معنى لام الخفض، ولام الخفض في معنى لام كي لتقارب المعنى، قال الله تعالى: سَيَحْلِفُونَ باللَّهِ لَكُمْ إذَا انْقَلَبْتُمْ إلَيْهِمْ لِتَعْرِضُوا عَنْهُمْ أي لإعراضكم، ولم يحلفوا لإعراضهم وقال الشاعر: سَمَوْتَ ولَمْ تَكُنْ أهْلاً لِتَسْمُو وَلكنَّ المُضَيَّعَ قَدْ يُصَابُ قال: وإنما يقال: وما كنت أهلاً للفعل، ولا يقال لتفعل إلا قليلاً. قال: وهذا منه. والصواب من القول في ذلك عندي: أنها لا م كي، ومعنى الكلام: ربنا أعطيتهم ما أعطيتهم من زينة الحياة الدنيا والأموال لتفتنهم فيه، ويُضِلوا عن سبيلك عبادك، عقوبةً منك. وهذا كما قال جلّ ثناؤه: لأَسْقَيْناهُمْ مَاءً غَدَقاً لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وقوله: { رَبَّنا اطْمِسْ على أمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ على قُلُوبِهِمْ } هذا دعاء من موسى، دعا الله على فرعون وملئه أن يغير أموالهم عن هيئتها، ويبدّلها إلى غير الحال التي هي بها، وذلك نحو قوله: مِنْ قَبْل أنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنرُدَّها على أدْبارِها يعني به: من قبل أن نغيرها عن هيئتها التي هي بها، يقال منه: طمست عينه أطْمِسُها وأطْمُسُها طمساً وطُمُوساً، وقد تستعمل العرب الطَّمْس في العُفُوّ والدثور وفي الاندقاق والدروس، كما قال كعب بن زهير: مِنْ كلّ نَضَّاخَةِ الذفْرَى إذا عَرِقَت عُرْضَتُها طامِسُ الأعْلامِ مَجْهُولُ وقد اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك في هذا الموضع، فقال جماعة منهم فيه مثل قولنا. ذكر من قال ذلك: حدثني زكريا بن يحيى بن زائدة، قال: ثنا حجاج، قال: ثني ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، قال: بلغنا عن القرظي، في قوله: { رَبَّنا اطْمِسْ على أمْوَالِهِمْ } قال: اجعل سكرهم حجارة. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، عن محمد بن القرظيّ، قال: اجعل سكرهم حجارة. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن يمان، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: { اطْمِسْ على أمْوَالِهِمْ } قال: اجعلها حجارة. حدثني المثنى، قال: ثنا أبُو حذيفة، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرحمن بن سعد، قال: ثنا أبو جعفر عن الربيع بن أنس، في قوله: { اطْمِسْ على أمْوَالِهِمْ } قال: صارت حجارة. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { رَبَّنا اطْمِسْ على أمْوَالِهِمْ } قال: بلغنا أن زروعهم تحوّلت حجارة. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: { رَبَّنا اطْمِسْ على أمْوَالِهِمْ } قال: بلغنا أن حروثا لهم صارت حجارة. حدثني المثنى، قال: ثنا قبيصة بن عقبة، قال: ثنا سفيان: { رَبَّنا اطْمِسْ على أمْوَالِهِمْ } قال: يقولون: صارت حجارة. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق. قال: ثنا يحيى الحماني، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن إسماعيل عن أبي صالح، في قوله: { رَبَّنا اطْمِسْ على أمْوَالِهِمْ } قال: صارت حجارة. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: { رَبَّنا اطْمِسْ على أمْوَالِهِمْ } قال: بلغنا أن حروثا لهم صارت حجارة. حُدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ، قال: ثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: { رَبَّنا اطْمِسْ على أمْوَالِهِمْ } قال: جعلها الله حجارة منقوشة على هيئة ما كانت. حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { رَبَّنا اطْمِسْ على أمْوَالِهِمْ } قال: قد فعل ذلك، وقد أصابهم ذلك طمس على أموالهم، فصارت حجارة ذهبهم ودراهمهم وعدسهم وكلّ شيء. وقال آخرون: معنى ذلك: أهلكها. ذكر من قال ذلك: حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة، قال: ثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: { رَبَّنا اطْمِسْ على أمْوَالِهِمْ } قال: أهلكها. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: { رَبَّنا اطْمِسْ على أمْوَالِهِمْ } يقول: دمر عليهم وأهلك أموالهم. وأما قوله: { وَاشْدُدْ على قُلوبِهِمْ } فإنه يعني: واطبع عليها حتى لا تلين ولا تنشرح بالإيمان. كما: حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس: وقال موسى قبل أن يأتي فرعون: ربنا { وَاشْدُدْ على قُلُوبِهِمْ فَلا يؤْمِنُوا حتى يَرَوُا العَذَابَ الألِيمَ } فاستجاب الله له، وحال بين فرعون وبين الإيمان حتى أدركه الغرق، فلم ينفعه الإيمان. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: { وَاشْدُدْ على قُلُوبِهِمْ } يقول: واطبع على قلوبهم، رحتى يَرَوُا العَذَابَ الألِيمَ } وهو الغرق. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { وَاشْدُدْ على قُلُوبِهِمْ } بالضلالة. قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { وَاشْدُدْ على قُلُوبِهِمْ } قال: بالضلالة. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، قال: ثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: { وَاشْدُدْ على قُلُوبِهِمْ } يقول: أهلكهم كفارا. وأما قوله: { فَلا يُوءْمِنُوا حتى يَرَوُا العَذَابَ الألِيمَ } فإن معناه: فلا يصدّقوا بتوحيد الله ويقروا بوحدانيته حتى يروا العذاب الموجع. كما: حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { فَلا يؤْمِنُوا } بالله فيما يرون من الآيات، { حتى يَرَوُا العَذَابَ الألِيمَ }. حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. قال: ثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. حدثنا المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: سمعت المنقري يقول: { فَلا يؤْمِنُوا } يقول: دعا عليهم. واختلف أهل العربية في موضع: { يُوءْمِنُوا } فقال بعض نحويي البصرة: هو نصب لأن جواب الأمر بالفاء أو يكون دعاء عليهم إذا عصوا. وقد حُكي عن قائل هذا القول أنه كان يقول: هو نصب عطفا على قوله: { لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ }. وقال آخر منهم، وهو قول نحوييِّ الكوفة: موضعه جزم على الدعاء من موسى عليهم، بمعنى: فلا آمنوا، كما قال الشاعر: فَلا يَنْبَسِطْ مِنْ بينِ عَيْنَيْكَ ما انْزَوَى وَلا تَلْقَنِي إلاَّ وأنْفُكَ رَاغِمُ بمعنى: فلا انبسط من بين عينيك ما انزوى، ولا لقيتني على الدعاء. وكان بعض نحويّي الكوفة يقول: هو دعاء، كأنه قال: اللهم فلا يؤمنوا. قال: وإن شئت جعلتها جوابا لمسئلته إياه، لأن المسئلة خرجت على لفظ الأمر، فتجعل { فلا يؤْمِنُوا } في موضع نصب على الجواب، وليس بسهل. قال: ويكون كقول الشاعر: يا ناقَ سِيرِي عَنَقاً فَسِيحا إلى سُلَيْمَانَ فَنَستَرِيحا قال: وليس الجواب بسهل في الدعاء لأنه ليس بشرط. والصواب من القول في ذلك أنه في موضع جزم على الدعاء، بمعنى: فلا آمنوا. وإنما اخترت ذلك لأن ما قبله دعاء، وذلك قوله: رَبَّنا اطْمِسْ على أمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ على قُلُوبِهِمْ فإلحاق قوله: { فَلا يؤْمِنُوا } إذ كان في سياق ذلك بمعناه أشبهُ وأولى. وأما قوله: { حتى يَرَوُا العَذَابَ الألِيمَ } فإن ابن عباس كان يقول: معناه: حتى يروا الغرق. وقد ذكرنا الرواية عنه بذلك من بعض وجوهها فيما مضى. حدثني القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال ابن عباس: { فَلا يؤْمِنُوا حتى يَرَوُا العَذَابَ الألِيمَ } قال: الغرق.
{ "aya": [ { "start": 860, "end": 924 }, { "start": 1381, "end": 1461 }, { "start": 1847, "end": 1897 }, { "start": 2089, "end": 2146 }, { "start": 7158, "end": 7216 } ], "hadith": [], "verse": [ { "start": 1508, "end": 1546 }, { "start": 1547, "end": 1579 }, { "start": 2343, "end": 2383 }, { "start": 2384, "end": 2421 }, { "start": 6565, "end": 6613 }, { "start": 6614, "end": 6651 }, { "start": 6936, "end": 6966 }, { "start": 6967, "end": 6995 } ] }
{ "madhab_id": 1, "tafsir_id": 1, "sura": 10, "aya_ini": 89, "aya_end": 89, "url": "http://altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=1&tTafsirNo=1&tSoraNo=10&tAyahNo=89&tDisplay=yes&LanguageID=1", "madhab_name": "أمهات التفاسير", "tafsir_name": "جامع البيان في تفسير القرآن", "author": "الطبري", "date": "ت 310 هـ" }
وهذا خبر من الله عن إجابته لموسى صلى الله عليه وسلم وهارون دعاءهما على فرعون وأشراف قومه وأموالهم. يقول جلّ ثناؤه: { قَالَ } الله لهما { قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما } في فرعون وملئه وأموالهم. فإن قائل قائل: وكيف نسبت الإجابة إلى اثنين والدعاء إنما كان من واحد؟ قيل: إن الداعي وإن كان واحدا فإن الثاني كان مؤمنا وهو هارون، فلذلك نسبت الإجابة إليهما، لأن المؤمِّن داعٍ. وكذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن ابن جريج، عن رجل، عن عكرمة في قوله: { قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما } قال: كان موسى يدعوا وهارون يؤمِّن، فذلك قوله: { قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما }. وقد زعم بعض أهل العربية أن العرب تخاطب الواحد خطاب الاثنين، وأنشد في ذلك: فَقُلْتُ لِصَاحِبي لا تُعْجِلانا بِنَزْعِ أُصُولِهِ وَاجْتَزَّ شِيحَا حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا زكريا بن عديّ، عن ابن المبارك، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح قال: { قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما } قال: دعا موسى، وأمَّن هارُون. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي وزيد بن حباب، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب، قال: دعا موسى، وأمَّن هارون. قال: ثنا أبو معاوية، عن شيخ له، عن محمد بن كعب، قال: دعا موسى، وأمَّن هارون. حدثنا المثنى، قال: ثنا أبو نعيم قال: ثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، قال: { قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما } قال: دعا موسى، وأمَّن هارون. قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرحمن بن سعد، وعبد الله بن أبي جعفر، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس، قال: دعا موسى وأمَّن هارون، فذلك قوله: { قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما. } حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن رجل، عن عكرمة في قوله: { قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما } قال: كان موسى يدعو وهارون يؤمِّن، فذلك قوله { قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما. } حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: { قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما } لموسى وهارون. قال ابن جريج: قال عكرمة: أمِّن هارون على دعاء موسى، فقال الله: { قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فاسْتَقِيما }. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: كان هارون يقول: آمين، فقال الله: { قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما } فصار التأمين دعوة صار شريكه فيها. وأما قوله: { فاسْتَقِيما } فإنه أمر من الله تعالى لموسى وهارون بالاستقامة والثبات على أمرها من دعاء فرعون وقومه إلى الإجابة إلى توحيد الله وطاعته، إلى أن يأتيهم عقاب الله الذي أخبرهما أنه أجابهما فيه. كما: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جريج، قال ابن عباس: { فاسْتَقِيما }: فامضيا لأمري، وهي الاستقامة. قال ابن جريج يقولون: إن فرعون مكث بعد هذه الدعوة أربعين سنة. وقوله: { وَلا تَتَّبِعانِ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ } يقول: ولا تسلكان طريق الذين يجهلون حقيقة وعدي، فتستعجلان قضائي، فإن وعدي لا خالف له، وإن وعيدي نازل بفرعون وعذابي واقع به وبقومه.
{ "aya": [], "hadith": [], "verse": [ { "start": 688, "end": 720 }, { "start": 721, "end": 757 } ] }